سكينة فؤاد
الخوف على مصر.. حقيقة أم أوهام؟!
كأننا يجب أن نظل نُعيد ونكرر المُعاد والمعروف والمنشور.. ونعيد انعاش ذاكرة الذين التبست عليهم مطالبة الرئيس للاعلام بتشكيل فوبيا ضد إسقاط الدولة؟!
أثق أن الرئيس تعمد استخدام كلمة صادمة تستدعى أعلى درجات الانتباه والوعى والإدراك بحجم الأخطار والمخططات التى حاولت المستحيل ومازالت تحاول لإسقاط مصر ـ إسقاط وطن بحجم وقيمة وأهمية مصر فى عالمها العربى وليس إسقاط نظام بعينه ـ فالمخططات الاستعمارية الجديدة تعود إلى منتصف القرن الماضى نذكر أو لا نذكر مشروع المدعو برنارد لويس الذى تخصص فى تاريخ الدولة العثمانية والشرق الأوسط والشرق الأدنى والاسلام ومشروع تقسيم جديد للمنطقة قدمه عام 1980 إلى مستشار الأمن القومى للرئيس الأمريكى كارتر وفى القلب من التقسيمات التى شملت جميع دول المنطقة قُسمت مصر إلى دولة اسلامية عاصمتها القاهرة ودولة مسيحية عاصمتها الاسكندرية ـ ومن أسيوط إلى شمال السودان دولة نوبية عاصمتها أسوان وأهدى التقسيم الشيطانى سيناء وشرق الدلتا لفلسطين بسيادة دولة إسرائيل وأقرت كونداليزا رايس فى 2006 بأن إسقاط الحكم فى العراق كان ضروريا لاقامة الشرق الأوسط الجديد ـ ونشرت مجلة القوات المسلحة الأمريكية خرائط الشرق الأوسط المستهدف وتقرير لضابط سابق بالمخابرات العسكرية ـ رالف بيترز تتضمن أجزاء من كتاب له بعنوان «أبدا لا نترك الميدان» ـ كان عنوان التقرير «الحدود الدامية» وكان من أهم ما جاء فيه التغييرات التى يجب أن تتم للحدود الدولية فى المنطقة!! ومعروف ومنشور عشرات المرات أن «رايس» أطلقت على سقوط مصر فى اطار المخطط ـ هو الجائزة الكبرى وتوالت براهين أن تمكين جماعة الإخوان كان فى مقدمة وسائل تحقيق وتمكين المخطط الذى أوقف المصريون استكماله بخروجهم لاسترداد ثورتهم ذلك الخروج غير المسبوق فى تاريخ الثورات البشرية فى 30/6 والذى أعلن أن الجائزة الكبرى بمشيئة الله وبإرادة هذا الشعب ودعم جيشه الوطنى لن تتحقق أبدا.
> هل استسلم المتآمرون والمخططون والممولون ورفعوا الرايات البيضاء وسلموا بفشلهم فى إلحاق مصر بما ارتكب فى العراق وسوريا وليبيا واليمن؟!!
أبدا.. لم تتوقف حلقات الاتجار بدماء المصريين واسقاط هذا الوطن منذ 30/6 و3/7 و26/7 عندما طلب قائد الجيش الفريق السيسى تفويضا من الشعب لمواجهة الارهاب المحتمل الذى لم يدرك أغلب المصريين ساعتها المقصود منه وتولت الأيام والأحداث اثباته حيث لم تتوقف من يومها المحاولات الآثمة لإسقاط مصر وأُديرت جميع الوسائل القذرة والاجرامية بجميع الأدوات والوسائل والجماعات العميلة والإرهاب الذى زرع فى سيناء وضُربت السياحة واستكمل إنهاك اقتصاد منهك والتلاعب بالعملة الصعبة وأموال المصريين بالخارج وضرب اقتصاد الدول العربية الشقيقة التى دعمت مصر بكل ما تستطيع حتى أصبح من المستحيل تقديم هذا الدعم وكل ما يضطر مصر إلى اجراءات اقتصادية قاسية تغضب الشعب وتحرضه ضد استقرار بلاده.. وكالمتوقع والمنتظر من المصريين انتصروا لبلدهم وتفهموا وقدروا الظروف الصعبة التى تفرض عليها وواصلوا صمودهم البطولى وتحديهم للإرهاب ولحلقات الاتجار بدمائهم واستشهاد أبنائهم وترويعهم ونشر الفتن والأكاذيب بينهم ومحاولات فك العروة الوثقى التى تربطهم بجيشهم وشق وحدة النسيج الوطنى الذى استقوى به المصريون مسلمون ومسيحيون طوال تاريخهم.. وفى سيناء تواصل شق آلاف الأنفاق لتحويلها إلى مزرعة للإرهابيين الذين زودوا بأحدث أسلحة ومعدات الحرب وعادت قواتنا الباسلة وبمعاونة الأمناء من أبناء سيناء تخوض حربا جديدة لحماية وتطهير هذا الجزء العزيز والمستهدف من أرضنا.
