الوفد
سناء السعيد
لقاء نادر..
لقطة نادرة لصورة نشرت الثلاثاء الماضى جمعت بين عادل الجبير وزير خارجية السعودية مع محمد جواد ظريف وزير خارجية ايران على هامش اجتماع منظمة التعاون الخليجى فى اسطنبول. الصورة أثارت الكثير من التساؤلات حول موقف السعودية الحقيقى من ايران. لقد سارع التلفزيون الايرانى فعرض صور اللقاء وقال مراسله بأن الجبير صافح ظريف وعانقه ليقتصر اللقاء على التحية والمصافحة، وهو ما اعتبره ظريف مسألة طبيعية تحدث خلال الاجتماعات الدولية. بيد أنه عقب قائلا:( نعرف بعضنا بعضا منذ سنين. ورغم رفضنا للعديد من السياسات السعودية إلا أن اقامة علاقات جيدة مع دول الجوار لطالما كانت ضمن أولوياتنا، فسياسة ايران لم تكن يوما قائمة على الابتعاد عن دول الجوار، فهى ترى مصلحتها فى أن تكون المنطقة قوية تنعم بالأمن والاستقرار)
ولا شك أن التجاذبات التى حدثت منذ الخامس من يونيو الماضى بين مصر والسعودية والامارات والبحرين وبين قطر قد سلطت الأضواء على ايران بوصفها محور الخلاف فى معادلة العلاقات العربية الايرانية. غير أن المصافحة المذكورة بين الجبير وظريف يمكن أن تكون مقدمة للقاءات أكثر بين الدولتين يتم خلالها المصارحة وطرح كل طرف لمخاوفه تجنبا لصراعات لا جدوى منها. ولهذا بات يتعين على الطرفين التضامن من منطلق الوعى بأن العدو الوحيد للأمة هو إسرائيل المحرك الأساسى للقلاقل والتوترات والحروب فى المنطقة، ومن منطلق أن وحدة الموقف من شأنها أن توفر مناخا جيدا يتحقق فى اطاره الأمن والرفاهية لكافة شعوب المنطقة الاستراتيجية والهامة للعالم أجمع لا سيما وأن كلا من الطرفين له تأثير كبير على الاستقرار فيها.
ايران ليست مصدر خطر على الأمن القومى العربى، ومن ثم كان التباعد معها غير مبرر. بل ليست هناك أسباب حقيقية معروفة له حتى الآن. ولهذا كان يؤمل أن تسارع دول الخليج بمد يدها إلى الجار الأقرب لها، وأن تجعل من الخليج رابطا بين الأمة العربية وايران وليس فاصلا جغرافيا بينهما، فالجوار بين الدول والشعوب أمر لا مفر منه بحكم الجغرافيا. ومن ثم كان لابد من إقامة علاقات تقارب وتعاون مع هذا الجار بما يحقق مصالح الطرفين. وعليه فلقد آن الأوان لدول المنطقة كى تشرع فى جسر الهوة فيما بينها لتصبح بذلك بمنأى عن الغرب المريض الذى ظل حريصا على شيطنة ايران وتصويرها كفزاعة تمثل الخطر الأكبر على الأمن القومى العربى، فجسر الهوة بين الطرفين من شأنه أن يكون عاملا فى تعزيز أمن الخليج والدفاع عن مصالح دول المنطقة. بل ويسمح بموازنة المواقف. بالاضافة إلى قطع الطريق على أمريكا ومن التحف معها فى تغذية الصراع وتأجيجه حيث إنها المستفيد الأكبر من وراء ذلك من خلال صفقات بيع السلاح للدول الخليجية، واقامة قواعد عسكرية لها فى المنطقة لتتخذ منها ذريعة لاستمرار هيمنتها على مقدرات دولها.
يتعين اليوم تحويل قضايا الخلافات إلى الحوار والتفاوض لكى تتوفر الرغبة الحقيقية فى التقارب بين الجانبين، فلا مصلحة لأحد فى أن يستمر السجال بينهما دون تقديم بدائل تعمل على تقريب وجهات النظر كى نبتعد ما أمكن عن الملف العقائدى المذهبى الذى أدخل المنطقة فى أتون صراعات هى فى غنى عنها. وبالتالى فإن التخوف الخليجى من ايران أمر مبالغ فيه لا سيما وأن قضية البرنامج النووى قد حلت فى أعقاب اتفاق 14 يوليو 2015. ويظل الأمل معقودا على علاقات حسن الجوار القائمة على الاحترام المتبادل وتبادل المصالح من أجل اعادة التوازن المفقود للمنطقة....
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف