محمود سلطان
رفعت السعيد في مقر الإخوان بالمقطم !
يوم 21 مايو عام 2011، افتتح المقر الجديد، لجماعة الإخوان المسلمين بالمقطم، حضر الحفل أمين عام جامعة الدول العربية الأسبق عمرو موسى، ورئيس الوزراء الأسبق عبد العزيز حجازي، ووزراء وسياسيون من الوزن الثقيل والمفاجأة كانت في حضور "عدو" الإسلاميين اللدود الراحل د. رفعت السعيد رحمه الله.
المفارقة التي أدهشتني أنا شخصيا، وكنت مدعوا لحضور الحفل، هو الحفاوة المبالغ فيها من قبل الجماعة في استقبال السعيد، والذي تبادل النكات والقفشات مع مرشد الجماعة السابق مهدي عاكف، طبعا بعد سلسلة متصلة من القبلات والأحضان وكأنهما صديقان أو أكثر!
رد فعل الاحتفالي والسعيد بحضور د. رفعت السعيد.. يعكس فاصلا من أزمة وعي الإسلاميين عموما بالسياسة، وما هيتها ومعناها وخبراتها وحدودها وأدواتها.. وفي المقابل عكس في ذات الوقت النضج النسبي لدى اليسار والتيار العلماني على اتساعه وتنوعه بالفارق ما بين ما هو سياسي وما هو إنساني وأخلاقي.
فالسعيد على سبيل المثال هو صاحب كتاب "المتأسلمون.. ماذا فعلوا بالإسلام وبنا".. وكتاب "الإرهاب المتأسلم.. لماذا ومتى وأين".. وظل السعيد متمسكا بموقفه المعادي لأي دور سياسي للإسلاميين.. وفور وصوله إلى مقر الإخوان بالمقطم قال في تصريحات للصحافة :" إنه لا يوجد بينه وبين الإخوان أى خلاف شخصى أو مذهبى ولكن الخلاف لا يعدو كونه خلافا سياسيا"!
السعيد هنا يحييد عواطفه ويفصل بين موقفه السياسي وبين علاقاته الشخصية مع المخالفين.. وهو معارض شرس للإسلاميينن وليس من دور المعارض أن يعزز أو يبرر مواقف منافسه ومخالفه.. وإنما يبحث عما يضعفه وبظهر سوءاته أمام الرأي العام.. هذه هي السياسة.
في المقابل فإن فرحة الإخوان بوجود السعيد، بين ظهرانيهم في احتفالية افتتاح المقر بالمقطم.. تشير إلى ممارسة السياسة بالعاطفة، وهي حالة عامة تمكنت من الضمير الإسلاموي على نحو لا يمكن أن تخطئها عين المراقب على مواقع التواصل الاجتماعي: إذ يحتفي الإسلاميون بأي شخص "يقول كلمتين حلوين ترضيهم".. وينزلونه منزلة القديسين.. وإذا قال مرة ما لا يرضيهم سمع منهم ما يكرهه.. إنها العاطفة لا السياسة ولا والكياسة.
فرحوا بقبول السعيد حضور حفل الافتتاح، وكادوا ينشدون في استقباله "طلع البدر علينا".. ثم لعنوه بعدما استمر في نقد الإسلاميين ومطاردتهم فكريا أينما كانوا!َ
الإسلاميون تيار أساسي وسيظل موجودا كقوة اجتماعية سواء مارس السياسة أو مارس الدعوة والعمل الخيري فقط.. وسواء كانت الأولى أو الثانية، فإن نضج وعيه بالسياسة يظل ملحا ومهما، كي يتجنب تسديد فواتير صوفيته السياسة وطفوليته في ممارستها تنكيلا وسجنا وتصفية.