الدستور
اللواء- طلعت-أحمد- مسلم
تطورات عسكرية إقليمية لها ما وراءها
يلاحظ فى الفترة الأخيرة تواتر الأحداث ذات الطابع العسكرى، وهذه الأحداث لا بد من أن تتكامل فى أحداث أخرى، وهى منذ البداية لا تشير إلى اتجاه بعينه، فهى يمكن أن تؤدى إلى نتائج متناقضة، أى أنها لا تؤدى بذاتها إلى تطورات معينة، وأنها تنتظر باقى التطورات لتشكل الصورة النهائية، وكما هو واضح فإننا نركز على التطورات ذات الطابع العسكرى، لكن بعض هذه التطورات ليست ذات طابع عسكرى بحت، ولكن أيًا كان الطابع فإن له أثره فى الوضع الاستراتيجى والعلاقات العسكرية. هنا يمكن أن نتذكر عناوين التطورات، لكى نبحث فيما بعد تصورات ما يمكن أن تسفر عنه.
وأبدأ القول بزيارة وفد عسكرى برئاسة وزير دفاع تشاد وإجرائهم مباحثات مع كبار المسئولين فى مصر والاتفاق على التعاون بين قوات الدولتين، ولمن لا يعرف فإن تشاد تقع فى جنوب غرب مصر، وجنوب ليبيا، وغرب السودان. التطور التالى زيارة وزير خارجية الجزائر وتطابق مواقف مصر والجزائر حيال القضايا المختلفة، ولمن لا يعرف فإن الجزائر غرب ليبيا وتونس، وهى من الدول العربية التى لديها كتلة سكانية كبيرة ولها موارد طبيعية جيدة.
التطور التالى مصرى بالدرجة الأولى.. وأى تطور مصرى لا بد أن يكون له امتداده العربى، ويتلخص فى احتفال الكلية الفنية العسكرية المصرية بتكريم المتفوقين من خريجيها وباحثيها وخريجى الكليات المدنية من نفس طابعها، ولمن لا يعلم فإن خريجى وباحثى الكلية بعضهم من الدول العربية الشقيقة، ويلى ما سبق نبأ عن إنشاء قاعدة عسكرية صينية فى الدولة العربية جيبوتى، ولمن لا يعرف فإن فى جيبوتى قاعدة عسكرية أمريكية وأخرى فرنسية، وأن هذه القاعدة هى أول قاعدة عسكرية صينية خارج الأراضى الصينية، وأن جيبوتى تشرف على الشاطئ الغربى لمضيق باب المندب، الذى تشرف اليمن على شاطئه الشرقى.
ويلى ما سبق زيارة لقائد القوات البحرية لكوريا الجنوبية، وهى دولة بعيدة عن الإقليم العربى، إلا أننا نتذكر أن الخلافات بين كوريا الجنوبية وشقيقتها الشمالية تطبع أى علاقات مع أى من الدولتين، أخيرًا فإن القوات البحرية المصرية أجرت تدريبًا مشتركًا مع القوات البحرية اليونانية، ورغم العلاقات الطيبة مع اليونان فإنه لا بد أولًا من أن نتذكر أن اليونان دولة من دول البحر المتوسط، وأنها عضو فى حلف شمال الأطلسى.
يبدو من النظرة الأولى أن العلاقات بين كل من مصر وتشاد والجزائر وتونس تشكل تقريبًا دول جوار ليبيا، فإذا انضمت إليها ليبيا- التى يتولى رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية إدارة محاولة استعادة استقرارها وعودة النظام إليها- فإن هذا يمكن أن يشكل نواة لتجمع عربى إفريقى له علاقة بتشاد وقوة عربية مشتركة بديلة جزئيًا عن القوة، التى كنا نسعى إلى إنشائها فى الجامعة العربية وتوقفت نتيجة موقف خليجى. وهنا يمكن فى حال تشكيل النواة السابقة أن تشكل قوة أخرى آسيوية، وهى قوة يمكن أن تصبح ذات فائدة كبيرة للأمن القومى العربى وقد تساعد على إقالة الوطن العربى من عثرته.
لا أستطيع أن أغمض العين عما قامت به الكلية الفنية العسكرية وهى كلية أنشأتها ثورة ٢٣ يوليو العظيمة بهدف أن تلحق مصر بقطار التطور التكنولوجى والبحث العلمى، وهى تهتم بالباحثين والطلبة المتفوقين فى الرياضيات، ويعتبر تعاون الكلية مع باقى الكليات ذات الاهتمام المشترك والأهداف طريق المستقبل، وهى ربما تكون الطريق إلى تحقيق ما أشار إليه الأستاذ الدكتور شريف دلاور فى مؤتمر الشباب الدولى الرابع الذى أقيم فى الإسكندرية مؤخرًا، أى أننا يجب ألا يكون هدفنا هو اللحاق بالثورة الصناعية الثالثة فقط، بل إننا يجب من الآن أن نعمل على المشاركة فى الثورة الصناعية الرابعة.
يعتبر إنشاء قاعدة عسكرية صينية فى جيبوتى علامة أو علامات على تطورات متوقعة فى المستقبل غير البعيد، أولاها أن الصين تستعد للقيام بدور خارجى عالمى عسكرى، فى حين أننا كنا نرى أنها كانت تحجم عن القيام بدور عسكرى عالمى وليس إقليميًا فقط. التطور المتوقع الآخر هو أنه يبدو أن مضيق باب المندب قد يكون محور صراع فى الفترة المقبلة، وأن هذا الصراع قد يكون عسكريًا، وهذا لا بد أن يكون له أثره على قناة السويس، ولا أدعى أن لدىّ تصورًا محددًا.. لكن هذا يتطلب دراسة تمتد زمنًا ليس بالقصير. أقفز إلى مناورات ميدوزا ٢٠١٧ مع اليونان فأقول: إننا يمكن أن نستفيد فائدة محدودة وأن التعاون مع اليونان يكون فى تبادل الخبرات أكثر منه التدريب على عمل عسكرى مشترك.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف