الدستور
دعاء خليفة
الإرهاب والفساد وجهان لعملة واحدة
إذا أردنا تعريف الفساد، فهو «خروج موظفٍ صغيرًا أكان أم كبيرًا عن قانون الدولة واستغلال ثغراته من أجل تحقيق مصالح شخصية، فهو سلوك يخالف الواجبات الرسمية للمنصب العام، تطلعًا إلى تحقيق مكاسب خاصة مادية أو معنوية، وهو إساءة واضحة لاستخدام السلطة العامة (الحكومية) لأهداف غير مشروعة».
وهناك تعريف دولى للفساد، كما حددته «منظمة الشفافية الدولية» بأنه «كل عمل يتضمن سوء استخدام المنصب العام لتحقيق مصلحة خاصة ذاتية لنفسه أو لجماعته، وفى النهاية يؤدى إلى إلحاق الضرر بالمصلحة العامة فى الدولة».
أما الإرهاب، فهو (استخدام منظم للعنف بأشكال عديدة، منها المادية والمعنوية.. ومنها الفردى «العمليات النوعية» أو الجماعى «تفجير منشآت» بشكل يثير الرعب والخوف بين الناس لزعزعة أمن واستقرار الدولة، ويخلّف خسائر جسيمة فى الأرواح والمنشآت بغرض تحقيق أهداف سياسية، لذا فهو عمل يخالف التعاليم الدينية والأخلاق الاجتماعية ويشكل اغتصابا لكرامة الإنسان).. وأصبح الإرهاب مرتبطا بالفساد ارتباطًا وثيقًا وواقعًا مفروضًا، وهو ليس حالة طارئة، لأنه لولا وجود منظومة فساد متجذرة وممتددة فى كل نواحى المجتمع، ما انتشر الإرهاب.. ناهيك عن تعاملنا الخطأ مع الحدث الإرهابى والاندفاع وراء العواطف والشعارات والانقياد خلف التهويل الإعلامى... والإرهاب يتغذى دائما على الفساد بكل أشكاله وتجلياته، فالعمليات الإرهابية تموّل من أموال مصدرها التهريب والسرقة والنهب، على اعتبار تماهى مصالح «المفسدين» و«الإرهابيين» والتى تفرض فى كل الأحوال قيام تحالفات بينهما، فهما يشتركان فى كونهما يشكلان معًا خرقا لكل القوانين والضوابط الدينية والأخلاقية، فالذى يفكر فى السّرقة لا بدّ أنه يفكّر فى الترهيب والقتل والاعتداء فى كثير من الأحيان، ولذلك ترتبط مصالح المفسدين والضالعين فى «الإرهاب» بمنطق نهج جميع الوسائل التى تؤدى إلى تحقيق الأهداف المنشودة... وأقولها صادقة- إن أردنا القضاء على الإرهاب- فعلينا أن نبدأ بالفساد والحد منه.. وبذلك نكون قد قطعنا شوطًا طويلًا للطريق المؤدى للإرهاب، لأن الفساد هو الوجه الآخر للإرهاب كما أكدنا.. وهو أيضًا الحاضنة الرئيسية له.. الفساد والإرهاب وجهان لعملة واحدة. كل منهما يغذى ويطيل من عمر الآخر.. فلا يمكن للإرهاب أن ينتهى ما دام الفساد موجودا ومستشريا فى كل مؤسساتنا.. لذا لا بد من المواجهة وهى ليست أمنية فقط، ولكن فكرية وتبصيرية تبدأ بنشر الوعى والفكر وتفعيل القوانين الرادعة وتشديد الرقابة، وأيضا إن لم نقاوم الجهل والفقر، سيقفان لنا عائقا أمام التغيير.
ولنبدأ بالاهتمام بالعنصر البشرى الذى هو الأساس فى منظومة الفساد وأن نصب اهتمامنا عليه، وأن يتم تدريبه وتبصيره بحقوقه وواجباته، وأن يعى تماما أنه إذا أصاب سيكافأ، وإذا أخطأ سيعاقب، وأن يدرك أنه مهما كان حجم عمله أو مسئولياته، فبالنسبة للمجتمع مهمة كبيرة تحتاج منه كل تركيز، وأن ينسى تماما أنه عنصر بشرى مسيطر على فكره أنه موظف حكومى سيتقاضى راتبه آخر الشهر أدى عمله أو لم يؤده، ولا أحد يقدر على محاسبته لو أخطأ، بل هو ترس فى ماكينة عملاقة تدور، فإذا تعطل هذا الترس أو فسد، تعطلت الماكينة كلها، ووجب إزالتها من العمل.. والآن.. مطلوب وفورا عمل لجان لتقييم أداء الجهاز الإدارى المترهل، على أن تكون هذه اللجان تابعة لرئاسة الجمهورية لاستبعاد المقصر والمهمل والفاسد.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف