الوفد
علاء عريبى
المشكلة فى بطيخ
الأزمة الحقيقية فى تونس ليست فى فكر رئيس البلاد، ولا فى جهله بالشرع، بل فى النخبة التونسية التى تشجعه على مخالفة الشريعة تحت زعم الدولة العلمانية، وعلى رأس هؤلاء الشخصيات التى تتولى قيادة المؤسسات الدينية الحكومية، مثل عثمان بطيخ مفتى الديار التونسية.
فقد تسامح هؤلاء كثيرا فى شرع الله، وتركوا الرئيس يتمادى فيما لا يفهمه ولا يعرفه، وهى سمة أغلب أو بعض من يتولون المناصب الدينية الحكومية فى البلدان العرابية والإسلامية، حيث إنهم من الناحية القانونية يتبعون الحكومة، ويخضعون إلى سلطة رئيس الجمهورية، ومثل سائر الموظفين يحاولون استرضاء رئيسهم.
عثمان بطيخ مفتى تونس واحد من هؤلاء، يفعل ما يؤتمر به، ويصدر فتواه حسب التيار، قد يتمسك بشرع الله فى مواجهة أصحاب النفوذ الأضعف، وقد يتنازل عنه ويغير رأيه عندما يكون الأمر متعلقا بالشخصيات الأكثر نفوذا وسلطة.
فى شهر يوليو من العام الماضى طالبت سميرة مرعى فريعة وزيرة المرأة والأسرة آنذاك بإعادة النظر فى مسألة المواريث، وطالبت، خلال ندوة فى لجنة الصحة بمجلس النواب، بالمساواة بين الرجل والمرأة فى الميراث، وفتح حوار مجتمعى حول هذه المسألة من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والدينية، فى اليوم التالى استمعت نفس اللجنة إلى رأى المفتى الشيخ بطيخ، وقال بالحرف: إنه لا يجوز الاجتهاد فى هذه المسالة لأن النص القرآنى صريح فى ذلك، وحسم فيها بحكم الآية الواردة فى سورة النساء: «يوصیكم الله فى أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ــ 11»، موضحا أن هذا النص هو نص شرعى محكم وتبنته مجلة الأحوال الشخصیة»، وأوصى بعدم الخوض فى هذا الموضوع لأنه «سیفتح المجال للمتطرفین لاستغلاله ضد تونس بدعوى إنها خارجة على شرع الله».
منذ يومين كرر الباجى قائد السبسى رئيس الجمهورية نفس المطلب بمناسبة عيد المرأة الوطنى، كما أمر بتغيير القانون الخاص بزواج المرأة المسلمة من غير المسلم، ومع أن هذه المسائل تلغى تماما ما جاء فى سورة النساء، إلا أنها لقيت صدى بين أغلب النخب فى تونس، وتتناولها بعض وسائل الإعلام كأنها إحدى القضايا الخلافية.
والمفاجأة كانت عند بطيخ الذى أصدر بيانا، نشر على موقع دار الإفتاء، يثمن ويبارك فيه مطلب رئيس الجمهورية، وذلك بقوله: «وكانت مقترحاته (رئيس الجمهورية) تدعیما لمكانة المرأة، وضمانا وتفعیلا لمبدأ المساواة بین الرجل والمرأة فى الحقوق والواجبات التى نادى بها ديننا الحنیف فى قوله تعالى: «ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف ـــ البقرة 228» فضلا عن المواثیق الدولیة التى صدّقت علیها الدولة التونسیة والتى تعمل على إزالة الفوارق فى الحقوق بین الجنسین.
للأسف هذا هو شرع بطيخ، وشرع كل بطيخ يتولى قيادة مؤسسة دينية حكومية فى البلدان العربية والإسلامية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف