الجمهورية
عبد الرحمن فهمى
حرية الرأي.. أبدية
الحرية هي أغلي ما يملكه الإنسان.. عبارة قالها وكتبها كل أدباء ومفكري وفلاسفة العالم.. هناك حرية البلد وحرية الفن وحرية الرأي.. أما حرية الإنسان فقد انتزعها للأبد الرئيس الأمريكي ابراهام لينكولن عام ..1861 محرر العبيد.. أنهي للأبد تجارة الرق.. تجارة البشر.. وبقي الصراع علي حرية البلد وحرية الفن وحرية الرأي.. وللدفاع عن هذه الحريات طريقان لا ثالث لهما.. الطريق السلبي والطريق الإيجابي..
الطريق السلبي له زعيمان كبيران دخلا التاريخ من أوسع أبوابه.. غاندي ومانديلا.. غاندي أعظم زعماء الهند خلع ملابسه العادية مرتديا البسيط للغاية من اللون الأبيض وأخذ ماعزه وهاجر بعيداً عن العالم كله.. لم تفتقده الهند وحدها.. بل افتقده العالم كله وهذا وحده هز امبراطورية من كندا إلي استراليا مروراً بالهند ومصر. هذه الأسطورة الذي عاش علي لبن ماعز فقط كان السبب في استقلال بلده مانديللا سجنوه 27 عاماً في غرفة صغيرة.. ظلت بريطانيا العظمي 27 عاماً تنتظر رسالة من المسجون يطلب الافراج عنه للتفاوض معها دون جدوي.. هذا هو الجهاد السلبي.. هذا هو الدفاع عن الحرية بالطريق السلبي.
***
عندما زار الرئيس الأمريكي كنيدي جنوب افريقيا زيارة رسمية.. لاعجابه بشخصية مانديلا الذي قرأ عنه كثيراً.. من بروتوكول الزيارات الرسمية استضافه رئيس الدولة للزائر وزوجته في بيت في زيارة عائلية.. تعجب كنيدي من منظر بيت رئيس الجمهورية الأكثر من متواضع والأثاث القديم المتهالك المكسور في بعض أدواته!!!! لمح مانديلا نظرات كنيدي وزوجته.. لذا بعد انتهاء الزيارة نزل مانديلا مع كنيدي وركب معه السيارة وذهبوا جميعاً إلي السجن ودخلوا الغرفة التي كان مانديلا محبوساً فيها.. وقال له مانديلا :
.. سيدي الرئيس.. ماذا تنتظر من رجل قضي 27 عاماً في هذه الحجرة.. هل كان من الممكن أن ينتقل الرجل من هذه الحجرة إلي القصر الجمهوري!!!!!!
***
هذان مثالان للدفاع عن حرية البلد كلها.. ولكن الدفاع عن حرية الرأي وحرية الفن لا أعتقد أن السلبية تكون مجدية..
مستحيل مثلا أن لا ينتج أهل الفن أفلاماً بطريقة جماعية حتي لا تجد دور السينما إلا الأفلام القديمة التي رآها الجمهور عدة مرات.. ولا أن تغلق دور السينما أبوابها وهناك عمال وموظفون هذا أكل عيشهم.. وأيضاً من الصعب الاضراب عن انتاج المسلسلات بحجة تعنت الرقابة الفنية وكثرة ملاحظاتها والغرامات.. وهناك استوديوهات مفتوحة للعمل من أجل مئات البيوت المفتوحة!!!!
***
الخلاصة.. أن الطريق السلبي للدفاع عن حرية الفن من الصعب أو قل من المستحيل أن ينجح.. عكس الدفاع عن حرية الرأي.. هناك طرق كثيرة للدفاع عن حرية الرأي بالذات.. بل هناك قول بأنه من المستحيل أن ينهزم صاحب الرأي.. زمان قالوا لعلي أمين :
ــ ماذا لو منعوك من كتابة "عمود "فكرة" في جريدة الأخبار؟!
قال : بالريشة بدل القلم وعلي أي حائط أبيض بدلاً من الجريدة سأكتب الفكرة.
وهناك حكاية عبدالمنعم رضا ملك الكاريكاتير.. منعوا له رسماً.. فظهرت الجريدة في اليوم التالي المربع أبيض خالي من الرسم فقط إمضاء رخا في الذيل.
حرية الرأي فقط التي لها عدة طرق للدفاع عنها.. حتي لو اسقطنا طريق السلبية.. ما قيمة الرأي إذا لم تقله بأية طريقة من هنا ظهرت المقالات التي تحمل أكثر من معني وكذلك بعض العبارات.. كامل الشناوي له كتاب اسمه "ساعات" كله عبارات هجوم علي الدكتاتورية بطريقة رائعة أكثر فاعلية من الكلام المكشوف.. لذا قيل إن الرأي الحر لا ينهزم قط مهما كانت القوة المضادة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف