الجمهورية
لويس جريس
صور من بلدى .. ذكري الطهطاوي والدولة المدنية
مرت علينا منذ أيام وتحديدا في 27 مايو ذكري وفاة مفكر مصري كبير هو رفاعة الطهطاوي ابن الصعيد الفذ. الذي رحل عن العالم في 1873 أي منذ 142 عاما إلا أن أفكاره وما دعا إليه مازال صالحا للحديث عنه وعن مشروعه الفكري الذي يحاول البعض التنكر له وإعادتنا إلي ما كنا عليه أيام ما قبل الحداثة التي شهدتها مصر نتيجة شيوع أفكاره وتطبيقها في الواقع بفضل أجيال متتالية من المثقفين الأحرار جاءت من بعده.
ذلك الواقع يرصده بمهارة الكاتب الكبير بهاء طاهر في كتاب أصدر في التسعينيات من القرن الماضي وأعيد طبعه في 2009 ثم في 2011 وهو "أبناء رفاعة - الحرية والثقافة" وكما ذكر طاهر في مقدمته للكتاب فانه يرصد صعود الدولة المدنية وانحسارها من خلال رصد الأدوار التي لعبها المثقفون المصريون لإحداث هذه النقلة التاريخية علي مدي أكثر من قرن من الزمان ومحاولات البعض العودة بها إلي ما كان الوضع قبل الطهطاوي.
يرصد الجزء الأول من الكتاب الصعود التدريجي لخروج المجتمع المصري من ظلام العصور الوسطي إلي أنوار الحداثة والحرية بجهود مثقفين علي امتداد نحو 150 عاما أما الفصول الأخيرة من الكتاب فتعرض "خطي التراجع التدريجي والمنظلم لمشروع النهضة ذاك بهدف العودة من جديد إلي المنظومة الفكرية للدولة العثمانية التي يتغزل بها الآن الكثيرون علي غير علم رغم انها قد أشرفت بمصر علي الهلاك".
ويري بهاء طاهر ان فلسفة الحكم في البلاد حتي نهاية القرن الثامن عشر كان قوامها الاستبداد تحت قناع الدين وان الطهطاوي "أدرك تلك الحقيقة وهي ان مصر كانت علي وشك الاندثار.. تدين مصر للطهطاوي بأكبر فضل في التغيير الثقافي الذي غير وجه الحياة".
ويذكر المؤلف - بعد استعراض جهود الطهطاوي في الترجمة والصحافة والتأليف ان أول خطوة في الانقلاب الفكري الذي أحدثه هذا الرائد الوطني هو بعث مفهوم الوطن في مقابل مفهوم الأمة. حيث دعا الطهطاوي لمفاهيم جديدة لم تكن معروفة مثل الوطن والأخوة الوطنية والحرية والمساواة ومن أقواله المأثورة في هذا المجال "جميع ما يجب علي المؤمن لأخيه المؤمن يجب علي أعضاء الوطن في حقوق بعضهم علي بعض لما بينهم من أخوة الوطنية".
وهكذا أرسي الطهطاوي مبدأ المساواة بين أبناء الوطن الواحد ذلك المبدأ الذي ناضل المصريون طويلا بعدها تمسكا به حتي تم تقنينه في دستور الثورة العرابية - الذي سريعا ما وأده الاحتلال الانجليزي - ثم في دستور 1923 وما تلاه من دساتير مصرية أكدت المساواة التامة بين أبناء الوطن دون تفرقة بسبب دين أو جنس أو عرق.
ثم تأتي دعوة الطهطاوي للديمقراطية والعدالة الاجتماعية والحرية وتعليم البنات لتكتمل أسس النهضة الحديثة التي بدونها لا تقوم نهضة ولا تقدم.
لقطة :
"يلتزم قائدو مركبات النقل "نقل بضائع" والنقل العام للركاب والميكروباص المخصص لنقل الركاب بأجر بالسير أقصي يمين الطريق.. كما يلتزم قائدو مركبات السياحة والرحلات بالسير في المسار التالي لأقصي اليمين..ويعاقب المخالف بغرامة لا تقل عن 200 جنيه ولا تزيد علي ألف جنيه".. المادة 70 مكرر من قانون المرور.
سؤال: كم سيارة نقل أو سياحة تلتزم بهذه المادة؟ وكم رجل مرور يحاول تطبيقها علي المخالفين؟
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف