عائشة عبد الغفار
ترامب وإعادة الصراعات للعالم!
يبدو أن المسلسل العجيب للعلاقات الأمريكية ـ الروسية سوف يكون أهم الأحداث الجاذبة خلال فترة التفويض الرئاسى لدونالد ترامب والتى تعتبر شديدة الارتجاج ومتأرجحة الاستقرار ومن الصعب تخمين مستقبلها!
فنحن نشاهد عددا من الإشارات المضللة وغير الواضحة للحرب الباردة: فلم يعد هناك كتل بعينها ولاتعادل أو مساواة نووية أو عسكرية بين القوى العظمى فى الأمس .. ان الولايات المتحدة قد حصلت على تفوق لايمكن اللحاق به وإنما لم تنجح فى غزو العالم ايديولوجيا!
وإنما الحوار بين الروس والأمريكان حقيقة فعلية كما هو الوضع على أرض الواقع فى سوريا إن هذا التصعيد الكلامى والتصريحات الشفاهية له دوافع أخرى .. ففى واشنطن مثلما فى موسكو، المواجهة تلعب معظمها من خلال اعتبارات السياسة الداخلية ومن الناحيتين فإن اتهام الخصم وإعلان اجراءات كراهية صاخبة هم جزء من أسلوب غامض وقوانين الحرب التى اختارها معسكر السلطة: إن دونالد ترامب فى حاجة إلى أن يتحرر من اتهامات تواطئه مع المصالح الروسية التى تؤثر على محيطه مباشرة، فى حين أن فلاديمير بوتين يرفع صوته ليخفى نقاط الضعف الروسية.. إلا أن هذه المرة فإن الولايات المتحدة تبدو وكأنها فى قلب هذا الموقف الجديد من خلال منطق يستند إلى إعادة الغزو، وكذلك روح الثأر أو الانتقام.
وفى الحقيقة نحن نعاصر نقاشا وجدلا داخليا فى الولايات المتحدة أكثر من أزمة بين روسيا والولايات المتحدة يعكس آثاره على العلاقات الدولية .. إن الجمهوريين يريدون وفقا لخبير الشئون الخارجية كريستيان ماكاريان مشاهدة عودة الولايات المتحدة على الساحة العالمية، وهذه هى ترجمتهم لشعار ترامب «أمريكا أولا!» كمعارضة لمنظور الإدارة من الخلف! وهو اصطلاح عزيز على أوباما قام بوتين باستغلاله ليحرك قطع الشطرنج الخاصة به ويدفعها الى الامام! أما الرئيس الامريكى فهو يجد نفسه يوما بعد يوم أكثر لوما ومحاصرة من قبل المؤسسات بشأن روابط محيطه وحاشيته مع روسيا، ويعتبر ذلك نافذة هجوم للنواب الأكثر تشددا فى المعسكر الجمهورى . .إن ترامب يشعر بأنه وقع فى كمين حفره له أقرب المقربين، فهو يشوح ويتوعد من خلال تحريك مساعده وذراعه اليمنى «مايك بينس» الذى يضاعف «مناخسه» ضد الروس بمعنى أنه يشجع جورجيا أن تقدم ترشيحها للانضمام الى حلف شمال الأطلنطى ويزور دول البلطيق ليقترح نشر الصواريخ الدفاعية ضد الروس..
وكان دونالد ترامب قد اتخذ نفس الخطوة سابقا فى بولندا. إن بينس يلعب لصالح ترامب دور الشرير «اليانكي» eeknaY العسكرى الأمريكى البلطجى المناهض للروس كما يصفه الاعلام الغربى وخبراء الاستراتيجية أن المناورة تهدف الى تهدئة الجبهة التى تشكلت ضد ترامب منذ تنصيب الرئيس الأمريكي، كما أن ليس هناك اى تراصف أو اتفاق من قبل مجموعة أعضاء غرفتى الكونجريس حول موقف مناهض لروسيا ومعلن ولكن هناك جزءا مهما من إدارة ترامب قد انضمت لهذا التيار . ويبدو ان الرئيس أصبح معزولا وهذا ما يبرهن صرامة العقوبات إزاء روسيا والتى قامت بالتصويت عليها معظم الأغلبية فى غرفة مجلس النواب ثم بعد ذلك مجلس الشيوخ.
ويبقى أن بنيان العالم قد تغير ولم يعد كما كان فى مرحلة الحرب الباردة وفقا للمراقبين أما الشرق الأوسط وأوكرانيا فلقد أصبحا المسرحين المتميزين بالنسبة لأيدويولوجية الجمهوريين.
إن مايميز العلاقات الدولية هو فى الواقع بزوغ فاعلين لايمكن السيطرة عليهم حيث هم غافلون بمنطق الكتل الايديولوجية القديمة وهم فى سباق «تزلج متعرج» بين الأزمات كما يرى خبراء الاستراتيجية، أما قوى إقليمية مثل السعودية وإيران فهى لا تلجأ لتلك المسافة من المناورة وهذا يبرهن دعم واشنطن للسعودية فى تقييد قطر. إن تقسيم العالم يبرهنه أيضا تسليم الولايات المتحدة الفحم لأوكرانيا.
لاشك أن الرئيس دونالد ترامب يغذى حلما بمعاقبة الارهابيين وهذا شيء ايجابى وإعطاء ايضا انطلاقة جديدة لصناعة الفحم، وإنما يرى المراقبون الغربيون أن منطق التوازن الأوروبى وعملية مينسك ksniM الخاصة بأوكرانيا والتى تشمل 31 بندا فى خطر!