الجمهورية
صلاح عطية
مع التصنيع الزراعي.. الاجازات في الريف
في الاسبوع الماضي قدمنا نموذجا من "المجر" للقري المنتجة.. التي تزرع وتصنع.. وتصدر.. وتشتهر منتجاتها في انحاء العالم.. ودعونا إلي ان نهتم بالتصنيع الزراعي في ريفنا.. وقلنا ان عودة القرية المنتجة في مصر هو بداية للتنمية الحقيقية المستدامة.. وان القرية المنتجة ليست بالضرورة ان تعمل في التصنيع الزراعي.. وانما علي الاقل تنتج احتياجاتها واحتياجات من حولها.. واشرنا إلي ان مصر لديها الكثير من القري التي تشتهر بصناعات عديدة ومع ذلك لاتنال هذه القري حظها من الاهتمام بها.. وتنظيم الزيارات اليها.. كما يحدث في الخارج.. واشرت إلي نموذج المجر.. وهو نموذج متكرر في كل اوروبا.. حيث القرية مقصد سياحي.. يذهب اليه السياح ليروا نمطا من الحياة.. يكفل لهم الشعور بالتغيير.. ويمضون اوقاتا بين الريفيين في حقولهم ويقتنون منتجاتهم.. او يعيشون اوقاتا من الترفيه بما تنجح بعض القري في تقديمه من عروض ريفية مثل عروض الخيول.. او سباقات الحمير او التجول بين المزارع وعربات "الحنطور".. وتناول الغداء الريفي فيما يشبه دوار العمدة.. مع الاستمتاع بعدد من الفلكور الذي تشتهر به المنطقة وادخال هذا النمط من الزيارات إلي القري المصرية الشهيرة بمنجاتها هو واجب المحليات في المقام الاول.. ثم هو واجب قطاع السياحة في المقام الاول ايضا.. بقطاعيه الحكومي والخاص.
واعادة تأهيل القرية المصرية لكي تعود قرية منتجة لاحتياجاتها كما كانت من قبل.. وكذلك احتياجات من حولها.. هو دور يجب ان تضطلع به وزارة التنمية المحلية.. تحقيقا لدورها وما يجب ان تقوم به من تنمية.. بداية من اصغر نجع او كفر.. ولابد ان يكون فيها من المتخصصين او انها يمكن ان تستعين بالمتخصصين الذين يضعون الخطط التي تعيد إلي القرية المصرية هذا الدور.
كذلك اختيار القري المصرية التي يمكن ان تقام فيها مشروعات للتصنيع الزراعي يتم الترويج لها..ودعوة شباب هذه القري لتولي هذه المشروعات بعد تدريبهم واعدادهم للقيام بهذا الدور الحيوي في التنمية.. هو ايضا دور التنمية المحلية.. مع الاجهزة المسئولة عن المشروعات المتوسطة والصغيرة.. ومع المستثمرين المحليين الذي يمكن ان يوجهوا جانبا من اموالهم.. للاستثمار في هذه المشروعات.. والاسهام في تنمية المجتمع الريفي.. اما القري المصرية ذات الشهرة في الصناعات التقليدية مثل المنسوجات والفخار والاطعمة وغيرها.. فإن هذه لابد ان يمتد جهد اتحاد الصناعات اليها.. لتكون احد شعب او غرف هذا الاتحاد.. كما انها يمكن ايضا ان يمتد اليها نشاط غرفة السلع السياحية.. لتكون هذه القري احدي الوحدات التي تتبناها الغرفة.. رغم امكاناتها المتواضعة.. ولكنها علي اي حال هي الجهاز القائم الآن.. والذي يمكن علي الفور ان يتبني هذه القري ويوجه اليها الانظار بدعم وزارة السياحة وتمويلها ايضا.. ولدينا الآن عشرات من هذه القري يمكن ان تكون بداية طيبة لالقاء الضوء عليها.. واستكشاف المزيد منها.. وقد تفضل كثيرون ممن قرأوا كلمة الاسبوع الماضي فأمدوني باسماء عدد من القري المصرية التي اشتهرت بصناعات محلية من الحرير والصوف والسجاد وغيرها.. وهذه كلها يمكن لجهة حكومية سواء في وزارة السياحة او في وزارة التنمية المحلية اعداد دليل عنها يكون امام المواطنين اولا.. وشركات السياحة ثانيا لتنظيم زيارات إلي هذه القري تسهم في الترويج لها ولمنتجاتها.
وكنت قد اشرت إلي قرية تونس. وهي احدي قري الفيوم المتخصصة في صناعة الفخار.. وقد قرأت في احدي صحفنا بعد ذلك ان هذه القرية تملك عددا من الوحدات الصالحة للاقامة لمن يريدون قضاء عدة ايام كإجازة تجمع بين الهدوء والاستمتاع بجمال الريف المصري.. وهذه بلا شك نواة طيبة لما اشرنا اليه في الاسبوع الماضي حول السياحة الريفية.. وهي لون يجب ان يضاف إلي الوان السياحة العديدة التي تزخر بها مصر.
وقد اتيح لي ان اقضي يوما في قرية صغيرة في دولة استونيا علي بحر البلطيق.. تضم اكثر من منتجع ريفي.. اصبحت واحدة من المقاصد السياحية الشهيرة في اوروبا.. يقصدها السياح لقضاء ايام تجمع بين الاستجمام والاسترخاء في الطبيعة الريفية الجميلة.. والابتعاد عن صخب الحياة الذي مله الكثيرون.. وممارسة بعض الرياضات التي تناسب الريف كركوب الخيول.. او الرياضات التقليدية مثل الكرة بمختلف العابها.. وهذ القرية لديها قائمة طويلة من راغبي الحجز لسنوات قادمة.. ومثل هذه القرية يمكن ان تتواجد بسهولة في مصر.. خاصة في الدلتا وبالقرب من البحر المتوسط.. كما يمكن ايضا استغلال الكثير من القصور والدور الموجودة في بعض المناطق الريفية بعد تأهيلها لهذا اللون من السياحة.. الذي يمكن ان يجذب سياحة الاسر العربية.. والسياحة الاوروبية ايضا.. ولكنه بلا شك يحتاج تدريب وتأهيل كثيرين.. ولكن علينا ان نبدأ الخطوة الاولي.. وستتلوها خطوات كثيرة.
وربما يؤدي التوجه إلي هذا اللون من السياحة.. إلي تغيير نمط الاجازات عندنا.. فبدلا من الاتجاه إلي الشواطئ. يكون الاتجاه إلي الريف في اجازات.. ويصبح الامر توجها جديدا لغير ذوي الجذور الريفية.. اما اصحاب هذه الجذور فهم يعودون إلي قراهم في كل مناسبة تتاح لهم.. ونرجو ان يزاحمهم في قراهم ومحافظاتهم الباقون.. لتنتعش الحياة.. وتنتعش التنمية في ريفنا.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف