الدستور
ماجد حبته
حدث فى 14 أغسطس!
ماذا حدث في ١٤ أغسطس؟!.

الحدث الأبرز في ذاكرتي هو إلقاء القبض على الإرهابي الدولي «كارلوس»، سنة ١٩٩٤، في العاصمة السودانية الخرطوم!. لا ينافسه غير قيام الإرهابي عبداللطيف موسى بإعلان قيام ما زعم أنها «إمارة إسلامية»، سنة ٢٠٠٩، من «مسجد ابن تيمية» في رفح الفلسطينية!.



إليتش راميريز سانشيز، الشهير بـ«كارلوس»، هو أشهر ما نتج عن تزاوج الاشتراكيين مع الإسلاميين، والمُتثورجين مع المرتزقة باسم النضال. وهذا هو التفسير الأنسب للوصف الذي اختاره لنفسه: «ثوري محترف». فالاحتراف لا يكون إلا مدفوع الأجر، بغض النظر عمن يدفع. وبالتالي، لم يكن لغزًا أو معضلة أن يبدأ مشواره مع الإرهاب تحت راية «كارل ماركس» وينهيه فوق سجّادة «أسامة بن لادن»!. وبينهما تنقّل بين ما توصف بـ«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» إلى «الجيش الأحمر الياباني» إلى «الجيش الأحمر الألماني».. إلى أي جيش أحمر أو أخضر يدفع أكثر!.



سجل حافل بالعمليات الإرهابية، استمرت لأكثر من عشرين سنة، استطاع خلالها الإفلات من مطاردات أجهزة مخابرات عديدة، قبل أن يقوم النظام السوداني، في مثل هذا اليوم سنة ١٩٩٤، بتخديره وتكبيله بالحديد، وتسليمه وهو تحت تأثير المخدر، إلى المخابرات الفرنسية. وكان التبرير الذي نقلته وسائل إعلام عن مسئول سوداني هو: «استقبلناه مناضلًا يقاتل من أجل القضية الفلسطينية والأهداف السامية، لكنه كان يتصرّف بلا حياء ويُفرِط في تعاطي الكحول ومعاشرة النساء، فقمنا بتسليمه دون أي أسف إلى فرنسا. ولا يستطيع أحد أن يلومنا على ذلك».



سلوكه الشخصي، كان سببًا، مع أسباب أخرى، ومغريات عديدة قدمتها فرنسا إلى الرئيس السوداني عمر البشير، وحليفه في ذلك الوقت، حسن الترابي، بينها ٥٠ مليون دولار قال وزير الداخلية الفرنسي، وقتها، إن بلاده دفعتها للحكومة السودانية. وغير التبرير، الذي نقلته وسائل الإعلام عن المسئول السوداني، فقد تردد أن أجهزة الأمن هناك، استفزتها علاقات «كارلوس» النسائية، التي طالت زوجات مسئولين سودانيين، سابقين وحاليين، موتى وأحياء!. وكانت حركة مكشوفة أن تزعم السلطات السودانية أن الإرهابي الدولي دخل السودان دون علمها. قبل أن يفضحها «كارلوس» نفسه ويقول إن جهات رسمية سودانية هي التي تولت ترتيبات دخوله إلى الخرطوم، بل أكد أن الطائرة التي أقلّته من الأردن كان على متنها وزير الخارجية السوداني شخصيًا!.



على أي حال، فقد باعته السلطات السودانية، وحملته طائرة خاصة إلى باريس، وهناك قضت المحاكم الفرنسية بسجنه مدى الحياة مرتين، مرة في قضية قتل رجال الأمن الفرنسيين أثناء مداهمتهم للشقة التي كان يختبئ بها عام ١٩٧٥. ومرة عن عدة تفجيرات قام بتنفيذها في فرنسا خلال عامي ١٩٨٢ و١٩٨٣: تفجير قطار بين مدينتي تولوز وباريس، وهجوم بسيارة مفخخة على مقر مجلة «الوطن العربي»، وتفجير قطار سريع بين مرسيليا وباريس، وكانت حصيلة التفجيرات ١١ قتيلًا و١٩١ جريحًا.



بين أخطر وأشهر عمليات سجل «كارلوس» الحافل، اقتحامه مع خمسة مسلحين، في ديسمبر ١٩٧٥، اجتماعًا لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) في فيينا، وقيامه بقتل ثلاثة أشخاص، واحتجاز ٧٠ بينهم ١١ وزيرًا وممثلًا للدول الأعضاء في «أوبك».. وهى العملية التي تمكّن خلالها هو وزملاؤه، من الحصول على طائرة نقلتهم مع الرهائن إلى الجزائر، حيث تم إطلاق سراح الرهائن مقابل فدية مقدارها ٥٠ مليون دولار، تسلّمها «كارلوس» الذي قام بتسليم نفسه للسلطات الجزائرية، وأفرجت عنه بعد عدة أيام!. أما أكثر منجزاته إثارة للدهشة والسخرية، فهو كتابه «الإسلام الثوري»، الذي قام بتهريبه من سجنه سنة ٢٠٠٣، والمليء بـ«خزعبلات» تجعلك تعتقد أنه رضع مع قيادات جماعة «الإخوان» من أتان (أنثى الحمار) أو خنزيرة واحدة!.



ولأن وجود «العفريت» يعني، بالضرورة والتبعية، وجود «الخرابة»، كان طبيعيًا أن تلعب قطر و«الجزيرة» دورًا في التسويق لـ«مظلومية» الإرهابي الدولي، كعادة كل الإرهابيين الذين يجرى إلقاء القبض عليهم، لا يكتشفون إصابتهم بكل أمراض الدنيا إلا في السجن.. وهو «الكتالوج» الذي سارت عليه إيزابيل كوتان بيير في لقاءاتها المتعددة مع القناة اللقيطة، بينها ذلك الحوار المنشور في «الجزيرة نت»، والذي أكدت فيه أن زوجها يعاني عدة أمراض، وأن السلطات الفرنسية تقوم بتعذيبه والتنكيل به داخل زنزانته، تنفيذًا لأوامر أمريكية!.



إيزابيل- التي تزوجت كارلوس بعد توليها مهمة الدفاع عنه أمام القضاء الفرنسي- لا تعترف بسجنه أو بالأحكام الصادرة ضده وتراه مختطفًا. وقالت إنه تتم معاملته في السجن بشكل لا إنساني: «عاش أشكالًا مختلفة من التنكيل في الحبس الانفرادي منذ اختطافه من السودان». وبعد أن وصفته بأنه «رجل يتمتع بإرادة قوية جدًا»، شكت من أن الجميع تخلى عن «الرجل الذي أعطى حياته للمبادئ الثورية كي يصبح العالم أكثر عدلًا». ولم تنس أن تتحدث عن الظروف المالية الصعبة التي تعاني منها!.



أرأيت أو «شفت بقى» كيف أن زوجة الإرهابي الدولي ومحاميته، تطبّق «الكتالوج» نفسه، الذي يطبّقه المدافعون، في مصر، عن ٤٣٣٥ إرهابيًا صدرت ضدهم أحكام قضائية بالإعدام والسجن المؤبد؟!.

هؤلاء الإرهابيون، هم فقط مَن تم إلقاء القبض عليهم، وكلهم كانوا متواجدين في بؤرتي «رابعة» و«النهضة». وهناك كثيرون غيرهم، ارتكبوا عشرات العمليات الإرهابية، كانوا معهم في البؤرتين، وخرجوا منهما بسلام، عبر ممرات آمنة وفّرتها لهم السلطات المصرية، حين قامت بفض البؤرتين الإرهابيتين، في مثل هذا اليوم منذ أربع سنوات!.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف