ماجد حبته
الدكتورة النائبة.. ونظرية «الزبالة»!
نائبة برلمانية، نشرت صورة لها فى صفحتها على موقع التواصل الاجتماعى، «فيسبوك»، تقف فيها إلى جوار صندوق قمامة، أى «زبالة»، واقع على الأرض، بينما تنتشر القمامة أو «الزبالة» إلى جواره. ومع الصورة كتبت «النائبة» هذا التعليق: «أين محافظ دمياط من زبالة راس البر والبلطجة يتم إقالة رئيس المدينة».
التعليق، كما ترى، يحتاج إلى ترجمة أو إعادة صياغة. وستتعجب طبعًا من عدم قدرة نائبة برلمانية على كتابة ١١ كلمة، وستتعجب أكثر حين تعرف أنها لا تكتب اسمها إلا مسبوقًا بحرف الـ«دال»، ولا تنطقه إلا بعد كلمة «الدكتورة». أما ما قد يجعلك تتخلى عن تعجبك وتتراجع عن إبداء دهشتك، فهو أن كاميرا المراقبة الخاصة بأحد المحال فى الشارع، قامت بتصوير الدكتورة النائبة وهى تقوم بنفسها بتفريغ محتويات صندوق القمامة أى «الزبالة» على الأرض قبل أن يتم التقاط الصورة التى نشرتها مصحوبة بالتعليق السابق، الذى أتمنى ألا تستخف بعجزها عن كتابته، لأن اللغة ليست فقط رموزًا كلامية، يستخدمها الأفراد للتفاعل مع بعضهم البعض، لكنها أيضًا أداة مهمة لاستكشاف سلوك الفرد واستكشاف أو استنتاج خلفياته المجتمعية والثقافية.
توضيحًا للأمر، أمر اللغة.. وتفسيرًا للصورة، صورة «الزبالة»، أشير مثلًا إلى أن شعار الحملة الانتخابية لـ«المذكورة» كان «عارفة اللى فيها»، وقد تضرب كفًا بكف أو «راسك فى الحيط»، حين تجد المتخصصة فى الإعلام السياسى، كما تدّعى، أو التربوى، كما هو حاصل، تنطق عبارة كـ«الدكر ينزل ويورّينا نفسه»!. والعبارة نقلها عنها موقع «اليوم السابع» فى ٢٤ يناير ٢٠١٦ فى سياق حديثها عن دعوات التظاهر فى اليوم التالى، ٢٥ يناير!.
ابعد موقفك السياسى عن الموضوع، فليس هذا مجالًا لتقييم المواقف. بالضبط، كـ«حركة الزبالة»، التى تغيب عنها السياسة، وتحضر أشياء أخرى، قد يكون بينها ابتزاز المحافظ أو رئيس المدينة، وربما كانت هناك أسباب أخرى، لن أترك لك استنتاجها، بل سأنتظر ردًا أو تفسيرًا أو تبريرًا ممّن تصف نفسها، بأنها «أستاذ الإعلام السياسى بجامعة دمياط»، بينما يقول الواقع إنها، حتى أيام قليلة مضت، كانت «مدرس الإعلام التربوى، بكلية التربية النوعية، جامعة دمياط»، ولا تحسب الفرق هينًا، لأنه عند المعنيين عظيم!. وتكفى الإشارة إلى أنها حتى تقطع «ربع المسافة» إلى الصفة التى تنتحلها، خاضت معركة شرسة مع جامعة دمياط، كسبتها للأسف، معتمدة على تطبيق النظرية نفسها: ونظرية «الزبالة»!.
من تلك الزاوية، يمكننا أن نستعيد هجوم الدكتورة النائبة على رئيس جامعة دمياط السابق، وطلبات الإحاطة التى تقدمت بها لرئيس مجلس الوزراء، ووزير التعليم العالى، بزعم ارتكابه مخالفات، مالية وإدارية، فنّدها الرجل، واتهم النائبة باستهدافه لأنه رفض طلبها بأن تكون المتحدث الإعلامى باسم الجامعة، ورفض أيضًا نقلها من قسم الإعلام التربوى بكلية التربية النوعية، إلى قسم الإعلام بكلية الآداب. وفوق هذا وذاك، طلبت ترقيتها إلى درجة أستاذ مساعد، وتم رفض الطلب، لأنها تقدمت بخمسة أبحاث، حصلت عنها على تقدير مقبول. ورأت اللجنة العلمية أن عليها التقدم ببحثين للتعزيز، تحصل عنهما على تقدير جيد، على الأقل، خلال سنة من تاريخ انعقاد اللجنة!.
هل قلت إن النائبة قطعت «ربع المسافة» بعد معركة شرسة مع جامعة دمياط، معتمدة على تطبيق «نظرية الزبالة»؟!.
نعم قلت، وسبب ذلك هو أن الأستاذ الدكتور ممدوح محمد نعمة الله، القائم بعمل رئيس جامعة دمياط، قام بإصدار القرار رقم (٥٤٠) ليوم ١٣ يوليو ٢٠١٧، بشأن تعيين الدكتورة غادة موسى إبراهيم صقر؛ المدرس بقسم الإعلام التربوى بكلية التربية النوعية، بوظيفة أستاذ مساعد تخصص «إعلام تربوى»، بذات القسم والكلية!.
أمام قرار كهذا، لا نملك إلا أن نقول مبروك للدكتورة النائبة على الـ«ألف» والـ«ميم» قبل الـ«دال»، ومبروك لرئيس الجامعة على راحة البال، وإفلاته من شر القيل والقال!، وهناك مبروك ثالثة تضعنا أمام أكثر من احتمال. إذ إن القرار الذى سبق هذا القرار مباشرة، أى القرار رقم (٥٣٩) ليوم ١٣ يوليو ٢٠١٧، كان قرار منح الطالب إبراهيم موسى إبراهيم صقر، درجة الماجستير فى التربية الرياضية، تخصص تدريب رياضى. ورائع طبعًا أن يتذكر الأستاذ شقيق الدكتورة النائبة، أهمية الحصول على درجة علمية، بعد تجاوزه الأربعين. والأكثر روعة وما سيجعلنا نقول مبروك ثلاث أو عشر مرات، هو أن يكون تتابع القرارين مجرد صدفة سعيدة، أو صدفة «زى قلتها»!.
بهذا الشكل تكون الدكتورة النائبة قد قطعت ربع المسافة إلى الصفة التى تنتحلها: أستاذ الإعلام السياسى بجامعة دمياط. والربع الآخر سيتحقق لو نجحت مساعيها فى الانتقال إلى كلية الآداب، للتخلص من عقدة كلية «التربية النوعية»، التى حصلت فيها على درجة البكالوريوس فى الإعلام التربوى سنة ١٩٩٥. ولا أعتقد أنها ستجد مشكلة فى تغيير التخصص من «تربوى» إلى «سياسى»، مع أننى لم أجد للسياسة أثرًا، فى رسالتها التى نالت عنها درجة الماجستير سنة ٢٠٠١، والتى كان عنوانها «المعالجة الصحفية لبعض القيم الاجتماعية فى مجلات الأطفال المصرية فى ضوء الأهداف التربوية لمرحلة التعليم الأساسى». وكذا رسالة الدكتوراه التى كانت عن «معالجة الصحف المصرية لقضايا الشباب الاجتماعية ومدى تمشيها مع احتياجات الشباب المصرى». فى «نظرية الزبالة»، توجد حلول لكل المشاكل، وبها ستتمكن «الدكتورة النائبة» من تحويل الـ«تربوى» إلى «سياسى» أو حتى «دبلوماسى» وقطع بقية المسافة إلى الأستاذية وإلى كلية الآداب أو حتى كلية الإعلام بجامعة القاهرة. ديتّها طلب إحاطة أو استجواب.. أو صندوق «زبالة»!.