الأهرام
يوسف القعيد
المثقفون فى انتظار تكريم الرئيس
عندما قرأت خبر عودة عيد العِلم المتوقف منذ ثلاث سنوات، هلّت عليّ روائح الزمن الجميل. فرحت، أدركت أن الرئيس يحاول استعادة مصر التى كانت من خلال رموزها واحتفالاتها، وما كان يجرى فيها. ليس باعتباره استعادة للماضي، لكن بمعنى تحويل الماضى إلى ركيزة انطلاق نحو المستقبل.

تابعت الحفل الذى أقيم فى قاعة الاحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة، نفس القاعة التى كان يقام فيها فى ستينيات القرن الماضي، ولاحظت أنه تم تكريم العلماء فقط. والأوسمة التى منحها الرئيس للفائزين بجوائز الدولة تحمل مسمى جوائز الدولة فى الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية والعلوم. لذلك افتقدت تكريم الحاصلين على جوائز الدولة فى الأفرع الأخرى غير العلوم. فرحت أن الرئيس كرَّم أوائل الشهادات العامة. ذخيرة مصر من أجل الزمن الآتي. لا أقلل من قيمة العلم فى حياتنا. وأسعد لمجرد تكريم العلماء، وأعتبر أن العالم مثقف كبير. ولا أُفَرِّق بينه وبين الفنان أو الأديب أو عالم الاجتماع. فهى عقول تُمَكِّن مصر من العبور من ماضيها لحاضرها، لمستقبلها. ومع هذا قلقت لغياب الأدباء والكتاب والمثقفين وعلماء الاجتماع عن التكريم.

سنة 1965 كرَّم الرئيس جمال عبد الناصر فى عيد العلم: أم كلثوم، ومحمد عبد الوهاب معاً. كان حصول أم كلثوم على الجائزة مشكلة. لأن بعضهم قال إنها مؤدية، أكثر منها مبدعة. وجرى تعديل الكلام، وكان وجود عبد الوهاب وأم كلثوم معاً فى حضور عبد الناصر البذرة الأولى لالتقائهما معاً فى عمل واحد. سماه الإعلام وقتها: لقاء السحاب. والأدلة كثيرة، نجيب محفوظ حصل على جائزة الدولة التقديرية. وكانت أعلى جائزة فى مصر. ولم تكن جائزة النيل قد أنشئت. وكرَّم الرئيس عبد الناصر طه حسين وعباس محمود العقاد وتوفيق الحكيم خلال خمسينيات القرن الماضي. ما لم يدرك كله لا يترك كله. وأنا أكتب الآن لا لأنتقد عدم تكريم المثقفين. ولكن أتمنى أن يصبح عيد العلم العائد من ستينيات القرن الماضى كاملاً. وأن يتحول لعيد للعقل المصري، فإن كان العلم المجرد يعنى الكثير فى تقدم الحياة. فإن الفن والأدب يركزان على إنسانية الناس وحياتهم اليومية وانتقال الوجدان المصرى من حال إلى حال.

هذا العام جرى الاحتفال بعيد العلم يوم السادس من أغسطس، وأعتقد أنها مناسبة لكى يتلاقى عيد بعيد. ففى هذا اليوم جرى افتتاح قناة السويس الجديدة فى احتفال حضرناه فى الموقع. وكان إنجازاً مصرياً نادر الحدوث. حيث شعر الإنسان وهو هناك بأنه يرى التاريخ يصنع أمامه. لا توجد مسافة بين المناسبتين. فالعلم طريقنا ربما الوحيد للمستقبل، والفن تسجيل حى لما يتم فى حياتنا من أفراح، ولولا العلم ما تمكن من قاموا بمعجزة إنجاز قناة السويس الجديدة فى مدة زمنية توشك أن تشكل تحدياً لمن قاموا بها. ثم إن قناة السويس تصلنا بالعالم وتجعل العالم فى قلب حياتنا. المناسبتان تعدان مناسبة واحدة. فى عيدالعلم كان المثقفون يكرمون من الرئيس. تسلم لهم الأوسمة والنياشين الخاصة بالجوائز التى حصلوا عليها، ويشعر كل منهم بأن وطنه يكرمه. وأن بلاده ترد له بعض ما قدم لها من إنجازات. وهو معنى شديد الأهمية لبناء الأوطان. فأن يشعر الإنسان بأن بلده تكرمه وتقدم له جائزة مسألة تدفع الدموع إلى العين.

فى فترة غياب تسليم جوائز مصر للمصريين نشأت حولنا جوائز كثيرة. وهو تطور طبيعى نرحب به. ونعتبره عزفاً على إيقاع مصر. لكن أن تعود لنا الجوائز مسألة مهمة. وفى السنوات السابقة كانت مستمرة. ولكن من يحصل على جائزة كان يذهب للمسئول لكى يتسلم منه فى مكتبه الشيك والبراءة والشهادة فى مشهد بينهما فقط. فى حين أن الإشهار والاحتفال ومن رأس الدولة مسألة تفرق كثيراً عن الحصول على الجائزة من مسئول فى مكتبه.

واحتفالات الرئاسة المصرية لم تقتصر على الجوائز المصرية. فنجيب محفوظ عندما حصل على جائزة نوبل فى الآداب - وهى نوبل الأولى والأخيرة للأدب العربى حتى الآن على الأقل - أقامت له رئاسة الجمهورية احتفالاً ضخماً، دعت له من كل أنحاء العالم المترجمين والنقاد والباحثين الذين اهتموا بأدب نجيب محفوظ. وحضروا معه الاحتفال الذى تقلد فيه نجيب محفوظ قلادة النيل. وأذكر أن نجيب محفوظ قال لى يومها إن الحفل الذى أقامته لى بلادى أهم من أى حفل آخر. كان حريصاً على حضوره، على الرغم من عدم حرصه على السفر إلى السويد لتسلم جائزة نوبل من المؤسسة العالمية هناك. تقول وقائع التاريخ إنه فى عهد جمال عبد الناصر، وفى 1958، تم تغيير موعد عيد العلم إلى 21 ديسمبر، تاريخ افتتاح جامعة القاهرة عند تأسيسها عام 1908. وكان الملك فاروق احتفل بالعيد 1944، وجعل شهر أغسطس موعداً له.

عطر الأحباب:

وصلتنى رسالة من خالد عبد الهادي. الذى يشكل ذاكرة ثقافية. تعليقاً على مقال: فتوى لكل مواطن، المنشور الأسبوع الماضي:

بالنسبة للمسرحية التى كتبها توفيق الحكيم «الطعام لكل فم» فقد صدرت سنة 1963 من ثلاثة فصول عن دار مكتبة مصر (وهى تنتمى لمسرح اللامعقول أو العبثي) وحولت لمسلسل إذاعى سنة 1964 من إخراج أحمد عبد الحميد، وإعداد أحمد عباس صالح، وبطولة : أزهار شريف وأمينة رزق وجلال الشرقاوي وسعد الغزاوى (من أصل فلسطيني) وسيد الريس وصبرى عبد العزيز وصلاح ذو الفقار وصلاح نظمى وعبد المنعم إسماعيل (أشهر كومبارس ومات منتحرا) وعصمت محمود (ممثلة) وفوزية إبراهيم ونادية النقراشى (صحفية بمجلة آخر ساعة). وتم تحولها لمسرحية سنة 1963 من إخراج محمد عبد العزيز، وبطولة أمينة رزق وسلوى محمود وعبد العزيز مكيوى (توفى قبل سنة ونصف فى يناير 2016) وعبد المنعم إبراهيم وهالة فاخر وهدى عيسي ومحمد سالم

كما عرضت سنة 2003 على مسرح الغد من إخراج وإعداد محمد متولى (ليس الممثل)، وبطولة حنان مطاوع ودينا نور وسلوى عثمان وهمام تمام ووفاء الحكيم ووليد منصور (هو ابن المخرج جمال منصور وابن شقيق فنان المسرح صلاح منصور).
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف