أحمد كامل البحيرى
من هو وزير خارجية سوريا الجديد؟
تشهد الأزمة السورية تحولات هيكلية في بنية الصراع للأطراف المتنازعة٬ فمن ناحية هناك تفوق نوعي لجبهة النظام السوري٬ وتراجع نسبي في أدوار التنظيمات المسلحة المختلفة والداعمين لهم٬ مع انهيار مستمر في قدرة تنظيم داعش، خصوصًا في أعقاب هزيمة التنظيم في الموصل٬ ويرجع التفوق النوعي في قدرة وسيطرة النظام السوري علي الكثير من مجريات الوضع العسكري والسياسي٬ ليس فقط لاستمرار الدعم الروسي المتنامي للنظام السوري، لكن لحدوث تغيرات في بعض المواقف الداعمة لبعض الأطراف المسلحة٬ وتدخل بعض القوي الإقليمية الجديدة كلاعب في الأزمة كما حدث في اتفاق هدنة «غوطة دمشق»، الذي وقع بالقاهرة بموافقة روسية إيرانية من ناحية٬ سعودية خليجية من ناحية أخرى٬ وهو ما دفع القاهرة لاستثمرار هذا النجاح لفتح مسارات متعددة كلاعب في الأزمة السورية٬ تلك المسارات بدأت بترشيح موسكو للقاهرة لتكون راعية لهدنة حمص بدلا من أنقرة٬ هذا التطور الجديدة بدخول فاعلين جدد على مسار الأزمة بأدوار أكثر فاعلية ساعد علي إحداث نوع من إعادة الهيكلة، ولو بشكل نسبي في بنية الصراع السوري٬ وبعيدًا عن تفاصيل تطورات الأزمة السورية على المستوي الداخلي والإقليمي والدولي يشهد المشهد السياسي لنظام الحكم في سوريا بعض التطورات الجديدة، التي سيكون لها تأثير مختلف في مسار التفاوض السياسي مع الأطراف الإقليمية والدولية٬ ويعتبر إحداث تغيير في رأس الدبلوماسية السورية بتولي وزير خارجية جديد بدلا من الوزير الحالي وليد المعلم يعتبر تطورًا جديدًا له تأثيراته وتداعياته على مستقبل التفاوض السياسي. (١) فمن حيث الشكل يعتبر تعيين وزير خارجية جديد للدولة السورية هو الأول من نوعة بعد أحداث ٢٠١١ ٬ حيث استمر الوزير وليد المعلم وزيرًا للخارجية لأكثر من ١١ عامًا، حيث تولى وزارة الخارجية منذ فبراير ٢٠٠٦ ٬ وكان واحدًا من أشهر وزراء الخارجية للنظام السوري٬ والذي لعب دورًا هامًا في إعادة العلاقة مع تركيا والمملكة العربية السعودية بعد فترة توتر في العلاقات استمر سنوات عدة٬ وهو أيضًا مهندس تحسن العلاقات بين الدولة السورية والعديد من الدول الأوروبية٬ وكان له دور هام في أعقاب الحراك الشعبي ٢٠١١ وتحوله لصراع مسلح مع منتصف ٢٠١٢ ٬ وهو ما دعا البعض بأن يعتبر وليد المعلم هو وزير خارجية سوريا الدائم، الذي لا يمكن أن يحدث تغيير في هذا المنصب٬ لكن مع تدهور الحالة الصحية لوزير خارجية سوريا وليد المعلم والتي دعت لدخوله مستشفي الجامعة الأمريكية في بيروت أكثر من مرة ولفترات طويلة٬ دفعت تلك الحالة الصحية لوليد المعلم النظام السوري لإعادة النظر في توليه منصب وزير الخارجية٬ لكن تلك الحالة الصحية هي مستمرة منذ أكثر من أربعة أعوام، ما يدفعنا لطرح بعض الأسباب الأخرى التي سرعت من وتيرة تفكير النظام السوري في تغيير وليد المعلم، ومنها تراجع دور منصب وزير الخارجية في ملف التفاوض مقارنة بالدور المتنامي لمندوب سوريا لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري٬ والذي لعب أدوارًا متعددة في ملف التفاوض جعله أقرب لمنصب وزير خارجية سوريا٬ وهو ما دفع البعض لطرح اسم بشار الجعفري كبديل للرئيس السوري بشار الأسد في مرحلة التوصل لاتفاق شامل لحل الأزمة السورية٬ هذا التصور الذي أصبح مقبولًا من العديد من الأطراف الإقليمية والدولية سواء الداعمة لنظام بشار الأسد (روسيا نموذج) أو بعض الأطراف الإقليمية (القاهرة والإمارات نموذجًا).
(٢) تطور الأوضاع في الداخل السوري وسرعة ملف التفاوض جعل بعض أركان النظام السوري أن يطرحوا (الدكتور أحمد الكزبري) لمنصب وزير خارجية سوريا٬ والذي أصبح الاسم الأقرب في بورصة الترشيحات لتولي منصب وزير خارجية سوريا، فمن هو أحمد الكزبري؟ وهو من مواليد ١٩٧١ بمحافظة دمشق حاصل على ليسانس الحقوق من جامعة دمشق والماجستير والدكتوراه في القانون من بريطانيا٬ عضو اللجنة الدستورية التي صاغت دستور سوريا الجديد بعد الأزمة (٢٠١١ ـ ٢٠١٢)، عضو مجلس الشعب السوري منذ عام ٢٠١١ وحتي الآن٬ عضو في لجنة التفاوض عن النظام السوري في مؤتمرات جنيف (٢٠١٤) وموسكو (٢٠١٥) وجنيف (٢٠١٦)٬ تلك الخبرات المختلفة تجعل من الدكتور أحمد الكزبري واحدًا من الأسماء المطروحة لتولي منصب وزير خارجية سوريا في وقت يشهد ملف الصراع تحولات حادة تحتاج إلى مهارات متعددة لمن يتولي منصب وزير الخارجية٬ فهل سيكون الكزبري وزيرًا للخارجية السورية؟ أم هناك أسماء أخرى؟ وهذا ما يمكن أن نتناوله لاحقا.