المصريون
ربيع عبد الرؤوف الزواوي
أين دعاتنا اليوم من هذا المنهج؟!
تكشف سورة الشعراء من بدايتها إلى نهايتها منهج الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في دعوة أقوامهم، وترسم خطا واضحا لهذا المنهج لا تخطؤه عين المتأمل...


منهج رباني ارتضاه الله لهم وأوحى إليهم به، ودلهم عليه، ووفقهم لنهجه وسلوكه...


وتضع لنا السورة الكريمة الميزان الذي نستطيع أن نعرف به أنفسنا، ونعرف أين دعاتنا اليوم من هذا المنهج؟!!!..


تذكر السور الكريمة سبعة من الأنبياء الكرام كدليل على هذا المنهج الذي تدندن حوله؛ وهم بهذا الترتيب:
- موسى عليه السلام
- إبراهيم عليه السلام
- نوح عليه السلام
- هود عليه السلام
- صالح عليه السلام
- لوط عليه السلام
- شعيب عليه السلام


ويمكن أن ألخص هذا المنهج من وجهة نظري المتواضعة في نقاط مختصرة واضحة؛ هي:
- التعريف بالله وآلائه
- التحذير من الشرك
- وجوب طاعة الله وتقواه وعبادته
- التحذير من المعصية التي عليها أقوامهم
- التحذير من غضب الله وعذابه
- الصبر على التكذيب والسب


وقد لاحظت أن:
1- كل نبي منهم صارح قومه بالواقع المر الذي هم فيه بغير لف ولا دوران؛ وذكر لهم المعصية التي هم عليها بوضوح؛ تجد ذلك من خلال:
- (أتأتون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم)
- (أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين وزنوا بالقسطاس المستقيم ولا تبخسوا الناس أشياءهم)
- (وإذا بطشتم بطشتم جبارين)... إلخ.
هكذا بهذا الوضوح والمصارحة بغير تزويق ولا لف ولا دوران.


2- لا يهتم الأنبياء عليهم السلام بالشتم والسب من أقوامهم، إذ قضيتهم البيان والتبليغ والصبر على ذلك... وليس الانتقام أو الدفاع عن أنفسهم...


3- تم تكرار هاتين الآيتين الكريميتين بعد ذكر قصة كل نبي مع قومه؛ (إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم) وتم ذكرهما في أول السورة الكريمة مرة؛ فيكون مجموع ورود الايتين في السورة الكريمة 8 مرات، وهذا من وجهة نظري لما يلي:
- التنبيه على أن المذكور مهم (آية) يعني بينة وعلامة مهمة...
- التنبيه على صفتي (العزة) و (الرحمة) لله سبحانه وتعالى وأهمية إثباتهما بعد العذاب والعقاب الذي ينزل بالمكذبين...
- في التكرار والإلحاح بهما تنبيه للغافل الذي قد ينسى وهو يتلو الآيات ويتخذها مجرد قصص يحكى كما هو العادة...


4- آيات السورة الكريمة آيات قصيرة مختصرة حتى كادت تعد من المفصل، ولذلك بلغت 227 آية؛ فعدد آياتها أكثر من آيات سور آل عمران والنساء والسور الطوال عدا البقرة... وقصر الآيات هو ما يناسب الوضوح والبيان والصراحة والمكاشفة...


5- جاءت السورة الكريمة بعد سورة الفرقان وما أدراك ما سورة الفرقان... (تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون العالمين نذيرا) فكأن سورة الفرقان تمهيد لها وتقدمة بين يديها...


6- في سورة النمل بعدها تفصيل لبعض ما طوته سورة الشعراء من قصص كريم؛ ففصلت سورة النمل؛ قصص موسى ودادود وسليمان وصالح...


7- تسمت السورة الكريمة بسورة (الشعراء) الذين مر ذكرهم في آخرها... وإنه والله لعجب عجاب! فلم تسمى بسورة (المنهاج) أو (البلاغ) أو (التوضيح) أو (الرسل) أو (التكذيب)... إلخ مما هو محور أساس للسورة الكريم...


والسبب من وجهة نظري؛ حتى لا يجعل الدعاة منهجهم في الدعوة كمنهج أولئك الشعراء ليتبعهم الغاوون، وليعجبوا الناس، ولا يهيموا في كل واد كالشعراء ويتركوا واقع الناس المرير، وأن لا يهتموا بتزيين الألفاظ وتنميق الكلام على حساب القضايا المهمة التي وضحتها السورة الكريمة مع كل نبي مع قومه، وأن لا يقولوا ما لا يفعلون كما هو حال الشعراء...


8- لم يأت ذكر الأنبياء في السورة الكريمة بترتيبهم الزماني، بل جاء فيما يبدو لي حسب قوة التكذيب والإيذاء الذي تعرضوا له... ولذلك حاز موسى عليه السلام قصب السبق، ثم إبراهيم عليه الصلام، ثم أبو الانبياء نوح عليه السلام...


9- من بداية السورة مباشرة تنبه نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم بأن لا يحزن على المكذبين ولا يقتل نفسه كمدا عليهم، فلو شاء الله لنزل عليهم آية واضحة من آياته المنتقمات فظلوا خاضعين خائفين... لا ليس الأمر كذلك...


10- تضع السورة الكريمة في نهايتها 5 نقاط واضحة ومحددة لنبينا صلى الله عليه وسلم ليتبعها وليطبقها في دعوته ليكتمل النور وتتم نعمة الله على خلقه؛ فإنه خاتم المرسلين، ومرسل للعالمين وليس لقومه خاصة أو للعرب خاصة، بل للعالمين، هذه النقاط الخمس زيادة عما تقدم مع الانبياء السبعة هي:
- لا تدع مع الله إله آخر
- أنذر عشيرتك الأقربين
- اخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين
- فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون
- توكل على العزيز الرحيم


أخي الحبيب: أعد الآن قراءة السورة الكريمة ولاحظ بنفسك... ستجد ما أثبته لك وأكثر...
فسبحان من هذا كلامه...


اللهم ارزقنا فهم كتابك...
اللهم انفعنا بما فيه من الآيات والذكر...
وارزقنا اللهم تلاوته على الوجه الذي يرضيك...
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف