الجمهورية
عبد الرحمن فهمى
ذكريات .. السكة الحديد عقدة مصرية قديمة
كم عدد حوادث القطارات في مصر؟؟؟.. أتحدي إذا لم نكن أصحاب أكبر نسبة حوادث وضحايا في العالم كله.. لا تمر أيام إلا ونفاجأ بحادثة مروعة.. حوادث القطارات بالذات ضحايا أكثر عدداً من أي حادث آخر.. رغم أن ــ من سخرية القدر ــ أن القطار المفروض أنه أكثر وسيلة نقل آمنة!!!!!.. علي الأقل هي تسير في طريق محدد بطريق "المفروض" أنه آمن تماماً.. ومع ذلك لا نستطيع نحن أن نديرها!!!!
***
وحوادث القطارات المرعبة قديمة منذ زمن طويل.
أذكر حادثة أيام عبدالناصر.. كاد يصل ضحاياها إلي ما يقرب من المائة.. طالبت الصحف بمحاكمة وزير المواصلات.. رفض عبدالناصر وكلفه بدراسة الأسباب وتلافيها مستقبلاً وتقرير علي وجه السرعة يكون أمامه ــ أي أمام عبدالناصر ــ ولكن الصحف لم تسكت.. حملة عنيفة علي الوزير والمطالبة باتهامه بعقوبات تصل للإعدام.. كانت حكاية صحفية فريدة تابعها عبدالناصر.. إلي أن جاء يوم وهو مازال علي سريره كعادته في إلقاء نظرة سريعة علي الصحف كأول عمل له.. في هذا اليوم.. وهو مازال علي السرير امسك التليفون واتصل بمكتبه في سراي القبة لتجهيز قرار جمهوري بإقالة وزير المواصلات لحين لحضوره لتوقيع القرار.. وكان السبب كاريكاتير لصلاح جاهين في الأهرام رآه عبدالناصر فظل يضحك مدة طويلة وقرر إقالة الوزير فوراً.. الكاريكاتير لوزير المواصلات يلبس قفطاناً ويجلس القرفصاء بجوار قبر مكتوب عليه "هيئة السكك الحديدية" والوزير يقرأ سورة "والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة".
***
كان الخوف من اسناد الخدمات لشركات خاصة أن هذه الشركات سترفع أسعار خدماتها علي الشعب.. وكان رد علي ماهر علي هذه النقطة أن من شروط الحكومات علي شركات الخدمات العامة ألا ترفع الأسعار علي الشعب إلا بموافقة الوزارة.. وفي هذه الحالة ستتفق الحكومة مع الشركة علي أمور ما تكسب منها الشركة أكثر من فروق زيادة سعر الخدمة.. ستعطي الحكومة للشركة حق الاعفاء من دفع جمارك لمدة عام مثلاً.. ستنخفض الضرائب بنسبة معينة لمدة معينة.. كل شيء ممكن.. وفي هذه الحالة الكل يربح.. الشركة ستربح الكثير جداً.. الخدمات ستتحسن كثيراً.. الشعب ستؤدي له الخدمة علي أحسن صورة وأداء دون أي زيادة في المصاريف!!!
***
مطلوب الآن 45 مليارا لماذا؟؟.. عبارة مطاطة غير محددة.. مطلوب 45 مليارا لتحديث منظومة السكك الحديد!!!!.. من قبل كذا مليار لتجديد الإشارات المعطلة.. وزمان.. أيام خروشوف الذي تدخل بنفسه من أجل أن تتولي المجر منظومة السكك الحديدية من الألف للياء حتي أنها غيرت كل القطارات تغييراً كاملاً وكان القطار المجري يضرب به المثل بدرجة أن المرحوم المستكاوي سمي مصطفي عبده جناح مصر والأهلي "المجري" لسرعته.. وبعد المجر إسبانيا.. وظهر القطار الإسباني الجميل النظيف الشيك.. وبعد ذلك حاولت المصانع الحربية تصنيع القطار.
أين كل هذ ا الآن؟؟.. الآن مطلوب 45 مليارا!!!!!! لك الله يا مصر.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف