صاحبت قوافل وزارة الأوقاف المصرية في العديد من محافظات مصر لمحاورة الشباب المتطرف لنقل خلاصة ما يحدث فيها لقراء"الجمهورية" وكان يشارك في هذه الحوارات نخبة متميزة من علماء الأزهر منهم الشيوخ العظام محمد متولي الشعراوي ومحمد الغزالي وعطية صقر وشارك في بعضها شيخ الأزهر الراحل جاد الحق علي جاد الحق- عليهم جميعا رحمة الله ورضوانه- وكان يقود تلك القوافل د.محمد علي محجوب وزير الأوقاف في ذلك الوقت.
وبالطبع كان لهذه القوافل الدعوية الحوارية التي كانت تستهدف حماية عقول شباب الجامعات من فكر الجماعات الظلامية.. إيجابيات وسلبيات لكنها نجحت في تصحيح كثير من المفاهيم الدينية الخاطئة التي يروج لها المتشددون. كما نجحت في فتح عقول العديد من الشباب المغرر به لتلقي الحقائق الإسلامية وأحكام الدين الصحيحة.
لذلك.. أتعجب من الذين يرفضون هذه الحوارات الآن ويفضلون الصدام الأمني مع شباب تم التغرير بهم وقامت جماعات الظلام بغسل عقولهم.. فكثير من شبابنا وخاصة شباب الجامعات لا يزال يؤمن بمفاهيم دينية مضللة تروج لها جماعات الظلام.. ومتابعة تفاعلات هؤلاء الشباب علي مواقع التواصل الاجتماعي تؤكد ذلك.
منذ بدء رحلة"الجمهورية" في مواجهة "حرب الأفكار" تحاورنا مع العديد من خبراء الأمن الذين طالب جميعهم بإحياء هذه الحوارات من جديد مؤكدين أن المواجهات الأمنية وحدها لا تكفي. وطالبوا بالتخطيط لهذه الحوارات جيدا لكي تحقق ثمارها المرجوة.. والغريب أن يطالب خبراء الأمن بالحوار ويرفض بعض الذين يتحدثون في الدين هذه الحوارات ويرون أنها بلا جدوي.
علي هؤلاء الذين يتحدثون باسم الإسلام أن يراجعوا أنفسهم ويعودوا إلي القرآن الكريم وسيجدونه رفع شعار الحوار مع أعتي المعاندين لرسالة الحق. وهو يضم رصيدا هائلا من الحوار العقلاني مع الكافرين والجاحدين لرسالة الإسلام والمتطاولين علي رسول الله صلي الله عليه وسلم.
لذلك لا ينبغي أبدا إغلاق باب الحوار مع المتشددين والتكفيريين. بل ينبغي علي علماء الإسلام أن يحثوا دائما علي الحوار الهاديء بهدف تصحيح الفكر والوصول إلي حقائق الإسلام وهي حقائق واضحة لكل صاحب عقل وفطرة سليمة.
المشكلة بالتأكيد ليست في الحوار مع المتشددين والعناصر التكفيرية. فالحوار مطلوب وضروري ولا بديل عنه.. لكن تظل المشكلة في الإجابة عن سؤال مهم هو: من لديه القدرة علي محاورة هؤلاء الشباب وتفنيد مزاعمهم وطرد الأفكار والمفاهيم الخاطئة من عقولهم؟
في حوار بين عدد من علماء الإسلام وعناصر متشددة في إحدي محافظات الصعيد أعطي الشباب ظهورهم للمنصة التي يجلس عليها العلماء وكان موقفا معتادا من شباب الجماعات الإسلامية بالجامعات ورفضوا الاستماع إلي العلماء والحوار معهم.. حتي جاء دور العالم الفاضل الشيخ عطية صقر الرئيس الأسبق للجنة الفتوي بالأزهر- رحمه الله - ليتحدث وأخذ يخاطب الشباب بأسلوب هاديء ويطلب منهم مواجهته بما لديهم ودمغ الحجة بالحجة وقال لهم: "إما أن تقنعوني بما لديكم أو أقنعكم أنا بما لديَّ". وهنا أدار الشباب ظهورهم للخلف وبدأوا حوارا مع الشيخ الذي كان حكيما ورائعا ليحتضنه بعض الشباب بعد اللقاء ويطلبوا منه رقم هاتفه للتواصل معه وسؤاله عما يعن لهم من تساؤلات دينية. كما طلبوا أسماء دور النشر التي تطبع مؤلفاته.
هكذا استطاع عالم أزهري وسطي أن يكسب الشباب المتشدد وأن يصحح العديد من مفاهميهم الخاطئة وأن يرشدهم إلي حقائق الإسلام بالحسني بعيدا عن الاتهامات المستفزة لمشاعرهم.. فهل بين من يخاطبون هؤلاء الشباب الآن من يسير علي خطي الشيخ عطية صقر؟
أعتقد ينقص الذين يتحدثون في التطرف والتكفير الآن الكثير والكثير من العلم وحكمة الدعوة والقدرة علي مواجهة المتطرفين وإقناعهم بالفكر الإسلامي الصحيح.