السيد العزاوى
الكلم الطيب .. مواسم الخير في الأشهر الحرم الحجاج ضيوف الرحمن بأم القري
أفواج الحجاج تتدفق علي بيت الله الحرام في أم القري من كل أنحاء الدنيا.. الكل يتطلع إلي عفو الحق تبارك وتعالي وتحذوهم الآمال في أن يتقبل الله منهم هذه المناسك.. إنها رحلة جاءت تلبية لدعوة رب العباد. "ولله علي الناس حج البيت لمن استطاع إليه سبيلا.." 97 آل عمران. ورغم مشاق هذه الرحلة إلا أن لها منافع وفوائد متعددة لو تأملها الإنسان ذو العقل الرشيد. في مقدمتها التعارف والوقوف علي أحوال رفقائه من الحجاج من سائر بلاد الله. فالمسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضاً. مسيرة تعطرها وحدة الهدف والمصير. وما أحلي التعارف بين أبناء الدين الحنيف في رحاب هذا البيت العتيق استجابة لدعوة أبي الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام "ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون" 37 إبراهيم فالحق تبارك وتعالي قد غرس في قلوب عباده المؤمنين حب البيت مما جعل هذه القلوب تهوي أداء هذه الشعائر مهما تكلفوا مادياً ومعنوياً. تري الرجل أو المرأة يدخر رغم بساطة الحال من أجل أداء هذه الهواية الربانية. عشق ومحبة وتلهف علي إتمام الرحلة ومن يتأمل الحاج المحمول علي الأعناق أو الجالس علي كرسي متحرك يدرك مدي المحبة التي امتلكت وجدان كل منهم. مقلب القلوب رحماته استقرت بها فصارت ريحانة تخفف أي عناء. إنها نسمات الرحمن سبحانه وتعالي. وتلك هي مواسم الخير تتدفق بالعطاء.
والمسلم الحق تهفو روحه لأداء هذه الفريضة حينما يشاهد هذه الأفواج وبعضهم يرتدي ملابس الإحرام والكل يردد "لبيك اللهم لبيك. إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك" كلمات ما أحلاها ورب الكعبة إن الروح يشتعل بها الهوي الرباني لمرافقة ضيوف الرحمن وسبحانه الله العظيم خالق هذه الأرواح الجنود المجندة. ومن يتأمل ايضا قول الحق تبارك وتعالي في سورة الحج "وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلي كل ضامر يأتين من كل فج عميق ہ ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات.." يدرك كثيراً من الحقائق ولعله لا يخفي علي أهل الدين الحنيف أن رب العباد حين أمر أبي الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام بنداء البشر لأداء الحج قال أبوالأنبياء عليه السلام: وأين ندائي من هذا الكون الفسيح وهؤلاء الناس في كل أركان الدنيا؟ فيجبيه الله تبارك وتعالي قائلاً: إن عليك النداء وعلينا البلاغ. ويقال إن من أراد الله له الحج من هؤلاء الناس لبي أبي الأنبياء وهو في أصلاب الأرحام. مقدرة الرحمن سبحانه. ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير. ولذلك تري أي فرد من البشر ذكراً كان أم أنثي وهذه المحبة لا تفارقه مهما تقدم به العمر!!
وفي إطار هذه الآمال يدرك أي مسلم أن التجرد من المعاصي والحرص علي مراعاة مبادئ وقيم الدين الحنيف. الكسب الحلال أساس تكاليف هذه الرحلة المقدسة. ويدرك ايضا أن هذه المناسك لها قواعد يجب أن يحيط بها علماً وهو يتأهب لأداء هذه الفريضة. وأن يتحلي بحسن الخلق وسعة الصدر والتطلع بكل التواضع لعفو الله ورحمته. وكذلك عليه ايضا أن يحيط علماً بما جاء في قول الله تعالي: "الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوي واتقون يا أولي الألباب" 197 البقرة. رحلة كلها عطاء وزاد للدنيا والآخرة!! العمل الجاد وتحقيق هذه التعليمات وتلك الآداب هي أفضل زاد لكل حاج همه الفوز بأكبر قدر من التقوي فهي خير الزاد وخير ذخيرة لكل إنسان يؤدي هذه المناسك. وهي فرصة لاكتساب الحسنات في الأشهر الحرم خاصة موسم الحج حيث نهر العطاء والرحمات.
ولاشك أن المشاعر المقدسة تفيض بالبركات علي كل قادم لهذا البيت العتيق وعلي كل ضيف من ضيوف الرحمن أن يقف علي حقيقة كل ركن من أركان الحج. الإحرام وكيفيته وشروطه. والإلمام بكيفية الطواف حول البيت العتيق والصلاة في مقام إبراهيم وكذلك السعي بين الصفا والمروة. والإحاطة بالركن الأكبر لهذه الفريضة وهو الوقوف بعرفات وكيفية مناسك هذا الركن الأهم. ثم ذكر الله في المزدلفة - المشعر الحرام - وكيفية جمع الحصوات وعددها وكيفية أداء الرجم علي مدي ثلاثة أيام ومن تعجل في يومين فلا حرج. إنها رحلة كلها عطاء ورحمات وصدق رب العالمين إذ يقول: "ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم" دعوات إلي الله سبحانه بأن يتقبل من ضيوف الرحمن وأن ينعم علي كل راغب لأداء هذه الفريضة.