لا أقصد بهذه التماسيح ما تم ضبطه من أيام مع شاب يعرض 30 تمساحا للبيع.. ولكننى أقصد تماسيح النيل التي رفعت علم مصر عاليا منذ حوالي قرن من الزمان، عندما نجح اسحق حلمي في أن يكون أول مصري ينجح في عبور المانش، وهو بحر داخلي يفصل الجزر البريطانية عن فرنسا.
وسبب ذلك ما حققته السباحة الحديثة فريدة عثمان وحصولها علي برونزية العالم في السباحة، ولو لمسافة 50 مترا.. فهذه المسابقات هي المعترف بها الآن، أي سباحات السرعة.. وليس القدرة التي نجح فيها تماسيح مصر..
وربما لأننا لم نحصل من زمان علي بطولات رياضية دولية، بالذات لأننا نهتم فقط بالألعاب الجماهيرية.. وليس الاعجاز الفردي.. ولا ننسي هنا سباح أمريكا الأشهر جوني ويسمولر «1904-1984» الذي فاز بخمس جوائز اوليمبية وضرب28 رقماً قياسيا دوليا في السباحة الحرة وبسبب هذا استثمرت هوليوود جوني هذا فصار واحدا من أشهر من أدي دور طرزان عام 1948..
<< واستعدت هنا بطولات تماسيح النيل العالمية: حسن عبدالرحيم. ومرعي حسن حماد وعبداللطيف أبو هيف.. وعبدالمنعم عبده. وأتذكر أن مصطفي النحاس باشا عندما كان رئيسا لحكومة مصر لآخر مرة من يناير 50 الي يناير 1952 أن كرم عبدالرحيم وحماد.. ومنح كل واحد منهما منزلا بحديقة تقديراً.. ولكن جاء أبو هيف ليتفوق علي الكل ويحقق بطولات عالميةـ أخري ـ في يوغوسلافيا وفي كندا حتي صار بطل أبطال سباحة المسافات الطويلة.. ولكن كان وراء كل هذه المعجزات جهاز اداري وتدريبي من الدرجة الممتازة مازلت أتذكر منه الراحل شفشق. والراحل الحديدي وكيف أدارا كل هذه النجاحات بالذات في بحر المانش.
<< وكان عبور المانش هو مقياس القدرة والتفوق في سباحات المسافات الطويلة حتي وإن كان النظام الرياضي العالمي لا يعترف بالتفوق في هذه النوعية من السباقات.. ولكن الكثيرين حولوا هذا المانش ـ عالي الأمواج ـ كثير أسماك القرش ـ الي سباقات يحتكر أبطال مصر كل بطولاتها.. حتي ان البعض كان يقول من لم يسبح في المانش، ليس سباحاً. وكان ذلك وراء إصرار عبدالمنعم عبده علي المحاولة وراء أخري لكي يعبر المانش.. ولم ينجح إلا بعد المحاولة السابعة!! وبسبب نجاحه هذه المرة عشقته سباحة انجليزية وتزوجته هي مارجريت فيدر.. وأنجب منها!!
<< وتغيرت مفاهيم سباقات السباحة، بعد أن أصبحت من أهم مسابقات الألعاب الأوليمبية، ولكن للمسافات القصيرة.. فالعبرة هنا هي للسرعة.. أما سباحو مصر فكانوا يعتمدون علي «القدرة» حتي ان مصر نظمت سباقات للسباحة من دمياط الي رأس البر والمسافة بينهما 15 كيلو.. ونجح عبدالمنعم عبده في السباحة بين المدينتين 8 مرات.. متتالية.. تخيلوا. وخاض أبو هيف التجربة ونجح فيها حتي حقق بطولات عالمية في يوغوسلافيا وفي كندا وتحول الي معجزة عالمية.. عليه رحمة الله.
<< كل ذلك جاء الي ذاكرتي منذ تابعت وأنا أمشي علي البر محاولة جريئة لسباحة مصرية في النصف الأول من أربعينيات القرن الماضي أصبحت فيما بعد عميدة المعهد العالي للتربية الرياضية بنات.. وهي تسبح من دمياط الي رأس البر.. وكانت عقوبتي من والدي علقة سخنة رهيبة خشية عليّ..
وكم أتمني أن تحقق فريدة عثمان العديد من الانتصارات بشرط توافر الرعاية الكافية من الاتحاد.. ومن الدولة.. حتي نستعيد معها تاريخاً عظيماً لمصر في عالم السباحة!!