الوفد
المستشار مصطفى الطويل
الآفات الشعبية
أصيب أغلب شعبنا– مع الاسف الشديد– بآفات عديدة، أهمها الفوضى والاهمال والتسيب، ناهيك عن فساد الذمم والاخلاق. وقد سبق ليّ أن كتبت مراراً وتكراراً عن هذا الموضوع، علناً نجد علاجاً لتلك الآفات القاتلة، حتي لا نصحو بين حين وآخر علي كارثة، مثل كارثة القطار الاخيرة التي وقعت في نهاية الاسبوع الماضي وراح ضحيتها اثنين وأربعين قتيلاً وما يزيد عن مائة وثلاثين مصابا.
كارثة القطار الاخيرة، وسواء أكانت نتيجة خطأ أحد السائقين أم كلاهما أم من عامل التحويلة أم عامل البلوك أم أي من منظومة السكك الحديدية عامة، فإن المقطوع فيه إن آفة الاهمال هي التي أدت الي وقوع هذه الكارثة، والتي لن تكون الاخيرة وستتكرر في عدة مناحي أخري، بالطبع ما لم نتخلص من تلك الآفة اللعينة وغيرها من الآفات الأخرى التي تنخر في جسد الدولة المصرية.
الحقيقة المؤسفة، ان أغلب العاملين بالدولة والقطاع العام مصابون بمرض الاهمال والتسيب هذا، فضلاً عن فساد الذمم لدي البعض منهم، سواء أكان من كبار العاملين أم صغارهم. فالمعلوم للكافة إن يوم العامل الحكومي يقدر بخمسة وعشرين دقيقة فقط، فهناك ما يزيد عن سبع ساعات عمل مهدرة من كل موظف أو عامل بالحكومة، فالإهمال هو السمة الغالبة لدي العديد من العاملين بالدولة والقطاع العام.
أحمد الله أن قدر ليّ وزرت العديد من الدول الغربية المتقدمة وكذا الشرقية، فقد لاحظت إن الناس جميعاً في هذه الدول- خاصة العاملين منهم- يتصفوا بالجدية والامانة في العمل بشكل ملحوظ، وكذلك الذين يسيرون في الطرق العامة تجدهم يسرعون في خطاهم، فالوقت هناك له قيمته فلا تسكع في الطرقات ولا نظر للفتارين أو الآخرين، الكل في نشاط متجه الي عمله أو قادم منه الي أي مكان آخر.
الآفات التي طالت العديد من أبناء شعبنا لابد أن نجد لها علاج سريع، فها هي المباني المخالفة للقوانين واللوائح تملأ جنبات مصر، وها هي المحلات العامة والتجارية والمقاهي أغلبها مخالفة، سواء من ناحية اشغالات الطريق، أم لعدم الحصول علي تراخيص أصلاً. لابد من تطبيق مبدأ الثواب والعقاب تطبيقاً صارماً، وبالتالي لابد من تشديد العقوبات في كل القوانين حتي تكون رادعة لكل من تسول له نفسه مخالفتها أو التصرف علي عكسها، فلابد أن تتوافر لدي العاملين في الدولة الجدية والنشاط وحب العمل.
ان حادثة القطار الاخيرة، هي صورة صارخة لآفة الاهمال والتسيب سواء أكان من كبار المسئولين أم من صغارهم. الفكرة العامة لدي أغلب العاملين بالدولة إن العمل الحكومي ما هو إلا وسيلة للحصول علي مرتب شهري مضمون ثم معاش عند التقاعد وغاب عن الجميع إنه لابد أن يكون لكل عمل مقابل، فلا يمكن لبلدنا أن تتقدم للأمام والعاملين فيها لا يقدمون الجهد المطلوب منهم.
الاصلاحات الاقتصادية والمجتمعية التي تقوم بها الحكومة وسيادة الرئيس، سواء من ناحية الاستثمارات، أم إنشاء مبان لمحدودي الدخل وتوفير السكن المناسب لهم، أم عن طريق إنشاء شبكة الطرق والكباري، أم في إنشاء مفاعل ذري لإنتاج الكهرباء، أم في إصلاح الاراضي واستزراع مليون فدان. كل هذه الاعمال مشكورة ومطلوبة علي طريق التقدم والرقي، ولكن لابد أن يصاحبها الجدية في العمل وحب البلد وتقديم التضحية اللازمة، حتي تتقدم مصر مرة أخري وتقف علي قدميها وتصبح بحق أُم الدنيا.
وتحيا مصر
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف