المساء
مؤمن الهباء
انتهي زمن "حزب الله"

بالطبع.. لا أقصد "حزب الله" الوارد ذكره في القرآن الكريم "ألا إن حزب الله هم الغالبون" والذي هو تعبير عن المؤمنين المسلمين في مواجهة المشركين وحلفائهم المتآمرين الذين عبَّر عنهم القرآن الكريم بـ "حزب الشيطان".. لكنني أقصد بـ "حزب الله" تلك المنظمة التي تم تشكيلها في جنوب لبنان كحركة مقاومة شعبية تتصدي للاعتداءات الإسرائيلية المتكررة علي المنطقة الحدودية.. ثم صارت الحركة لاعباً سياسياً مهماً علي الصعيد اللبناني ورقماً أساسياً في التوازن الإقليمي.. وصار قائدها الشاب حسن نصر الله زعيماً وملهماً ترتفع صوره في العواصم العربية وتهتف الجماهير باسمه لأنه استطاع أن يقف في وجه الغطرسة الإسرائيلية في الوقت الذي لم يعد أحد يسمع كلمة واحدة من زعيم عربي ضد إسرائيل.. ولم يعد يري طلقة رصاص واحدة تصوب من الجيوش العربية في اتجاه إسرائيل.
في ذلك الزمن.. جري تسويق "حزب الله" جماهيرياً علي أنه حركة مقاومة شعبية لبنانية.. ليست طائفية "شيعية".. وسلاحها "سلاح المقاومة" لن يوجه إلا إلي إسرائيل.. ولن يكون له دور أو تأثير علي الداخل اللبناني.. وفي هذا الإطار ارتفعت أسهم "حزب الله" إلي عنان السماء.. والتقي عنده جميع الفرقاء العرب.. من إسلاميين وناصريين وقوميين وشيوعيين وليبراليين.. وصار شعار الجميع "المقاومة تجمعنا".
وعندما انطلقت شرارة ثورات الربيع العربي تغيرت أشياء كثيرة وقناعات كثيرة.. وتبدلت معادلات واهتزت ثوابت.. وكان وضع حزب الله من أهم تلك الثوابت التي اهتزت.. وذلك بعد أن انحاز إلي النظام السوري في مواجهة الثورة الشعبية.. وعبر مقاتلوه الحدود بأسلحتهم ليقاتلوا إخوانهم الثوار في سوريا.. ولتتحول الثورة السورية بعد تدخل حزب الله وإيران إلي جانب بشار من ثورة شعبية سلمية يغني لها الناس في الشوارع والميادين إلي ثورة مسلحة لفصائل متناحرة.. ثم إلي داعش.
ويوماً بعد يوم يتحول حزب الله في حرب سوريا من حركة مقاومة شعبية ملهمة عليها إجماع وطني وقومي إلي ميليشيا طائفية تساند السلطة المستبدة التي تقتل شعبها.. ويتغير وجه حزب الله.. ويتغير دوره.. وبعد أن كان يتألق في سماء الوطني العربي والإسلامي صار محشوراً في قمقم الطائفة الشيعية التي يحارب من أجلها.. ويدافع عن سلطة علوية ساقطة.
وبعد التفجير الإرهابي الأخير في أحد مساجد الشيعة بالسعودية انطلق الأخ حسن نصر الله يهدد ويتوعد بأن المعركة صارت مفتوحة.. ولم يعد هناك شيء يعوق حركة حزبه.. ولا حدود تقف في وجهه.. وقد حملت هذه التهديدات علي الوجه الطائفي الضيق.. وفهم منها أن نصر الله يرفع سلاح حزب الله ليخوض ــ مع إيران ــ حرب الدفاع عن الوجود الشيعي في المنطقة العربية بأسرها.. في العراق وسوريا والسعودية واليمن.
وفي لبنان اعتبرت تصريحات نصرالله فتحاً لأبواب جهنم علي هذا البلد الوديع وجره لأتون صراع طائفي هدفه الوحيد هو الحفاظ علي مكتسبات الشيعة ومساندة النظام السوري كي لا يسقط..
إذن.. لقد انتهي دور حزب الله الذي نعرفه.. وانتهي زمنه.. وما نراه الآن هو حزب طائفي مسلح يحارب معارك الطائفة لا معارك الوطن والأمة.. ومثلما فقدت إيران نفوذها ومكانتها كقوة ثورية للتحرر الوطني فقد حزب الله مكانته ودوره كحركة مقاوكة وطنية ضد عدو الأمة الأوحد.. وسبحان من يغير ولا يتغير.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف