التحرير
أميرة ابراهيم
سيادة الرئيس: إشمعنى حبيشة لأ؟
العنوان شدني بعنف لأفتح الخبر وكأنه لوح رقبتي كما يقال، وتلاحقت أنفاسي وراء الخواطر التي اندفعت في شرايين مخي تتخيل معاني وراء العنوان، كلها تصلح أن تكون قصة إعلامية من الطراز الأول لصناعة حدث يعيش مع الناس فترة وفترة.
محمد رمضان السوبر ستار الذي «يكسِّر» أينما ينزل (في السينما، في الإعلانات، في المسلسلات. في حكاياته الخاصة على وسائل التفكك الاجتماعي)، على لسانه يسأل رئيس الجمهورية: «إشمعنى أنا؟».
أعرف أن محمد رمضان مجند حاليا بالجيش ويقضي فترة الخدمة الوطنية، ولا أزعم أنني أعرف أين يخدم وتم توزيعه في أي سلاح، لكنني ارتحت لظهوره خلال شهر رمضان الماضي في إعلانات دعم المستشفيات، وظهر في واحد منها بالزي العسكري، أقول ارتحت، أو ربما تناسيت صورته الشائهة التي ألح علينا سنوات للظهور بها.
شكوى محمد رمضان التي يرفعها للرئيس السيسي بصفته رئيس البلاد والقائد الأعلى للقوات المسلحة بصيغة إشمعنى أنا؟ تؤكد أن هناك تمييزا ضده، وما دار في خيالي السقيم جعلني أرجع بخيبة أمل تحولت إلى غضب دفعني دفعا لأكتب صدمتي.
شكوى النجم ماذا سيكون وراءها؟ سألت نفسي: (يا سلام لو كان إلِّي في بالي) معقول يكون عاوز يروح يخدم في سيناء ويتشرف بزمالة الأبطال الذين يذودون عنا هناك؟ معقول يكون طلب أن يتم توزيعه في الشيخ زويد أو العريش ولم يتحقق طلبه؟
يا سلام لو راح محمد رمضان جنديا مجندا ووقف وسط الأسود المرابطة هناك! كلها أمانٍ داعبت خيالي في انتظار ظهور نص الخبر كاملا، ثم هبت "نفحة نت" وانفتح الخبر على موقع "التحرير" لأجد نص الرسالة المنقولة من صفحته على فيسبوك، مع صورته ولطشتني كالمطرقة على رأسي.
يقول الريس حبيشة المعروف باسم محمد رمضان النجم:

«السيد رئيس الجمهورية والقائد الأعلى للقوات المسلحة وراعي الشعب والجيش.. تحية طيبة وبعد: كل زملائي النجوم ورجال أعمال مصر تشرفوا بدعوة رسمية من الرئاسة في كل المناسبات القومية ومقابلة سيادتك إلا أنا، وأنا أسأل نفسي بدافع الغيرة والحيرة وأقول

(إشمعنى أنا؟!) هل لأني أصغرهم سنا؟! أم لأنني أكثرهم شعبية في الشارع المصري ؟!».
والحمد لله أن النجم وقع الرسالة باسمه كاملا ولم يتركها بدون توقيع، معتمدا على أن رئيس الجمهورية يعرفه حتمًا -ومعقول الرئيس السيسي لا يعرف الأكثر شعبية كما وصف نفسه-.
النجم زعلان (واضح) وغيران وحيران (كما قال) لأسباب قوية، لكنها لا تتصل من قريب أو بعيد بمكانه الحالي الذي يبدو أنه لا يستوعبه ولا يدرك أنه أرقى وأرفع مما يلهث ليدركه، دعوة ومقعد وسط الفنانين -عفوًا النجوم، كما قال- ورجال الأعمال مع الرئيس، ولو سأل الرئيس على الملأ لقالها بالفم المليان لمحمد رمضان ولكل المشاهير إن التراب الذي يلمسه الجندي المقاتل أشرف من كل بقعة تحمل مشاهير ونجوما.

حاليا مجند في الجيش المصري؟ ولكنك -في الحقيقة- خاطبته بصفتك حبيشة النجم والفنان الأكثر شعبية والأصغر سنا (غرور شديد ربنا يخرجك منه على خير)، وهذا غير جائز ويخرق معايير الانضباط للفرد المجند بالتحدث مع القائد خارج منظومة النظام للقوات المسلحة، وإن لم أكن مخطئة، يجب مساءلته عن هذه المخالفة للتعليمات العسكرية.

أما أنا فكنت أودُّ أن أسأل: لماذا لا يذهب مثل هذا الشاب اليافع إلى سيناء وينضم للأبطال هناك وإشمعنى هو؟ وماذا لو ذهب وظهر وسط الأسود المجندين هناك؟ لكنني لن أقولها، لأن الأبطال الذين رأيتهم في سيناء، شمالها ووسطها، في جبل الحلال وفي العريش، هم أبطال حقيقيون صنعتهم المعارك بالذخيرة الحية وليس "بالفشنك"، هم خير أجناد الأرض، يموتون ويفقدون أطرافهم ليعيش كل مصري، ولا يفكرون أبدا لحظة واحدة فيمن يعيش في القصور وهم يموتون، ومن يجلس على المقاعد الوثيرة يدير صفقات ويجني أرباحا وهم يتلقون الرصاص والمتفجرات في أجسادهم، وهم بفطرتهم البسيطة أيضا يدركون من يسعد الملايين من أهلهم بفن راقٍ ومن يحلب الملايين هبوطًا.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف