منى حلمى
ناس تُلقى الفضلات.. وناس تلمّها
حلمت بالأمس، أننى أبحث عن شىء اسمه «محكمة الشمس الدولية».. بحثت فى كل مكان. ليس لها وجود.
«محكمة الشمس الدولية».. قد تكون فى صوت الكروان الذى لا يبكى، إلا حينما ينزف.. أو فى عمق البحر. أو فوق واحدة من الأشجار، التى تموت، وهى واقفة.. ربما تكون فى قلوب عاشقة، ما زالت تخفق. وعقول لم تُستبدل بعد، بقطع من الحجر.. إن «العدالة» مثل «أشعة الشمس» لابد أن تكون ملكًا، وحقًا للجميع.
«محكمة الشمس الدولية» ترفض الخرافة الموروثة منذ عصور العبودية.. إن التفرقة بين الناس شىء «طبيعى»، بل ضرورى، كى تستمر الحياة. من المستحيل تحقيق تلك «الخدعة» التى يسمونها «العدالة».
فمنْ سيقوم بخدمة وتلبية مطالب الطبقات، والشرائح، والدرجات، والفئات، والأجناس، «الأعلى»، و«الأقوى»، غير النساء، والرجال، «الأدنى»، و«الأضعف»؟ هذا هو العالم المقلوب، المختل، الذى نعيشه. نصف «خادم»، ونصف «مخدوم».
أنا أريد عالما «معدولا»، يؤمن بأن «التفرقة» السائدة فى القيم، والقوانين، والأعراف، والتقاليد، والأخلاق، «غير طبيعية»، وهى التى قسمت العالم إلى نصفين: نصف «أعلى»، «أقوى»، يعيش على خدمة، واستغلال، واستنزاف، عمل، وطاقات، نصف آخر «أدنى» و«أضعف».
الأنظمة التى تحكم العالم هى المسئولة عن هذا التقسيم المخجل الآثم.. بل إن مهمتها الأساسية هى تبريره بالأديان.. بدون التبرير الدينى، سوف تنهار الأنظمة السياسية، حتى العريق، والعتيد منها.
بالطبع لابد من وجود طبقتين: طبقة تطلب الطعام بالتليفون، وطبقة توصله مجانا للبيوت.
نصف يلعب التنس. ونصف يجرى لجمع الكور. نصف يلقى الفضلات. ونصف يلمها.
فجأة، أسمع صوتا ساخرا يقول: «هل أنتِ حمقاء.. أم تعيشين بعيدا فى كون آخر.. أتريدين «عدالة» مثل «الشمس»؟.. قلت: «ولِم لا؟».. قال: «إنه الجنون الكامل المطلق.. ونحن على كوكب صارم التعقل». قلت: «ربما نحتاج إلى شىء من الجنون، لكى نصعد درجة أعلى من الرقى الإنسانى، والتقدم الحضارى».
قال: ألا يكفى أن «الشمس»، تشرق كل يوم، على كل البشر، بالتساوى، دون تفرقة؟ تريدين أيضا أن «توظفيها»، فيما لم تُخلق له؟. ما هذا الطمع، ما هذا الجحود؟ هذه مهمتكم أنتم أيها البشر، التى فشلتم فى إنجازها.
استيقظت من الحلم، متسائلة: «أحقا العدالة مستحيلة؟».
هل إلغاء التفرقة بين البشر «خدعة»؟
من بستان قصائدى
علمنى كيف أنسى كل الأشياء..
ونسى أن يعلمنى..
كيف أنساه؟