¢أعطي الغرب الاستعماري. منذ خمسة قرون مثال التطرف الأكثر فتكا. وهو الادعاء بامتلاك الثقافة الوحيدة الحقيقية -الدين العالمي الوحيد- نموذج التنمية الوحيد. مع نفي أو تدمير الثقافات الأخري والديانات الأخري والنماذج الأخري للتنمية ¢. بهذه المقولة الموجزة وضع المفكر الفرنسي الاسلامي الراحل روجيه جارودي يده وعقله علي التطرف الحقيقي في العالم . واتهم الغرب بإحتكار نموذج التنمية ومحاولة فرضه قهرا علي بقية العالم . ووصف المفكر جارودي . الذي عايش الغرب عن قرب . هذا النوع من التطرف بأنه ¢ الأكثر فتك ¢لانه سبب لكل أنواع التطرف الاخري.
وشرح جارودي البعد الأكثر خطورة في التطرف الغربي قائلا : ¢إن شرط نمو الغرب إنما كان بالضرورة وليد نهب ثروات العالم الثالث ونقلها إلي أوربا وأمريكا الشمالية خلال خمسة قرون من النهب الاستعماري.. فالغرب هو الذي جعل العالم الثالث متخلفا ... النمو والتخلف عنصرا منظومة الرأسمالية¢.
ومعروف تاريخيا أن نموذج التنمية الغربي رواه أنهار من دماء الابرياء. وصعد علي جثث مئات الملايين من البشر . وتشير الوثائق أن التنافس الاستعماري أشعل حربين عالميتين ضحيتهما 97 مليون انسان منهم 37 مليونا في الحرب العالمية الاولي و60 مليونا في الحرب العالمية الثانية . وتكشف الوثائق أيضا أن تنمية أمريكا وحدها قامت علي جثث 60 مليوناً من الهنود الحمر .و100 مليون من الزنوج في أفريقيا.
ويكشف الفيلسوف والكاتب الأمريكي ذي الأصل السوفييتي ¢أندري فيتشاك¢ أن الارهاب الغربي استمر بقسوة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وقال في حديث نشرته صحيفة لوتون السويسرية : ¢إن السياسة الاستعمارية. منذ نهاية الحرب العالمية الثانية إلي الآن. أدت لمقتل ما بين 50 و55 مليون إنسان . بسبب حروب بدأتها الدول الغربية. أو انقلابات عسكرية صنعها الغرب . أو حروب أهلية تسبب في اندلاعها ¢.
والعكس تماما كان نموذج التنمية الاسلامي حيث ترك كل الشعوب الاخري تحافظ علي هويتها في تسامح تاريخي نادر . وجسد ذلك جارودي في كتابه القيم "لماذا أسلمت" قائلا : ¢ أظهر الإسلام شمولية كبري باستيعابه لسائر الشعوب ذات الديانات المختلفة. وكان في قبوله لاتباع هذه الديانات في داره منفتحا علي ثقافاتهم وحضاراتهم والمثير للدهشة انه في اطار توجهات الإسلام استطاع العرب آنذاك ليس فقط إعطاء إمكانية تعايش نماذج لهذه الحضارات. بل أيضا إعطاء زخم قوي للايمان الجديد: الإسلام . وأعتقد ان هذا الانفتاح هو الذي جعل الإسلام قويا ومنيعا¢.
ولأن الغرب يملك الآلة الإعلامية الخطيرة . وعمل مبكرا علي السيطرة . بل واحتكار البث الارضي والبحري والفضائي. استطاع تبديل الحقائق واظهار المسلمين علي انهم المتطرفون والارهابيون وللأسف ساعدهم الكثير من أبناء المسلمين سواء بتصرفاتهم التي تسئ للاسلام .أو باظهار ولائهم للغرب.
فمتي تصحو الأمة من غفوتها؟!