الأهرام
د . أحمد عاطف
لوكارنو يحتفل بعيده السبعين !
ربما لا يعرف الكثيرون أن سويسرا تمتلك مهرجانا سينمائيا كبيرا يأتى فى الأهمية ضمن أهم عشرة مهرجانات بالعالم. وهو «مهرجان لوكارنو» الذى اقيمت دورته الاولى عام 1947 و يحتفل هذه الأيام بانعقاد دورته رقم 70 التى احتفل بها مهرجان كان السينمائى العريق أيضا منذ أكثر من شهرين. و قد تسنى لى من قبل حضور دورة تاريخية لمهرجان لوكارنو عام 1996 ووقتها اقيم تكريم للمخرج الكبير الراحل يوسف شاهين بعرض 30 فيلما من أعماله منها فيلم المهاجر فى ميدان البريد أو البياتزا جراندى بمدينة لوكارنو: أحد أشهر أماكن العروض المفتوحة بالعالم، والذى يتسع لسبعة آلاف متفرج، يجلسون على مدى كيلومتر يشاهدون شاشة عملاقة بأعلى جودة للصوت والصورة.

مدينة لوكارنو ذاتها من أجمل مدن العالم والفن هناك يمارسه الكل فى الشارع من بائع الزهور وعازف الموسيقى وصانع الشيكولاتة السويسرية «السائلة» الى أهم مبدعى السينما والموسيقي.ورغم أن السينما مرتبطة بحب الحياة والانطلاق، لكن مجتمع السينما لا يرتاد مهرجانات كبرى فى فصل الصيف. فيونيو ويوليو هم شهرا الإجازات المقدسة لأهل الغرب. الاستثناء الوحيد هو مهرجان لوكارنو الذى أنشا بمبادرة من بعض المثقفين الايطاليين فى مدينة ميلانو ،عشية انتهاء الحرب العالمية الثانية، وكان هؤلاء لا يجدون مكانا للسينما التى يحبونها بمهرجان فيسيا الوليد ايضا، فاختاروا لوكارنو لأن لهم أواصر صلة هناك ولانها تتحدث الايطالية وعلى مقربة نصف ساعة من ميلانو، ومنذ عامه الأول تبنى لوكارنو سينما مختلفة انذاك وهى سينما الواقعية الجديدة فى إيطاليا و عرضت لأول مرة أفلاما أصبحت علامات سينمائية فيما بعد، مثل سارق الدراجات و«المانيا عام صفر».

يقيم المهرجان هذا العام مسابقة لأفلام التليفون المحمول للجمهور العادى تحت عنوان «فيلم عمرى» وقال المراقبون ان بعضهم قدم أفلاما عظيمة. و على عكس الجدال الكبير بمهرجان كان الفائت الذى تبنى فكرة أن التكنولوجيا القادمة تهدد السينما، يرى لوكارنو فيها حياة جديدة للسينما. يقول المهرجان إن السينما ستعيش أكثر لأننا سنستطيع مشاهدتها ليس فقط بدور العرض انما على شاشات التليفون المحمول والكمبيوتر اللوحى. أما الاهتمام بالشباب والتجارب الجديدة فهما السمة المميزة لمهرجان لوكارنو منذ انشائه فالمسابقة أساسا موجهة لهم. وبمناسبة العيد السبعين، سيعرض المهرجان الافلام الاولى لكبار صناع السينما مثل ماركو فيريرى وايريك رومير. كما يكرم المهرجان أسماء لامعة مادام له الفضل فى اعطائها قبلة الحياة الاولى وعلى رأسهم المخرج الأمريكى تود هاينز صاحب جائزة الأوسكار عن فيلم بعيد عن الجنة والجولدن جلوب عن كارول.

كما يكرم المهرجان النجم الأمريكى أدريان برودى حائز الأوسكار عن عازف البيانو لبولانسكى وبطل كينج كونج. ويقدم لوكارنو بانوراما للسينما المستقلة فى العالم ويعرض من خلالها أفلاما مدهشة مثل «جلدك الناعم» لوانج بينج وفيلم 9 اصابع «لأوسانج وفيلم مدام بوزون وكلها بالمسابقة. وكما دأب المهرجان على تقديم إضاءة خاصة على افلام «النوع» فيقدم بانوراما لأفلام الرعب لجاك تورنير. حتى السينما التجريبية لها مكانها أيضا بالمهرجان من خلال إقامة تكريم خاص للفيلسوف والمخرج جون مارى ستراوب. مع تقديم درة مختبئة لفيلم لم يكمله راؤول رويز منذ 1990، وتم مونتاجه بعد موته أخيرا وعنوانه «المسلسل المتجول». وهكذا يحاول المهرجان أن يقيم حوارا فعالا بين الماضى والحاضر، ويعيد الاهتمام بالشعر والبلاغة فى السينما، وجميع مفرداتها من الاعتناء بلغة الجسد، والتشكيل فى الصورة وتقديس النص. أما الافتتاح الاربعاء الماضى فكان بفيلم «غدا وكل الأيام» للفرنسية نويمى لوفوفسكى، التى تعد من أكثر الاصوات الموهوبة تميزا فى السينما، الفرنسية الان، ودائما ما تتعاون مع الفرنسية الايطالية فاليريا برونى تيديشي. وهو فيلم يتحدث عن العلاقات بين الأم وابنتها، وتعقيدات العلاقة بينهما. وعلى سينما البياتزا جراندى العملاقة تتألق نجمة أوروربية أخرى هى فانى أردان، بدور مميز جدا بفيلم «لولا باتر». وتضم قائمة التكريمات تقديرا للمثل والمخرج الفرنسى ماثيو كاسوفيتس صاحب فيلم الكراهية» ، ويعرض له هذا العام فيلم «السجال» عن ملاكم فى مرثية للطبقة الشعبية بفرنسا. ومن ضمن الأفلام المهمة أيضا هذا العام فيلم «كلب» للفرنسى صمويل بن شتريت وفيلم بلجيكى صادم هو «ترك الجثث تأخذ اللون البرونزى» لهيلان كاتيه وبرونو فورزانى اللذين يقدمان عالما كابوسيا اشبه بأفلام تارانتينو وسرجيو ليونى.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف