الدستور
ماجد حبته
واقع و«فانتازيا» الكتكوت الإنجليزى!
هل أصاب الجنون محافظ أسوان حتى يقيم حفل استقبال رسميًا لـ«كتاكيت»؟!.

صباح السبت، ذكر بيان صادر عن المحافظة أن مطار أسوان الدولي يستعد لاستقبال ٤٣ ألف كتكوت إنجليزي قادمة في شحنة من إنجلترا، عبر رحلة طيران «شارتر»، وأعلن اللواء مجدي حجازي، محافظ أسوان، في ذلك البيان، أنه سيكون في مقدمة المستقبلين لــ«الكتاكيت» ومعه الدكتورة منى محرز، نائب وزير الزراعة لشئون الثروة الحيوانية والسمكية. وبالفعل، وصلت الشحنة وأقيم حفل الاستقبال، وبعده بدأت حفلات «الهري» و«الاستهبال»!.



عادى وطبيعي أن يسخر مواطن، ويجدها فرصة لـ«التنكيت»، واستدعاء ما تحتفظ به ذاكرته من عجائب وطرائف الكتاكيت!. لكن غير العادي وغير الطبيعي أن تخرج تصريحات في منتهى السذاجة (ومشّيها سذاجة) من وكيل لجنة الزراعة بمجلس النواب، بدأها بأن «صفقة الكتاكيت المستوردة من إنجلترا تنم عن الفشل الذريع الموجود داخل وزارة الزراعة»، قبل أن يصف الصفقة إجمالًا، بأنها «شغل فانتازيا». ولا أعتقد أنه يعرف معنى «فانتازيا»، وإلا ما تجرأ على نطق الكلمة!.



«الفانتازيا»، هي إدراج الخيال في إطار متماسك ذاتيًا، يحتوى على عناصر متناسقة ومتسقة مع بعضها البعض. وقد يكون هذا الخيال مختبئًا داخل ذلك الإطار، كأن يتسرّب إليه على أنه عالم حقيقي، ويكون واضحًا لو كان الإطار هو نفسه عالمًا خياليًا وكان كل ما به من عناصر جزءًا من هذا العالم!. وتقريبًا للصورة، وتوضيحًا للمصطلح، سنفترض أن «مجلس النواب» هو الإطار. وعليه، فلو نظرت إلى المجلس على أنه عالم حقيقي، فإن وجود نائب كهذا، يكون هو الخيال المختبئ أو المتسرب. أما لو رأيت المجلس عالمًا خياليًا، فسيكون واضحًا أن الأستاذ «النائب» مجرد خيال أو وهم. بالضبط، كتلك الأسئلة التي طرحها في تصريحاته العجيبة: «إلى من سيتم بيع هذا الكتكوت؟ هل للفنادق الكبرى أم للمواطن البسيط؟ وهل ندعم الطبقة العليا أم ندعم المواطن البسيط؟».



ما هذا الذي يقوله «الأستاذ» النائب البرلماني، وكيل لجنة الزراعة بمجلس النواب؟!. أيّ بيع سيتم؟! وما علاقة الموضوع بالفنادق الكبرى أو الصغرى أو المواطن البسيط أو الطبقة العليا؟! وماذا يقصد بكلمة «ندعم»؟!. وما شكل وطبيعة الدعم الذي يسأل عن تقديمه لما وصفها بالطبقة العليا؟!. وإجمالًا، ما موقع كل هذا من الإعراب أو من أي شيء؟! وما علاقة كل هذه «الهلفطة» بـ«كتاكيت» تم استيرادها لصالح مشروع مزارع إنتاج جدود الدواجن؟!. هل هي عبارات لا يحفظ «النائب» غيرها، وبمجرد أن يضغط أحدهم على زر أو «زرار» التشغيل»، يردّدها بغض النظر عن طبيعة الموضوع؟!. أم نحن أمام نموذج لمن نصفه بأنه «حافظ مش فاهم»؟!.



لو سأل النائب، قبل أن يفتى بغير علم، لعرف أن هناك ما يوصف بـ«الكتكوت الجد» أو أصل الدواجن، وأن هذا النوع من الكتاكيت بعد اكتمال نموه ينجب من ٤٠ إلى ٤٥ «أم» خلال الموسم الواحد، بلغة أهل «الشغلانة»، أو خلال دورة التربية والإنتاج، بلغة أهل الاختصاص. ولأن «الأم» تنتج من ١٠٠ إلى ١٢٠ دجاجة تسمين، فإن الحد الأدنى يساوى ذلك الرقم الذي أعلنته الدكتورة منى محرز: هذه الـ«سلالة» تنتج ٤٠٠٠ دجاجة في الموسم الواحد، أي في دورة الإنتاج الواحدة. اضرب ٤ آلاف في ٤٣ ألفًا، ستجد أن الناتج سيتجاوز، في حدّه الأدنى، ١٧٠ مليون دجاجة أي «فرخة» وتلك هي التي سيتم بيعها لـ«المواطن البسيط» الذي أراد الأستاذ «النائب» أن يتاجر به، فأثبت أنه أقل وعيًا من أبسط مواطن على وجه الأرض!.



هل أدركت أن المستثمر الذي دفع ٢٥ مليون دولار، في صفقة الـ«كتاكيت»، ليس ساذجًا أو عبيطًا، وأن الساذج وربما «العبيط» هو من تعامل باستخفاف أو سخرية مع مشروع بهذه الضخامة والأهمية؟!.



وما دام الشيء بالشيء يُذكر، أو لأن الكلام بـ«يجيب بعضه»، لا مانع من توضيح أن المشروع خاص، تابع لشركة قابضة يمتلكها مستثمر لبناني، يعمل في قطاع الدواجن منذ سنة ١٩٥٨ وبدأ استثماراته في مصر سنة ١٩٨٤ ولا أعرفه، شخصيًا، لكن أعرفه بالصيغة التي أتمنى أن تعرفه بها أنت أيضًا، صيغة «محرك البحث»، ابحث عن اسم موسى فريجي، واقرأ مقالاته، لتدرك أنك أمام نموذج جاد للمستثمر الوطني، حتى وإن حمل جنسية بلد عربي شقيق. وأن مشروعه في «توشكى»، تطبيق لما كتبه مرارًا، عن ضرورة نقل مزارع الدواجن إلى الظهير الصحراوي للسيطرة على الأمراض الوبائية، ولتوفير مناخ صحي يضمن إنتاج سلالات دواجن من جدود وأمهات سليمة، خالية من أي أمراض تسد احتياجات السوق المحلية، وتفتح أسواقًا جديدة في الخارج.



بماذا يهتم المحافظ أو أي قيادة تنفيذية، إذا لم يهتم بمشروع تقترب استثماراته من المليار جنيه، بالضبط ٨٩٠ مليونًا؟!. وهل يليق أن يتم التعامل باستخفاف أو استهزاء مع استثمارات كهذه، ستتم ترجمتها إلى فرص عمل أي «Jobs» التي كررها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ثلاث مرات في «تغريدة» واحدة؟!. وهنا، أشير وأشيد بما أعلنه المحافظ عن وجود تنسيق مع مسئولي المشروع لكي يكون النصيب الأكبر من فرص العمل لأبناء أسوان، إلا في التخصصات النادرة.



..ولا يبقى غير إعادة طرح السؤال الذي بدأت به: هل أصاب الجنون محافظ أسوان حتى يقيم حفل استقبال رسميًا لـ«كتاكيت»؟!. وأجيب بأنني كنت سأشك في إصابته به، لو لم يفعل. والشك واجب في القوى العقلية لمن أفتوا بغير علم، أو استخفوا دمهم فأثبتوا خفة عقولهم!.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف