الدستور
أحمد سليم
مصر تستحق الأفضل
تثبيتُ أركان الدولة ليس مقتصرًا فقط على الداخل.. ولكنه، أيضًا، يمتد إلى خارج البلاد، فلن تستطيع أن تكون دولةً قويةً، دون أن يكون لك أذرع خارجية وتأمين لحدودك.. ليس فقط من الداخل.. ولكن أن تحد حدود أمنك القومى وتحميها هو المهم.. وقد شهدت المنطقة العربية ست سنوات من أسوأ ما مرت به تاريخيًا.. سقطت فيها دول وأنظمة، ودُمرت جيوش، وقسمت دول، وشرد الملايين، واستشهد ملايين.. وسيظل تأثير ما حدث خلال السنوات الستة الماضية ممتدًا سنين طويلة.
وقد عادت مصر تقريبًا إلى ما كانت عليه قبل ٢٠١١، وتحمَّل الشعب عناءً كبيرًا، ودفع ثمنًا أكبر لحراك ظنه ثورة انتهى به إلى ما انتهى.. وعندما أعلن محافظ البنك المركزى أن الاحتياطى المصرى وصل مرة أخرى إلى ٣٦ مليار دولار- رغم أعباء كثيرة أضيفت- بدأ خبراء الاقتصاد يميلون إلى التفاؤل.. وعندما عادت قواتنا المسلحة إلى مكانتها العالمية، ثم تفوقت، وتقدمت إلى مراكز فى مقدمة جيوش العالم اطمأنت القلوب.. وعندما تمر سيارات الشرطة ليلًا، وتستطيع أن تخرج إلى الشارع أنت وعائلتك ليلا، تطمئن القلوب أكثر.
مصر، إذن، عادت بعد تضحيات جسام، وبعد تولى الرئيس السيسى، وصمود القوات المسلحة، ونهوض الشرطة من كبوتها، واصطفاف الشعب.. عدنا إلى ما كنا عليه قبل ٢٠١١، ولكن هناك أمل فى أن تتسارع الخطى، وأن تكون مراحل النهضة القادمة قفزات متتالية، سواء فى الاقتصاد، أو الأمن، أو التعليم، أو الصحة، أو الثقافة.. إذن، داخليًا، نحن على الطريق الصحيح.. وضعنا على الأقل أسس الانطلاق- شبكة طرق، مدنًا جديدة، يعقبها نمو وتنمية، جيشًا هو العاشر عالميًا.. قواتٍ بحريةً تحمى ثروتنا القومية فى مياهنا الإقليمية والدولية، وهى القوات السادسة عالميًا، من حيث التطور والقوة، وستقفز إلى مركز آخر متقدم، بعد وصول باقى الصفقات.. نعود مرة أخرى داخليًا.. نحن على الطريق الصحيح.. لدينا مشاكل. نعم.. كل أركان الدولة داخليًا لم تعد مهتزة، لأنها تُبنى الآن على أساس سليم، لحماية البنيان الداخلى والاطمئنان عليه، علينا أن نعيد بناء ما حولنا، وأن تكون دول الجوار قوية.. فهذا مهم جدًا لنا.. وأمننا القومى لا يقف عند حدودنا، بل يمتد إلى أعماق إفريقيا والدول العربية فى آسيا.
ولذا كان من المهم أن يعود الدور المصرى إلى سوريا وليبيا، وما تحقق فيهما، حتى الآن، يؤكد أن الدور المصرى هو الأهم.. ففى خلال شهرين تم الاتفاق على هدنتين فى سوريا، ووصلت قوافل الإغاثة إلى قرى، حُرمت من الدواء والعلاج والطعام والمياه النقية سنوات.. دور مصر مهم فى سوريا، والأشقاء هناك يقدرون لمصر دورها.. ولذا فقد كان غيابها السنوات الماضية مؤثرًا ومزعجًا، ولكنها عودة حميدة ومطلوبة.. فالتاريخ يؤكد أن مصر قوية، ما دامت سوريا قوية، والعكس.. فانهيار أحد الجانبين مؤثر جدًا فى الطرف الآخر وقوته.. وقد كانت رؤية الرئيس السيسى الصراع فى سوريا صائبة، عندما أكد مرارًا حرص مصر على الدولة، لا النظام، وعلى الشعب كله لا فريق أو طائفة.. سوريا مع التدخل المصرى والوجود السياسى والدعم ستتجاوز محنتها شيئًا فشيئًا.. عادت عشرات الآلاف إلى بيوتهم من الخارج، وهناك مئات الآلاف فى الطريق.. ستبدأ مصر دورًا أكبر وأهم من سوريا فى المرحلة المقبلة.. وفى الغرب يعرف الجميع أهمية الدور المصرى، فحدودنا مع ليبيا لم تعد عند السلوم، ولكنها تمتد فى التأمين إلى دعم جيش ليبيا الوطنى، والقضاء على عصابات الإرهاب.. ودحر الدور القطرى فى ليبيا، وإنهائه.
دور مصر فى ليبيا مهم لنا فى الداخل، فأحد أركان الدولة حدودها، وتثبيت أركان الدولة جزء مهم منه تأمين حدودها، وهو ما نقوم به حاليًا، وإسناد الملف الليبى إلى رئيس الأركان يؤكد أهمية ونوعية الدعم المطلوب هناك.. حدودنا، إذن، فى طريقها إلى التأمين شبه الكامل، مما يعطى الفرصة الكبرى للتنمية فى الداخل.. حدودنا البحرية يحميها أسطولان بحريان، لأول مرة فى الشرق الأوسط، يعيدان أمجاد أسطول البحرية المصرية فى المتوسط وحتى المحيطات.. وفى الجنوب يتبقى بعض المشاكل مع حكومة السودان.. مصر حريصة على الشعب السودانى ودولته وقوته، وستكون له الداعم الأكبر والأهم. إذن، نحن على الطريق الصحيح، أيضًا، لتثبيت أركان دولة قوية داخليًا وخارجيًا بفضل سياسة حكيمة ورؤية عميقة، لقيادة تؤمن بأن مصر تستحق الأفضل والأكثر.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف