عزيزة فؤاد
في السماااااا .. زمن قطع النفس
مسكين إنسان هذا العصرالذي سرقته الحياة اليومية وجعلته مشغولا بأشياء روتينية حاصرته وجعلته أكثر هرولة وسباقا من أجل أن يعيش ويحيا بصورة طبيعية جعلته في نفس الوقت بعيدا عن المعرفة والثقافة والرقى بالأخلاق وأصبح كل همه حماية أسرته ماديا وتوفير القوت لهم وتأمين مستقبلهم بشقة أو عربية أو حجز مكان أجتماعي مناسب لهم أن تيسر له ذلك
والسؤال هنا هل كان الزمن الماضى أكثر رفاهية من اليوم والفقراء فيه أكثر سعادة؟ فكل وسائل التكنولوجيا الموجودة حاليا في عصرنا الحالي شبه منعدمة لكن الناس كانت تعرف جيدا في الأصول العامة والآداب والأخلاق واللياقة فى الكلام والتصرف والأناقة كانت عنوانهم حتى فى الشوارع والحواري والأزقة الضيقة رغم بساطتهم .
ماذا حدث لفلاح اليوم ؟هل كان فلاح الأمس أو أى عامل بسيط أكثر وعيًا وحكمة من فلاح وعامل اليوم الذي أنشغل بالنيت والموبايل والتلفزيون وأهمل أرضه وفلاحته وأصبح مستهلكا يشتري قوته بعدما كان ينتجه ويبيعه ويكسب منه.
فلاح الأمس كان أكثر سعادة من فلاحين اليوم بالرغم أنهم كانوا بالكاد يفهمون من أين يأتى صوت المذيع فى الراديو، ويرون أن التليفزيون كان اختراعا عجيبا، وإسماعيل ياسين ونجيب الريحاني و فؤاد المهندس وعبد السلام النابلسي كانوا يدخلون علي قلوبهم السرور والبهجة بموقف ضاحك كان يخرج من القلب صادق ليس فيه أفتعال لماذا لم يعد هذا الفلاح يشعر بتلك الفرحة البريئة وقد أصبح زماننا أكثر تطورًا مع انتشار العلم، ووصول "الموبايل" والإنترنت إلى خدمته حتى وإن كان يسكن القرى البعيدة ؟
عصر متناقض وعجيب فنحن نتحدث عن تطور كبير فى العلم والتكنولوجيا، وقدرة الشباب والأجيال على الابتكار بسهولة، والتواصل مع مختلف جنسيات العالم، والتحدث بأكثر من لغة، واكتساب المزيد من المعرفة.. وفى نفس الوقت، نرى التراجع المخيف فى السلوك والأخلاق والتحجر فى العقول، والجهل.
عصر كان مقدسا للعمل ومحبا له مهما كان مقابله وعصرجاء بأجيال لم تقدر العمل فاقدة للهمة والعزيمة وبدلا من أن نكون منتجين لقوتنا أصبحنا مستهلكين فقط. وبدلا من أن نكون في مصاف الدول المتقدمة أصبحنا دولا بالكاد تعيش .
عصر شاهد علي التحولات بالتقنيات والتكنولوجيا ، وشاهد ايضا علي تدهور فى الأخلاقيات. يشهد نجاحات وربما تفوق فى الجامعات، لكنه يقابله رسوب فى مدرسة الحياة ومازلنا نواصل مسيرة الجري واللهث من أجل سياسة البقاء .
دمتم بكل الخير.