الجمهورية
عبد الرحمن فهمى
فاروق عبدالعزيز.. شهيداً
.. وسقط فاروق عبدالعزيز شهيداً علي بلاط صاحبة الجلالة!!! السلطة الرابعة!!! الصحافة!!! بعد أكثر من أربعين عاماً يعمل في الصحافة.. وفي جريدة "الجمهورية" بالذات التي كان يقضي بين جدرانها يومياً أكثر من الساعات التي يقضيها مع أسرته في المنزل..
تخرج فاروق عبدالعزيز في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة عام ..1964 وكان الباب مفتوحاً أمامه للالتحاق بأكثر من عمل له مستقبل كبير مثل وزارة الخارجية والعمل الدبلوماسي أو هيئة الاستعلامات ومكاتبها في الخارج أو البورصة أو الشركات الحكومية الكبري مثل شركة النصر برئاسة رجل المخابرات الكبير محمد غانم وكانت الشركة لها فروع في كل عواصم الدول الافريقية.. وكان محمد غانم أحد أبرز أعضاء النادي الأهلي ورشح نفسه مرتين رئيساً للنادي.. كان غانم دائم البحث عن خريجي هذه الكلية بالذات ليتم تعيينهم في مكاتب الشركة الخارجية.. مثلاً.. مثلاً.. ولكن المرحوم فاروق كان يعشق الصحافة من علي بعد قارئا ومتابعا وصديقا لعدد من الصحفيين.
***
لم ينتقل فاروق عبدالعزيز من "الجمهورية" إلي أية جريدة أخري كما دائماً ما يفعل كثير من زملائنا لأسباب كثيرة.. ما أن يبرز زميل ما حتي تخطفه صحيفة أخري وكانت هذه لعبة مصطفي أمين.. أنشأ جريدة "الأخبار".. وسار ابراهيم سعدة علي نفس السياسة بعد عودته من المنفي أيام السادات في السبعينيات.. بل حاول معنا الأخ ابراهيم سعدة.. كنا ثلاثة مفيد فوزي وسكينة فؤاد وكاتب هذه السطور وحين تمسكنا بمواقفنا اتفق معنا علي كتابة مقال كل اسبوع في "أخبار اليوم" التي تصدر كل سبت.
أكتب هذا لأن المرحوم فاروق كان خير من عمل كصحفي بارز في مجال هام جدا وهو البترول والاقتصاد حتي أصبح صديقا شخصيا لكل وزراء ووكلاء هاتين الوزارتين.. وانفراده بأهم الأخبار وأهمية المواضيع التي يطرقها والآراء التي يكتبها بحكم الدراسة أولاً ثم الخبرة.. لذا كانت تتمناه أية جريدة منافسة.. ولكن كان هذا مستحيلاً.. لماذاً؟!.. لأن المرحوم فاروق كان يعشق الجريدة وكان كل من في الجريدة يعشق فاروق.. علي طوال السنوات التي قضاها فاروق بالجريدة أتحدي أن يكون قد غضب فاروق من أحد سواء رؤساءه أو تلاميذه وما أكثرهم.. أو أغضب فاروق أحداً.. كان الصديق الحميم لكل من بالجريدة من الساعي لرئيس مجلس الإدارة.
***
يقولون: "اذكروا محاسن موتاكم".. من أجل هذه النصيحة وهذه العبارة.. لا يخلو معني من "رص" كلمات المديح والثناء بالحق أو بالمجاملة.. لذا فقدت هذه الكلمات تصديقها من القراء.. وهنا ظلم كبير لمن يستحق فعلاً أبيات شعر لا كلمات مدح فقط.. فاروق عبدالعزيز أتحدي لو رآه أحد بدون ابتسامة علي وجهه المشرق ليلا ونهارا.. الطيبة والخلق والحب وتقدس العمل والدفاع عن زملائه الدائم حتي لو أخطأ.. من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر ويقوم فاروق بإصلاح الخطأ بصداقته وعلاقاته الطيبة دون أن يدرس أحمد.. هذه هي أخلاق فاروق عبدالعزيز الذي وصل إلي خط النهاية قبلنا.. وعن طابور طويل وراءك ما لم يدركنا الله برحمته..
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف