فى طنطا ملأت إعلانات مركز طبى لعلاج المس الشيطانى والربط السفلى الشوارع . طنطا كلها تتكلم، بينما المركز «يشغى» مرضى وملبوسين ومربوطين ايضا.
يبدو ان حالات الربط منتشرة.. ربك يكفيك الشر والسوء.. «لو ملبوس، او عايز ترد طليقتك أو أهل خطيبتك مش موافقين، أمنيتك هتتحقق فى المركز.. وكله بالقرآن والأعشاب».. هذا نص واحد من اعلانات المركز الطبى اياه. على مواقع التواصل نقلوا صور الاعلانات على حوائط العمارة التى يشغلها المركز، وهاتك يا نكت.. وكلام ابيح.. يخيبهم نشطاء مواقع التواصل.. أكثر سفالة من نشطاء يناير، لكن ربك والحق.. لهم حق هذه المرة. اللافتات التى ملأت شوارع طنطا تحتمل اكثر من السخرية، وتتحمل اكثر من كلام ابيح.
وصلت لحد كده؟ وصلنا لهذه الدرجة؟
آه وصلت.. وعدّت وباخت ومسّخت . ولما الصحافة نشرت، ردت وزارة الصحة بتشكيل لجنة . قالت الوزارة فى رد نشرته الجرائد إنها ستفحص الحالة، ولو تأكدت من مخالفات فستطبق اللائحة فورا!
صباح الخير يا لائحة. نهارنا عسل يا لجان وتحقيقات وخبراء يفحصون ويتداولون ويتناقشون، بينما لافتات مركز طبى لعلاج المس، وجلب المطلقة لا تزال فى الشوارع حتى كتابة هذه السطور. للآن العمارة التى بها المركز الطبى تعانى زحام ألوف المرضى .. ومئات الممسوسين.
رد فعل وزارة الصحة اصعب من قصة المركز اياه. رد الوزارة اكبر اثرا من ظهور مركز طبى فى ذلك التخصص العلاجى الجديد. رد الوزارة كأنه قلمين على الوجه.. بينما اعلانات المركز اياه قلم واحد . قلمين وزارة الصحة طرقعوا.. لكن اللى يطرقع عند وزير الصحة ما يتحسبش.
هى محتاجة لجنة؟ الاعلان بيقولك: علاج المس والجن واعادة المطلقة وفك النحس بالاعشاب والقرآن. تعمل ايه اللجنة؟ تدرس ايه؟ ما نوعية الفحص الذى مفترض أن تفحصه؟ ما الاختبارات التى سوف تجريها اللجنة للتأكد من ان المركز الطبى لا هو مركز، ولا هو طبى، ولا هناك فرع من فروع الطب اسمه «رد المطلقة وجلب الحبيب» من الاساس ؟
على تويتر ، والنقاش دائر ، كتب طبيب ان العيادات المزيفة امر شائع. قال إن الامر فى الاقاليم زائد عن الحد، وهناك وقائع كثيرة لأطباء قلب واوعية دموية وباطنة وعظام، فتحوا عيادات، بينما هم ليسوا اطباء اصلا. بعضهم لا يزالون طلبة بكلية الطب، وبعضهم ساقط طب، وهناك كثيرون تبين انهم لم يدرسوا طب ابدا.
هل نصدق هذا الكلام؟ هل يعُقل هذا الحديث؟ لو صدقنا تبقى مصيبة.. لو صح تكون بلوى سوداء وخراب مستعجل. عيادات مفتوحة لاطباء لابسين أطباء، بينما هم فى واقع الامر ليسوا اطباء؟ دكتور يداوى المرضى استرزاقا، لا علما، ثم يظهر فى اخر الفيلم انه لا دكتور ولا عمره عتب الكلية؟ هل وصل الامر الى ان العيادات تفُّتتح، واللافتات تُعلق، بلا رقابة، ولا ضوابط، فتصل الأمور الى مراكز علنية لعلاج ربط ومس بالقرآن والأعشاب؟
لو صدقنا هذا الكلام، معناها ان أزمة الخدمة الطبية فى مصر تخطت الخطوط الحمراء والخضراء. معناها وصول قطار الخدمة الطبية الى محطة تستوجب أولا، فحص الاطباء من غيرهم، وفرز عيادات الطب، من عيادات الهمبكة والنصب، قبل أى كلام أو اجراءات عن تحسين الخدمة وجودتها.
صاحب مركز طنطا اياه وقع اعلان كبير آخر توسط اكبر ميادين المدينة : «د. مدحت عاطف دكتوراه فى عالم الجن والشياطين». ووزارة الصحة تقولك: لجنة.. مركز طنطا مفتوح للآن، بينما وزارة الصحة على قدم وساق.. لتشكيل اللجنة.. تفتكر تعمل ايه اللجنة؟!