ماجد حبته
حماس.. إيران.. وثالثهما الشيطان!
وفدان رفيعا المستوى، من إمارة «قطر» وحركة «حماس»، شاركا في مراسم أداء الرئيس الإيراني، حسن روحاني، اليمين الدستورية، السبت الماضي، ٥ أغسطس. ولولا صدور بيان كوميدي، الإثنين، عن الحركة الإخوانية، ما كانت تلك المشاركة تستحق التعليق بغير: ألا ذهب الحمار بأم عمروٍ.. فلا رجعت ولا رجع الحمار!.
البيان «الكوميدي» أعلنت فيه الحركة، اتفاقها مع إيران على «فتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية نحو مواجهة عدو مشترك ونصرة فلسطين والأقصى والمقاومة». وقبل أن نندهش أو نتعجب من وصف «صفحة جديدة»، فوجئنا بوزير الخارجية الإيراني، محمود جواد ظريف، يعلن استعدادهم لـ«نبذ كل الخلافات في سبيل دعم فلسطين والشعب الفلسطيني ووحدة الأمة الإسلامية»!.
بهذا الشكل، تعود علاقات حركة «حماس» وإيران، مرة جديدة وليست أخيرة، إلى الواجهة. وما اختلف هذه المرة هو أنها تستحق وتستوجب ضحكة رقيعة من «الشيطان» نراها التعليق الأنسب على كلام ظريف، الظريف فعلًا، قبل أن يُطل من رأس كاتب البيان، بيان «حماس»، يلومه ويشد أذنه ويسأله: هل في الصفحات القديمة ما يختلف عن الصفحة الجديدة التي سيتم فتحها؟!. وهل كانت هناك خلافات أساسًا حتى يتم نبذها؟!.
الواقع قال، ويقول، إن علاقات الطرفين جيدة ودافئة طوال الوقت، ودعك أي «سيبك» مما قيل عن توقّف أو تراجع الدعم الإيراني المالي والعسكري لحماس بسبب موقف الحركة المؤيد لما توصف بـ«الثورة السورية»، وعدم تأييدها لـ«السياسة الإيرانية» هناك منذ ٢٠١١ وما بعده. وإلا بماذا تفسر لقاء قيادات من الحركة في «بيروت»، مطلع الشهر الجاري، بأمير حسين عبداللهيان، المستشار السياسي لرئيس مجلس الشورى الإيراني، في مقر السفارة الإيرانية في لبنان؟!، وعلى أى أساس يقوم الوفد الحمساوي بإطلاع المستشار الإيراني على الجهود التي بذلتها الحركة مع مصر من أجل فتح معبر رفح؟!.
دائمًا وأبدًا، كانت «الحركة» هي «الغطاء السُّني» لسياسة إيران ضد جاراتها، ويتم استخدامها في تحقيق مصالح إيرانية عديدة، سياسيًا وعسكريًا وإرهابيًا!. بل لا نبالغ حين نقول إن حماس هى ثاني أكبر كيان في المنطقة يتلقَّى دعمًا من إيران بعد «حزب الله». وتكفى الإشارة إلى أن الحركة قامت بتصعيد يحيى السنوار قائدًا للحركة في غزة. ومعروف أن القادة العسكريين لحماس، يتعاونون مع «حزب الله»، ويتلقون التدريب في إيران، وبينما كان قادتها السياسيون (أو من يوصفون بأنهم كذلك) يميلون إلى الحذر، لكن الوضع اختلف بانتخاب يحيى السنوار قائدًا لحماس، وهو الأقرب في القيادة إلى الجناح العسكري والمدافع دائمًا عن علاقة الحركة بحزب الله وإيران.
انتخاب «السنوار»، سبقته زيارة أسامة حمدان، عضو المكتب السياسي، لتقديم العزاء في وفاة الرئيس الإيراني الأسبق، هاشمي رفسنجاني، وأجرى العديد من اللقاءات أثناء الزيارة، لإعادة ما وصفته وكالة الأنباء الإيرانية «إسنا» وقتها، بـ«اللحمة إلى العلاقات بين الجانبين»!. ولحق بالانتخاب والزيارة، اختيار إسماعيل هنية، «الإخواني» قلبًا وقالبًا، رئيسًا للحركة أو كما يصفونه «رئيس المكتب السياسي»، بعد أن استخلص الطيبون أو استنتجوا، من الوثيقة السياسية الجديدة أو ما وصفتها بـ«وثيقة المبادئ والسياسات العامة»، أن «حماس» أعلنت فك ارتباطها بـ«جماعة الإخوان» أو غسلت يديها منها!.
أعود لأكرر أن العلاقات بين «حماس» وإيران، دائمًا وأبدًا دافئة، وأن ما يشاع خلافًا لذلك، لا يصمد كثيرًا أمام حقائق تفضح زيفه، ويظهر ما يثبت أنه ليس أكثر من ألاعيب وحيل لزوم تقليب أطراف معينة فى «قرشين»، كعادة «الإخوان»، فروعها، أذرعها، والتابعين لها والمركوبين منها، كحيلة أو «اشتغالة» تسريب تسجيل موسى أبومرزوق، نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، الذي كان يشكو فيه عدم تقديم إيران مساعدات لهم. والتي تزامن معها، لكي يتم حبكها وضبطها، حملة إعلامية من وسائل إعلام إيرانية، قريبة من النظام هناك!.
لم يكن ذلك التسريب، غير حلقة من مسلسل «الاستهبال»، الذي تعرضه الحركة منذ عشر سنوات أو يزيد. والذي شاهدناها في حلقاته الأولى منه تخوض انتخابات ٢٠٠٦، الانتخابات التشريعية الفلسطينية الثانية بعد إقامة السلطة الفلسطينية. مع أنها أعلنت ولا تزال تعلن رفضها لصيغة الحكم الذاتي الفلسطيني، وترفض أيضًا اتفاق «أوسلو» الذي أنتج تلك الصيغة، ولا تقر حل الدولتين الذي جاءت تلك الصيغة في إطاره. وبالإضافة إلى أن خوضها تلك الانتخابات كان يعنى، بشكل مباشر ودون مواربة، اعترافها بما توصف بـ«دولة إسرائيل»، فإن بثبوت أنها لم تفعل ذلك إلا بطلب أو بأمر أمريكي نقله إليها أمير قطر السابق، كما عرفناه من ولده «تميم» الذي كشف أو فضح التفاصيل، على شاشة CNN، بالصوت والصورة!.
المسلسل، الذي عنوانه الأنسب هو «الاستهبال»، لا تزال حلقاته مستمرة، وتكون واهمًا لو انتظرت أداءً مختلفًا للحركة «الإخوانية»، مهما تغيّر قادتها أو اختلفت أقوالهم، بعد أن قال الواقع، بدل المرة مرات، إن ما تعلن عنه «جماعة الإخوان» وأذرعها والتابعون لها والمركوبون منها، شيء، وما يحدث على الأرض شيء ثالث. وما يفصل بين الشيئين، أي الشيء الثاني، هو مساحة للكذب تبررها شريعة «الجماعة الأم» التي لا حرام فيها إلا ما تراه «الجماعة» كذلك.
وأخيرًا، لا أعتقد أن هناك زاوية أخرى، تناسب الفُرجة على مهرجان «دعم مصر وشعبها» الذي أقامته الحركة بقطاع غزة، قبل أيام، والذي عزفت فيه النشيد الوطني المصري، ودعت للوقوف دقيقة حدادًا على أرواح شهدائنا أبناء قواتنا المسلحة والشرطة المصرية، وقراءة الفاتحة على أرواحهم!.