يبدو أن ليبيا الشقيقة قد غاصت عميقا فى دوامة صراع القوى الدولية، التى تتعارض مصالحها بشكل حاد فيها، وليس أدل على ذلك أنه بعد أيام قليلة من لقاء رئيس المجلس الرئاسى الليبى فايز السراج والمشير خليفة حفتر قائد الجيش الليبى فى باريس برعاية الرئيس ماكرون، جاءت تصريحات حفتر بأنه سيقصف أى سفينة إيطالية تقترب من الشواطئ الليبية، ويعبر هذا التحذير عن أن صراع القوى الأجنبية فى ليبيا مازال محتدما، وأن الهوة بين الطرفين مازالت عميقة، وأن مصالح الشعب الليبى مازالت بعيدة المنال. ويبدو أن إيطاليا المستعمرة السابقة لليبيا لا تريد أن تتخلى عن دورها،وتعتبر ليبيا وليمة لا صاحب لها. ويبدو أن فرص التوافق بين السراج وحفتر التى لاحت فى الأفق عند لقائهما فى أبوظبى ثم باريس تتلاشى الآن، حيث يبدو للعيان حجم التعقيدات فى المشهد الليبى برمته، وهو ما يخدم بغير شك تحقيق المصالح والمطامع الأجنبية. ومما يفاقم الأزمة الليبية أن هناك أطرافا وقوى فاعلة على الأرض لا ينظر إليها المجتمع الدولى بعين الاعتبار، ولم تشارك فى اتفاق الصخيرات، ومن المؤكد أنه لن يكون هناك حل دونها. إن كل تأخير فى التوصل إلى مخرج للمأزق الليبى ينعكس سلبيا على آفاق الحل وكلفته، فالتدمير المادى للمنشآت والمرافق مستمر والتدمير الجسدى للبشر متواصل، والتدمير المعنوى للشخصية والتوافق الليبى مستمر أيضا، وبالتالى المسئولية المباشرة لوضع حد للحرب والإرهاب فى ليبيا تقع بشكل رئيسى على القوى الليبية الوطنية المختلفة على عاتق دول جوارها، فهما إذا تعاونا ونسقا مواقفهما، شكلا معا القاعدة الصلبة للحل السياسى المستدام فى ليبيا، بعيدا عن محاولات الإقصاء والتفرد بالسلطة.