وجدى زين الدين
المفاوض المصرى والأزمة الإيطالية
نجحت الدبلوماسية المصرية باقتدار فى التعامل مع أزمة الباحث الإيطالى «ريجينى» المقتول فى القاهرة، ولا يخفى على أحد هذا الدور الرائع الذى تعاملت مصر بشأنه مع الجاب الإيطالى، سواء من جانب الخارجية أو وزارة العدل والنائب العام. لقد استغلت الجماعات المناوئة لمصر خاصة الإرهابية منها قضية مقتل «ريجينى» ونشروا الكثير من الشائعات، وتقولوا الأقاويل فى هذه القضية، وتفاقمت الأزمة بين القاهرة وروما حتى وصلت الى سحب السفيرين، ولا يخفى التأثير السلبى الذى نتج عن هذه الأزمة الخطيرة.
وأخيراً انتصرت مصر فى هذه المعركة وتغلبت على كل مخططات الشر التى كانت مرسومة للنيل من البلاد، بفضل المفاوض المصرى الذى يتمتع بحصافة بالغة و فكر مستنير، وتم التفويت على كل المتربصين الذين كانوا يريدون النيل من البلاد وضرب العلاقات بين البلدين. قضية «ريجينى» شغلت الرأى العام ليس فى مصر وحدها ـ وإنما فى كل أنحاء العالم، وتدخل المزايدون بشكل سافر، لإصرارهم على الوقيعة بين البلدين، بهدف التأثير اقتصادياً، وخاصة فى منع السائحين الطليان من زيارة مصر.. وقد أثبتت الأيام أن المفاوض المصرى يتمتع بفكر مستنير ورأى رشيد فى التعامل مع هذه الأزمة حتى ولو كان الأمر قد طال بعض الوقت.. ولا يخفى أيضاً الزيارات المكوكية التى قام بها النائب العام المصرى لإيطاليا، والدور الكبير الذى لعبه بشأن قضية «ريجينى».
الأمر فى مقتل هذا الباحث الإيطالى، ليس كأى جريمة قتل تحدث، فهناك قتلى كثيرون فى أى بلد بالعالم، لكن الحساسية المفرطة بشأن «ريجينى» أن هناك عناصر آثمة استغلت هذا الحادث، للترويج ضد مصر فى المحافل الدولية بهدف ضرب التعاون الاقتصادى بين البلدين، والمعروف أن هناك اتفاقيات كثيرة بين القاهرة وروما منها ما يتعلق بالاستثمارات وأخرى بالسياحة والأهم ما يتعلق بشأن الاكتشافات البترولية التى تقوم بها شركات إيطالية فى مصر.
نعلم أن كل هذه الأمور قد تعطلت بعض الوقت والحمد لله أن ذلك لم يزد على ذلك فى ظل حاجة مصر الشديدة للاكتشافات البترولية التى يعلق المصريون عليها آمالاً عريضة خلال المرحلة القادمة، ولذلك فإن قدرة القاهرة على إغلاق ملف «ريجينى» الذى عطل وصول السائحين الى مصر، ومنع الاستثمارات خاصة فيما يتعلق منها بالاكتشافات البترولية، يعد خطوة مهمة جداً.. وهذه الخطوة تحسب لصالح المفاوض المصرى الذى نجح باقتدار فى عبور وتجاوز الأزمة مع إيطاليا.
ثم إن إعلان إيطاليا عودة سفيرها للقاهرة يعنى أن ملف «ريجينى» لم يعد حائلاً أو مانعاً فى تنفيذ الاستثمارات بين البلدين وخاصة البترولية منها، إضافة الى عودة السياحة الإيطالية، والتى ستكون بداية حقيقية لتحسن أحوال السياحة بصفة عامة.