أحمد رفعت
اللقاء الأول والأخير مع فرج فودة!
انتهت المناظرة الشهيرة التى كانت بينه وحده من جانب وعدد آخر فى مواجهته من رموز التيار الإسلامى كان من بينهم مرشد الإرهابية الاسبق المأمون الهضيبى والشيخ محمد الغزالى ومحمد سليم العوا وأخرين.. كان الجو فى القاعة الكبيرة التى امتلأت عن آخرها يكفى لإرهاب أى شخص يختلف مع الإسلاميين ويكفى أيضا توقع نتيجة المناظرة وحسمها بالطبع لاصحاب الأغلبية الكاسحة الحاضرة بحشد نظمته ورتبت له وانفقت عليه الجماعة الإرهابية وحلفاؤها!
دار الحوار حول الدولة المدنية وعن مرجعية الدستور والقانون وعن بشرية المكلفين بالشأن العام بما لا يرفع عنهم حتمية الصواب والخطأ وهوما جرى حتى فى العصور الرشيدة لأن من كان يدير الشأن العام وقتها أيضا بشر!
كان الحاضرون يملأون الدنيا ضجيجا عقب كل حرف ينطق به فرج فودة بينما يهللون فى المقابل لكل حرف يقوله واحد من الفريق الاخر ولكن استطاع ممثل الهيئة العامة للكتاب التى تشرف على المعرض الدولى بأرض المعارض أن يحكم القاعة ويضبط النظام بداخلها حتى انتهت بسلام وبعدها التففنا حول الدكتور فرج فودة.. قلنا له إننا طلبة جامعيون وقد قرأنا اغلب كتبة وتناقشنا فى بعض القضايا ومنها الكتب التى ردت عليه مثل «سقوط قبل السقوط وسقوط صاحبه» وغيرها.. كنت بالفعل قرأت «الحقيقة الغائبة» وكان ردا على «الفريضة الغائبة» لمفكر تنظيم الجهاد محمد عبدالسلام فرج.. وقرأنا «قبل السقوط» و«زواج المتعة» و«العلمانية» وهو كتاب مشترك بينه وبين آخرين و«الإرهاب» وأخيرا كتابه «الملعوب» الذى أهدانا إحدى نسخة مع إهداء رقيق منه ووزع غيرها كانوا فى سيارته على اخرين جاءوا إليه لتهنئته على فوزه بالمناظرة وعلى شجاعته فى مواجهة هذا التيار بكل رموزه!
لم يكن فودة يعلم ولا نحن نعلم ولا أحد من حضور المناظرة يعلم أنه اللقاء الاخير له.. وأن الرد على منطقه لن يكون بالحجة والمنطق والحوار.. ولكن هذه المرة بالرصاص لإسكاته إلى الأبد.. وبعد سنوات تعيد دور نشر مطبوعاته كلها وتحقق أعلى مبيعات ويتحول إلى رمز شجاع واجه التطرف والإرهاب فى لحظة فارقة لو كنا انتبهنا إليه أو استمعنا له ما كنا نواجه الإرهاب اليوم بشراسته وخسته!
رحم الله فرج فودة الرجل الذى كانت تهمته الوحيدة نفى العنف والإرهاب عن الإسلام بينما خصومه يعتقدون أنهم يقدمون الإسلام للدنيا فقدموا أسوأ ما يمكن تقديمه عن دين عظيم جاء للبشرية برسائل الحق والعدل والخير والتسامح والجمال والحرية!