الأهرام
راندا يحيى يوسف
الدكتور إسماعيل سراج الدين
لابد ان التاريخ سيقف طويلاً أمام حيثيات الحكم الصادر ضد الدكتور إسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الأسكندرية السابق ، ويأتى سياق الكلام ليس تعقيباً أو تدخلاً فى أحكام القضاء وإنما ثقًةًبالغة فى عدالة القانون المصرى ؛ والذى لا يعدو فى النهاية كونه قانوناً وضعياً من صنع البشر ويحتمل الخطأ كما يحتمل الصواب.
ولأن القضية المطروحة ليست شخصية بل تخص رمزًا من رموز مصر ، فلا يجب أن ينظر إليها قضائيًا كما يُنظر للقضايا الأخرى ، فمكتبة الأسكندرية بشموخها وعراقتها وأصالتها تعُد صرحًا دوليًا بالغ الأهمية ، فكيف تُعامل معاملة المكتبات العامة ، فيصّدُر الحُكم بتهمةعقد مناقصة لتأجير كافيتريا بالأمر المباشر ؟
يا سادة لكل مقام مقال ، ولكل حالة ظروفها الخاصة المتفردة ، ولا يمكن ان نطبق مفردات القانون بدون رصد للتداعيات التى ستنتج عنه ، حتى لا نتفاجأ بمأزق كالذى نواجهه الآن !
والذى يتتبع تاريخ الدكتور إسماعيل سراج الدين عبر سنوات طويلة من خدمته للوطن ؛ سيرىرمزًا وطنيًا تفانى فى عمله بكل إخلاص وحاول ان يجتهد قدر إستطاعته ، فتبرع للمكتبة بما يزيد عن ثلاثة مليون جنيه من ماله الخاص، وقّدم لها من مكتبته الخاصة ومكتبة والدته بعد وفاتها نوادر الكتب لكى تخدم مئات الباحثين المصريين ، كما حرص دائمًا على حماية المكتبة والشباب المصرى الذى يعمل بها والذى أنجز الكثير ، ولعل الدكتور إسماعيل لم يُخطئ عندما ضحى بمنصبه الدولى كنائب لرئيس البنك الدولى ، ولعله لم يندم عندما رفض ان يكون وزيراً مرةومرة أخرى أن يصبح رئيساً لوزراء مصروفضّل أن يبقى فى موقعه مديراً لمكتبة الإسكندرية ، لقد إرتبط إسمه بالمكتبة لأكثر من 15 عاماً، منذ إنشائها وتشييدهاوإعتباره شخصية دولية تحظى بالإحترام والتقدير فى الأوساط الأكاديمية والدوائر الثقافية ، ولأن الرجل لن ينحنى حتى أمام المحنة التى يحياها الآن ؛ فإن الدكتور مصطفى الفقى المدير الثانى الجديد لمكتبة الإسكندريةوهو من كبار مثقفى مصرأخذ المبادرة وأصدر بياناً بإسم المكتبة فى اليوم الثانى لصدور الحكم دون أن يستند إلى تاريخه ولا لعلاقته.. أعلن فيه إحترامه وإحترام المكتبة لقضاء مصر العريق وأنه لا يتدخل فى شؤونه ولا يُعلق على أحكامه ولكنه والمكتبة لا ينسيان جهود الرجل فى مسيرتها منذ اليوم الأول لميلادها ، وهى أيقونة مصرية ومؤسسة عالمية على شاطئ البحر المتوسط ، وتمنى للدكتور إسماعيل أن يجتاز محنته فى ظل عدالة القانون وثقة الوطن ليظل خادماً للعلم والفكر والثقافة فى مصر الناهضة،ولست أبالغ حين أتصور ان هناك مخطط ممنهج لضرب الرموز المصرية الأصيلة حتى لا تقوم للوطن قائمة وينّفضُ عنه قاماته الفكرية ومفاتيحه نحو مستقبل مشرق ، فليس هكذا تكون نهاية العظماء !
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف