الأهرام
هانى عسل
من وراء «بلطجة» استاد الإسكندرية؟
ما حدث فى استاد الإسكندرية مهزلة وبلطجة و«قلة أدب»!

ما شاهدناه فى ختام البطولة العربية لكرة القدم فى نسختها الأولى لم يكن رياضة ولا كرة قدم ولا متعة ولا إثارة، فلا رياضة ولا كرة دون أخلاق.

ما تعرض له الحكم الدولى المصرى إبراهيم نور الدين، وما تعرضت له منشآت استاد الإسكندرية لا يمكن وصفه على الإطلاق بأنه «عروبة» و«سلوك أشقاء»، فما فعله لاعبو الفيصلى الأردنى كان شغل «لعيبة شوارع» من الذين يتراهنون ويلعبون على «الفلوس» فى حارة بمنطقة عشوائية، ثم يتشاجرون بالمطاوى ورقاب الزجاجات بعد الخسارة!

صحيح شاهدنا من هذا الفريق طوال البطولة أداء فرديا وجماعيا متميزا نال إشادة الجميع، ولكن هذه الصورة محيت تماما وتحولت إلى سخط واستياء بسبب مظهره فى النهائي أمام الترجى التونسى من خشونة وتمثيليات وضرب بدون كرة وتشويح واعتراضات، فضلا عن اعتداء اللاعبين والإداريين على الحكم فى أثناء المباراة وبعد نهايتها بالشتائم و«الشلاليت» و«اللكاكيم»، بل و«النطح» أيضا! حتى الجماهير الأردنية التى شجعت فريقها بحرارة ورقى طوال البطولة، تحولت فى النهائى إلى شيء آخر تماما، وبصورة غريبة، إلى «ألتراس» مثلا، أو شيء أقرب إلى «الزومبي»، فكانت الشتائم الجماعية وأعمال التخريب ومحاولات إفساد حفل ختام البطولة التى يفترض أنها أقيمت أصلا لإظهار توحد العرب وتماسك من بقي منهم!

طبعا فئة «المطيباتية» تقول إن مصر كبيرة، ويجب أن تتعامل «بحكمة» مع الموقف، وهؤلاء مردود عليهم بأنه لو صدرت نصف أو ربع هذه التصرفات من فريق مصرى فى دولة عربية شقيقة كالأردن نفسها، لبات اللاعبون المصريون المخطئون ليلتهم فى قسم الشرطة!

وفريق «المبرراتية»، وتحديدا بتوع «التقصير الأمني» عند وقوع عملية إرهابية، يقول إن الحكم إبراهيم نور الدين لم يكن ليدير المباراة النهائية منعا للشبهات، بعد أن خرج فريق مصرى هو الأهلى على يد الفيصلي، وهذا مردود عليه بأن مصر مضيفة البطولة من حقها أن يكون لها شرف إدارة المباراة النهائية بعد أن تألقت فى تنظيمها، وبعد خروج ممثليها - الأهلى والزمالك - مبكرا من البطولة، وهذا أمر طبيعى ومعتاد فى مثل هذه البطولات، والأهم من ذلك أن معظم حكام البطولة من الدول العربية الأخرى ظهروا بصورة متواضعة للغاية فى معظم مباريات البطولة!

أما الفئة الثالثة من هواة جلد الذات، فتقول إن الحكم هو الذى استفز لاعبى الفيصلى وأفسد المباراة بقراراته الخاطئة، وهذا مردود عليه بأن الحكم لم يخطئ أبدا فى قرار استمرار اللعب فى أثناء سقوط أحد لاعبى الفيصلى مدعيا الإصابة بعد «تمثيلية» تكررت كثيرا طوال المباراة، ولكنه طبق القانون، وحتى إن كان حامل الراية هو الذى أخطأ بعدم احتساب تسلل فى الكرة التى جاء منها هدف الترجى الثالث، فهذا أيضا مردود عليه بأن أخطاء الحكام واردة وتحدث حتى فى مباريات كأس العالم، ولا يكون رد الفعل من الجانب «المظلوم» بهذه العصبية والهمجية.

ويكفى فى هذا الصدد أن نشير إلى حقائق لا جدال فيها، وهى أن فرقا كبيرة وعريقة مثل الهلال والنصر السعوديين والأهلى والزمالك المصريين خرجت من البطولة ولم تتصرف بهذه الطريقة البشعة، فالأهلى نفسه خسر من الفيصلى فى المباراة الأولى بخطأ تحكيمى حرمه من هدف صحيح فى الشوط الأول، والزمالك أيضا تعرض لأخطاء تحكيمية فادحة طوال البطولة، حتى وإن لم تكن سببا رئيسيا فى إقصائه.

من أين جاء لاعبو الفيصلى وجهازهم الفنى والتدريبى بهذا الغرور؟ ولماذا هذا التحول؟

هل هى «الصدمة« الحضارية بالوصول للنهائى؟ هل هى «لوثة» الفوز على الأهلى مرتين؟ هل هو مدربهم المونتينيجرى نيبوشا الذى أدلى بتصريحات غير رياضية بعد فوزه الثانى على الأهلى قال فيها إنه يتمنى مقابلة الأهلى للمرة الثالثة ليهزمه؟

هل هذا تصريح يصدر من مدرب فائز؟ وهل هذه هى الروح الرياضية؟ وأصول «اللعب النظيف» المتبعة فى ملاعب الكرة؟

هل هكذا يتعامل الأشقاء؟ وهل هذا هو السلوك المناسب للضيف مع مضيفه؟ وهل هـكــذا تعامل مصر؟ هل صور لكم أحد أن مصر دولة بلا قانون؟ هل هذا ما تعلمته الكرة الأردنية على أيدى «المصريين» الجوهرى وحسام حسن ومحمد عمر؟!

نتكلم الآن بلغة الرياضة، لا السياسة، وبلغة الرياضة نقول إن اعتذارات و«تطييبات» الأشقاء في الأردن ما زالت غير كافية، وعقوبات الاتحاد العربي المتوقعة لن تشفي الغليل, فالمطلوب رد اعتبار كبير للرياضة المصرية، بل ولمصر كلها.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف