سامح عيد
ماذا ينتظر العقارات في مصر؟
ماذا يريد هذا النظام أن يفعله بشباب مصر؟
هل تتاجر الحكومة بالشعب؟
آخرمشروع طرحته الحكومة وما أطلق عليه سكن مصر، والذي سيفتح باب شراء كراسات شروطه منتصف أغسطس، وهو مشروع للإسكان الاجتماعي المتميز المشروط، بمعنى أنه ليس البيع الحر، ولكنه البيع المشروط من حيث السن، عدم حصول المتقدم على أي عقارات أو أراض سابقة ربما تصل مساحة الشقة إلى 110 م أو 115 مترا ومن المنشور عبر الوزارة أن الأسعار ستتراح بين 350 ألفا و500 ألف، نحن نتحدث عن خمسة آلاف سعرا للمتر، في بيع مشروط، وهو في النهاية اسمه إسكان اجتماعي.
وهناك مستويان آخران للسكن في مصر، وهو الإسكان المتوسط، والإسكان المتميز، فتخيل حجم الأسعار التي ذهبت إليها العقارات في مصر، وكلما ظننت أن الأسعار وصلت نهايتها، أفاجأ بأن الحكومة هي من تحدد مسار العقارات، بأسعارها المفروض أنها مدعومة، وقد دفعت أسعار الحكومة المطروحة، أسعار الإسكان المتوسط إلى حدود العشرة آلاف جنيه، وحدود أسعار الإسكان المتميز تجاوزت الخمسة عشر ألف جنيه للمتر الواحد.
الحكومة طرحت أراضي بالفعل في أول أغسطس، منها الاجتماعي والمتميز والأكثر تميزا منها على سبيل المثال الأكثر تميزا وصل سعر متر الأرض إلى 5670 ولا أدري لماذا لم تكن 5700 أو 5600 وهي توحي وكأنها أرقام محسوبة بدقة وعلى المشتري أن يبني على 45% وهذا يعني أن سعر المتر الحقيقي الذي يجوز البناء عليه هو 12600 ولا يحق له أن يبني إلا الأرضي وثلاثة أدوار، ولو قسمنا سعر المتر على أربعة أدوار يكون حصة متر الشقة من سعر الأرض 3150 ولم توضع حبة رمل واحدة أو سيخ حديد واحد، مع العلم أن سعر الأرض يدفع كاش، وهي بالملايين للقطعة الواحدة، فلو استمر البناء والتسويق عدة سنوات فهذه السنوات تتحمل على الأقل فوائد تعطل هذه الأموال والذي سيتحمله بالطبع سعر الشقة، نحن نتحدث عن جنون في الأسعار غير محتمل ويهدد بتوقف كامل للحياة في مصر.
ماذا ستفعل الأسر المتوسطة وشبابها في ظل هذا الجنون في أسعار العقارات، مع ضعف الرواتب؟! فما زالت حدود الرواتب بين ألف جنيه وثلاثة آلاف جنيه للخريج الحديث، وفي ظل ارتفاع في جميع أسعار الخدمات من مواصلات واتصالات ومأكل ومشرب ومسكن.
يتحدث النظام عن مواجهة العشوائيات وعن حي الأسمرات وغيرها من الأحياء البديلة للعشوائية، هم يتحدثون عن العشوائية من المستوى جـ، ولكن لم تفكر الدولة في الأحياء العشوائية من المستوى أ، ومنها ما رأيناه وكان حديثا للرأي العام في حي الأزاريطة بالإسكندرية، حيث عمارات على الطراز الحديث، ولكنها بنيت بطريقة عشوائية، وفي شوارع ضيقة وبارتفاعات شاهقة، ومنها حي الهانوفيل في الإسكندرية والحضرة الجديدة، وكذلك الطوابق والطالبية في الجيزة، وغيرها الكثير من الأحياء، حيث ترجح المعلومات البحثية تجاوز الاثنى عشر مليون نسمة في تلك الأحياء.
أستطيع الجزم بأن أسعار العقارات في هذه الأحياء لا يتجاوز المتر فيها ألفي جنيه، وأحيانا ما تصل إلى ألف جنيه، الهانوفيل نموذجا، ولديكم مثمنون عقاريون تستطيعون سؤالهم.
مع العلم أن هذه الأحياء رغم الكثير من سلبياتها فإن بها إيجابيات نسبية، منها توفر المواصلات بكثافة، وكذلك الخدمات بشكل عام، بخلاف الأماكن الجديدة، فما زال أمامها زمن حتى تصل إليها الخدمات بشكل عام، وكثيرا ما تكون المواصلات شديدة التكلفة، حيث الاعتماد على التكاتك للوصول إلى الطرق العمومية، وعليكم متابعة هذا الأمر بالوصول إلى أماكن الإسكان الاجتماعي الجديدة، دهشور نموذجا، وعلى الإعلام الذي يزعم أنه ليس مطبلاتيا ولا مقللاتيا، أن يذهب بالكاميرا ويسأل المواطنين القاطنين في هذه الأماكن، إن كان هناك قاطنون بالفعل.
سيكون من نتاج هذا، إقبال أكثر من الشباب على الأماكن العشوائية بالتأكيد، وبذلك في ظل بحث الدولة عن المكاسب القريبة، فإنها تخسر مجتمعا حديثا، وتضر بمصر ضررا بالغا، سيرفع من الإسكان العشوائي في مقابل المجتمعات الحضارية الحديثة.
حتى إيجار القانون الجديد لو تحدثنا عن سعر شقة يصل إلى المليون، فالمثمنون يتحدثون بأن سعر الإيجار من 5 إلى 7% من سعر الشقة في السنة بما يعني أن معدل الإيجار الشهري سيتجاوز الأربعة آلاف جنيه كإيجار قانون جديد بزيادة 10% سنويا.
التعبئة والإحصاء تتحدث عن 10 ملايين شقة فارغة، سواء في إيجارات القانون القديم أو في شقق مخزنة للاستثمار، وكان من السهل تشريع قانون يدخل تلك العشرة ملايين وحدة للخدمة تباعا عن طريق ضرائب مفروضة أو حلحلة قانون الإيجار القديم.
رغم أن الدولة طرحت مشروع المليون وحدة منذ أكثر من عامين، فالمستلمون حتى الآن في أكتوبر 13 ألفا من مئة ألف متقدمين في المشروع السابع، والباقون مرحلون وتبعهم المشروع الثامن، وما زال نصف المليون وحدة لم يسلم حتى الآن، والمشروع التاسع أعلن طرحه في منتصف أغسطس، ورغم الوعود الكثيرة والمؤكدة بتسليم تلك الوحدات خلال عام، وقد مر العام وراء العام، ولم يتم التسليم حتى الآن، فهل ينتظرون انتخابات الرئاسة، حتى يتم التسليم في أجواء احتفالية بالترشح للفترة الثانية، كما كانت تفعل الأنظمة السابقة، حيث كانت مواسم الانتخابات هي مواسم منِّ الحكومة على الشعب ببعض المنح والمزايا.
المشكلة الثانية: هي مشكلة اجتماعية حيث الأسر المتوسطة، والتي ارتفعت العنوسة بدرجات غير مسبوقة فيها، وكذلك تراجع الشباب عن التفكير في مشروع الزواج، وهذا مصدر خطير على المجتمع وأمنه الاجتماعي، هل تعلمون الثقافة المصرية، ومدى الألم الذي يحيط بأسرة لديها فتاة عانس ويتجاوز بها العمر عاما وراء عام، وكذلك الشباب الذي يريد أن يعف نفسه بالحلال؟ هل تدرون الكارثة التي تدبرونها لهذا الشعب المسكين؟ هل هذا المجتمع غير القادر على تلبية احتياجاته الأساسية هو مجتمع آمن؟
أنتم تعبثون بالأمن القومي لهذا البلد، وللأسف أنتم غير مدركين لذلك، وتظنون أنكم تضخون في خزائن الهيئة أموالا لا يعرف المواطنون إلى أين تذهب، الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان.
من أين يأتي الشاب بنصف مليون ثمن شقة إسكان اجتماعي؟! ومن أين يأتي بعد ذلك بتكاليف الزواج بعد أن رفعتم الأسعار بشكل مهول سواء الذهب أو الأجهزة الكهربائية، أوالأثاث، وفي نفس الوقت هو يحمل الهم، كيف سيصرف على أسرة وعلى أطفال مزمع قدومهم في ظل ارتفاع أسعار الألبان والحفاضات والأدوية، حيث أصبح السؤال المتواتر لدى الأجيال الحالية لآبائهم، خلفتونا ليه ما دام مش عارفين تصرفوا علينا، وتكون الإجابة يا بني خلفناكوا لما كان الدولار بثلاثة جنيهات وأربعين قرشا، وكانت الشقة الفخمة بثلاثين ألف جنيه، وكان الأكل والشرب لا يتجاوز 500 جنيه في الشهر، وكانت أجعصها تلاجة بألفين جنيه، وكان التعليم الحكومي ما زال جيدا، وتكاليف الدروس كانت ضئيلة، من أين كنا سنعرف أنه سيأتي على مصر أنظمة غير سياسية، لا تدرك ما تفعل، وربما يكون رد الشاب، هذا كان عصركم، ولكن ما دمنا في هذا العصر، فكيف سيكون عذرنا أمام أبنائنا ونحن أوجدناهم في هذا الزمن الصعب، ولا ندري أي صعوبات قادمة ممكن أن تنتظرهم لن نرتكب أخطاءكم.
هذا الشباب معرَّض لأن يتخلى عن قيمنا الشرقية، ويتحول تدريجيا إلى ثقافة أوروبية حيث علاقات خارج إطار الزواج، أو زواج عرفي، أو أي نوع من أنواع الزواج التي انتشرت في هذه الأجيال، وعدم رغبة في الإنجاب، واللجوء لكل الوسائل ومن ضمنها الإجهاض، إلا إذا كانت هذه هي خطة الحكومة العبقرية لتنظيم النسل، حيث تلاشت كل المشكلات، وحملت الحكومة كل أخطائها وخطاياها على شقاوة الشعب المصري كما وصفها مبارك في إحدى خطبه، فالوزراء أصبحوا يعزفون على لحن واحد، زيادة السكان زيادة السكان، زيادة السكان، الشعب هو اللي مُقصِّر وربنا حيحاسبه لأنه جاب 4 عيال، إنما الحكومة حتدخل الجنة بلا حساب!
نحن مقدمون على كارثة، إن لم نأخذ على يد هذه الحكومة ونحاسبها على ما تفعل، وخاصة أن لدينا برلمانا أكثر من موالس وغير قائم بأعبائه وغير عابئ بالكوارث التي يجلبها لهذا الشعب، ما دامت تمرر له الأعطيات والمنح.