لا أعرف إن كانت هذه أوهام أم حقائق وجرائم تحققت على الأرض وكما خططوها ورسموا فى وثائقهم المعلنة؟!! وإلى أن شاءت المعجزة الإلهية ايقافهم بأيدى المصريين وثورتهم ودعم جيشهم.. الذين تحولوا بالطبع إلى أعداء ألداء لجميع شركاء مخططات التقسيم واعادة ترسيم حدودها بدماء أبنائها!!
إذن أين يكمن الخطر الذى جعل الرئيس يطلب من الاعلام تحويل إسقاط الدولة إلى خوف وترهيب يستدعى أعلى درجات الانتباه واليقظة من المصريين للحفاظ على بلادهم؟!
فى رأيى أن هناك عوامل كثيرة فى مقدمتها أن صناع المخطط لن يهادنوا إفشال أو ايقاف المصريين وجيشهم لما أعدوه ورسموه لأن مصر تمثل القلب النابض لأمتها والذى يستطيع أن يجمع شملها وشتاتها بكل ما تمثله من قوة إقليمية وسياسية وبشرية وحضارية فى المنطقة وفى العالم بعامل خطير آخر يتمثل فى ذاكرتنا سريعة النسيان لحقيقة ما يحدث فى المنطقة وأن الأمر أكبر من ممارسات جماعات إرهابية تستخدم عن وعى أو لا وعى لمخطط أكبر بعد أن اكتشفوا أن تقسيم سايكس ـ بيكو لم يحقق أهدافه والمرجو منه لتسليم المنطقة إدارة ونفوذا وسيادة للكيان الصهيونى وأنه لابد من تقسيم وتفتيت جديد ـ أدركوا أنه لا يمكن أن يتحقق والجبابرة المصريون صامدون لم يتهاووا ولم ينكسروا تحت الضربات الموجعة التى وجهت إليهم.
ماذا يعنى هذا..؟!! أن الحرب على هؤلاء الجبابرة خاصة إذا توافرت لهم عوامل الدعم السياسى والاجتماعى والانسانى والاقتصادى يجب أن تزداد شراسة وبما يفرض أن يكون وعى وانتباه ويقظة المصريين عند أعلى درجاتهم حتى لا تفتح ثغرات للتسلل من خلال استغلال ما وضعه فيهم التاريخ والجغرافيا ووفرة ثرواتهم البشرية والطبيعية من أمان واسترخاء واطمئنان داخلى يصل أحيانا إلى حدود التفريط والتهوين ويحول التوكل إلى تواكل بالاضافة إلى موروث عشرات السنوات من الفساد والإفساد والمستحدث من نشر الفتن والأكاذيب والتشكيك فى قيمة وحقيقة كل شيء!!
> أيضا الخوف على الوطن والاصطفاف وراءه كما يستدعيه ويعظمه إدراك وفهم ووضوح الرؤية الموثقة بالمخاطر التى تحيط به وهى رسالة ومهمة من أهم المهمات الوطنية المطلوبة من الاعلام الآن ـ أيضا يستدعيه ويُعظمه احترام الحريات المسئولة والقضاء على جميع أشكال التمييز وتحميل تبعات الأزمات وخاصة الاقتصادية للأكثر قدرة على تحملها.. والسعى لتحقيق العدالة الاجتماعية والعيش الآمن والكرامة الأنسانية وكل ما خرج المصريون وثاروا من أجل تحقيقه.