عزة أحمد هيكل
إرهاب المواصلات الإرهاب والنقل
قضية المواصلات والنقل فى مصر أصبحت لا تقل خطورة وأهمية عن قضية الإرهاب والفساد وحيث إن التخصص هو مفتاح النجاة والنجاح فى تحقيق أى خطوة جادة فى هذا المجال فلا مانع من أن نسبح فى فضاء الإبداع ونفكر بطريقة ابتكارية أو أن نحلم أن نقلد ونحاكى دولًا وبلدانًا سبقتنا فى هذا المضمار بسنوات ضوئية وكونية نأمل أن نعبرها ولو فى الخيال.. فالحلول التى يقدمها الوزراء والسادة المختصون ورجال المرور والطرق والاقتصاد فى ظاهرها وباطنها لم تعد غير مشروعات على الورق واستراتيجية تنمية لا تلتفت إلى الكبارى وبعض الطرق الدولية.
ولا تضع أى حكومة لا قبل الثورة ولا بعدها فى خطتها وميزانيتها مشروعا قوميا استراتيجيا حيويا يستأصل المشكلة الكبرى من جذورها ويضع جدولًا زمنيًا للحل على مراحل وخطة ثلاثية أو خماسية أو حتى عشرية نجد فيها تطويرًا ومتابعة لما يجرى. وما يصرح به السادة الوزراء ويطنطن به مطبلاتية الحكومة على الشاشات وعلى صفحات الجرائد بعد أن حصلوا على توكيل حصرى بالدفاع عن جميع المسئولين وعن خطة وبرنامج الحكومة بغض النظر عن أى أخطاء جوهرية فى السياسات والتنفيذ ويكفى دفاع أحد الإعلاميين على شاشة فضائية اعلانية شهيرة عن السيدة سحر نصر وهى تقابل الملياردير السعودى الوليد بن طلال على متن يخته الفخيم، مرتديًا ملابس الرياضة والبحر فى زيارة رسمية يستقبل فيها وزيرة لجمهورية مصر العربية ولسيدة محترمة ومعها وفد رسمى ليتباحثا فى أمور الاستثمار وبناء أكبر مدينة ترفيهية فى الساحل الشمالى ومرسى مطروح من مدخرات المصرين فى البنوك ولتعود على السيد الملياردير بالمزيد من الثروة!!!.. هل لو كان الوليد يقابل وزيرة البرتغال أو الصين أو الهند أو حتى كوالالمبور كان سوف يستقبلها بالشورت على أساس أن غايتنا هى الاستثمار؟!!... ولماذا كل استثمارات رجال المال العرب والغرب والمصريين فى الملاهى والمولات والفيلات والكمبوندات وغيرها من المشروعات الاستهلاكية ولماذا لم نجد أى مشروع لبناء خطوط سكة حديد أو مترو أو تحديث شبكة النقل الداخلى واستبدال هؤلاء البلطجية من سائقى الميكروباص المتهالك بشركات كبرى تحت إشراف الدولة والحكومة ولماذا لم نجد أى مشروع لتحديث شبكة النقل عبر النهر أو عبر البر فى مشروع كبير تتولاه الدولة مع القطاع الخاص؟..
وهل بنى السيد الوليد والسيد هشام طلعت مصنعًا أو مدرسة أو جامعة فى تلك المدن العملاقة والترفيهية التى ذهبت وزيرة استثمار مصر والتى تمثل ليس ذاتها وشخصها وإنما هى عضوة فى حكومة مصرية لها مكانتها ووضعها.. منظومة النقل اصبحت كابوسًا مرعبًا وإرهابًا يوميًا فى شوارع مصر ومدنها.. فى بلد مثل برشلونة هناك 4 وسائل نقل تابعة للدولة ويشارك فيها القطاع الخاص تربط أوصال شمال إسبانيا داخليًا فى المقاطعة مع باقى شبه جزيرة أيبريا وسطا وجنوبًا.. قطار ومترو وقطار فوقى يمر فى أنفاق تحت الأرض ومجموعة أتوبيسات عملاقة لها مواعيد مثلها مثل القطار والمترو وجميعها بأسعار زهيدة فى متناول المواطن العادى والسائح والمليونير.. أفكار بسيطة واستثمار جاد وإرادة حقيقية للتغيير.. كفانا منها تهليلًا وتصفيقًا باسم الحفاظ على الوطن.