الدستور
اللواء- طلعت-أحمد- مسلم
.. وتنضم غواصة جديدة
كان أهم ما دار عسكريًا خلال الأسبوع الأول من شهر أغسطس عام ٢٠١٧، هو استلام القوات البحرية المصرية الغواصة الثانية من طراز ٢٠٩١٤٠٠، لتنضم إلى أسطول الغواصات المصرى.. والذى تدرب على الغواصات السوفييتيةالروسية والغواصات الصينية، والذى راكم خبرات فى هذا المجال.. يمكن القول إنها تفوقت على أغلب الدول النامية، خاصة أن مصر قد استخدمت غواصاتها فى إدارة الصراعات المسلحة، التى خاضتها، ولم تكتفِ بامتلاكها على النحو الذى نلاحظه فى كثير من الدول النامية.
وإن كانت لم تعلن عن استخدامها للغواصات.. ونحن نقرأ ونسمع عن الخبر الخاص باستلام الغواصة.. أشير إلى أننى قد سألنى الكثيرون عن أهمية استلام الغواصة، وإذا كان السؤال يبدو طبيعيًا.. فإن لهجة السؤال كانت تشير إلى أن السائل يتوقع نوعًا من المقارنة بين الحال قبل استلام الغواصة وبعده، وكأن استلام الغواصة ينقل مصر وقواتها المسلحة نقلة نوعية، وهو ما لا أوافق عليه.. فأنا أؤمن بأن الغواصة الجديدة جزء من منظومة الغواصات فى القوات البحرية المصرية، وأن القوات البحرية جزء من قوة مصر فى البحر، ومن منظومة القوات المسلحة المصرية، وأن القوات المسلحة المصرية جزء من منظومة مصر، ولذا فإن كل جديد ينضم إلى المنظومة المصرية يندمج فيها.
أعود لأقول إن الغواصة، وهى تنضم إلى القوات البحرية.. هى تساعدها على تنفيذ المهام التى تكلف بها، والقوات البحرية يمكن تقسيمها إلى أسلحة سفن السطح وأسلحة تحت الماء، وكما هو واضح أن الغواصات من أسلحة تحت الماء إلى جانب الألغام والضفادع البشرية، التى تمثل جزءًا من الصاعقة البحرية أو القوات الخاصة البحرية، وأن القوات البحرية عادة ما تكلف بإضعاف التشكيلات البحرية المعادية، وبحماية خطوط المواصلات البحرية، كما قد تكلف باعتراض خطوط المواصلات البحرية للعدو، وكذا قد تكلف بالقيام بالإنزال البحرى، وما سبق يشكل أهم العمليات البحرية، التى قد تكلف بها القوات البحرية للدولة، ولكنها تقوم أيضًا ببعض الأعمال البحرية المهمة، مثل الاستطلاع البحرى وحماية السواحل والدفاع عنها ومعاونة التشكيلات البرية، التى تعمل بحذاء الساحل أو بالقرب منه، وكذا أعمال البحث والإنقاذ، ولا أظننى بحاجة للتأكيد بأن القوات البحرية ومنها الغواصات، وهى تنفذ مهامها.. تقوم بذلك فى تعاون مع باقى الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة المعروفة.. خاصة القوات الجوية والدفاع الجوى فى مناطق عملها والجيوش الميدانية.
من المناسب أن نتذكر الدور الخاص الذى تلعبه الغواصات فى تحقيق مهام القوات البحرية المصرية، فالغواصات تقوم بمهمة أقرب إلى ردع العدو، حيث إنها يصعب على العدو تحديد مكانها، وبالتالى غالبًا ما لا تُصاب الغواصات من الضربة الأولى، التى يقوم بها العدو فى محاولة لمفاجأة قوات الطرف الآخر، وبالتالى فإن الغواصات تشكل العمود الفقرى للضربة الثانية، التى يمكن لقواتنا توجيهها ضد أهداف العدو المهمة، والتى يعمل العدو لها حسابًا كبيرًا. أما حماية خطوط المواصلات البحرية فعلينا أن نتذكر أن مصر تعتمد فى كثير من احتياجاتها على استيرادها، وأن الملاحة البحرية والنقل البحرى هى الوسيلة الرئيسية للحصول على احتياجاتها، ولذا فإن حماية خطوط المواصلات البحرية مهمة حيوية بالنسبة لمصر، وتقوم القوات البحرية بالمهمة الرئيسية فيها، ويمكن للغواصات أن تلعب دورًا مهمًا فيها. أخيرًا فإن المحافظة على أمن الملاحة فى البحر الأحمر وقناة السويس مهمة حساسة، ومن أهم مهام القوات البحرية، وطبعًا بالتعاون مع باقى الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة.
أخيرًا.. فإن الغواصات بحكم طبيعة عملها وقدراتها.. فإن الغواصة الواحدة منها تشكل تشكيلًا بحريًا بذاتها، وتُدار عادة بواسطة قائد القوات البحرية مباشرة أو بواسطة قائد مسرح العمليات على الأقل، ولها دور خاص فى التعامل مع المضايق البحرية، وهى كثيرة نسبيًا فى البحرين الأحمر والمتوسط، ونذكر هنا مضيق باب المندب ومضايق المداخل الجنوبية لخليجى العقبة والسويس ومضيق صقلية ومضيق بنتلاريا، وأخيرًا مضيق جبل طارق.
أهم خصائص الغواصة الجديدة هو مدى عملها الذى يصل إلى ١١٠٠٠ ميل بحرى، والذى يمكنها من تغطية مجالات كثيرة نتيجة لإمكان الارتكاز إلى قواعد بعيدة عن قواعدها المصرية يمكن تصورها من قواعد فى الخليج إلى قواعد فى المغرب العربى، وهو ما لا بد وأن تفتقر إليه إسرائيل وغيرها.
يبقى أن أذكر أن مصر تمارس سياسة تنويع مصادر السلاح بشكل حقيقى لأول مرة حيث كان الأمر عادة يقتصر على الانتقال من مصدر غربى، مثل بريطانيا وفرنسا وأمريكا إلى مصدر شرقى (الاتحاد السوفييتى) أو العكس، والآن نستورد من دول مختلفة من الجانبين، ويرجع ذلك إلى تغيرات النظام العالمى.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف