الأهرام
منى رجب
قبول عقيدة الآخر
من مظاهر التشدد المقيتة التي ظهرت علينا منذ بضع سنوات وبشكل فج في بلدنا وتحديدا بعد 25 يناير 2011 انتشار دعاوي التطرف ضد اشقائنا في الوطن من المواطنين المسيحيين .الشركاء في الوطن، واندلاع أحداث مؤسفة ضدهم وممارسات تتنافي مع النسيج الاجتماعي المصري الذي ظل متماسكا عبر العصور وهي ممارسات تتنافي ايضا مع كل المبادئ الانسانية ،، واستشري هذا التطرف في أماكن متفرقة من بلدنا مما أسفر عن احداث أليمة وحرائق بالكنائس ،،وسقوط ضحايا ابرياء ،، وكلنا يعرف الأسباب منذ ان بدأ ينهال علينا سيل من بث مشاعر الكراهية والبغض بين ابناء الوطن الواحد، وأتوقف هنا في هذا المقال عند واقعة مؤسفة تفتح ملف قضية مهمة وهي حرية ممارسة الشعائر الدينية في بلدنا، وبشكل خاص للاخوة المسيحيين، إنني أتحدث عن واقعة منع مواطنين مسيحيين من الصلاة في مبني كنسي موجود بقرية ًالفرن بمركز ابي قرقاص ،،بمحافظة ألمنيا،انها واقعة مؤسفة بسبب قضية شائكة في حاجة الي حلول جذرية ..وليس فقط الي مناقشة مؤقتة.

ومن الضروري ان نفهم سبب غضب المواطنين المسيحيين وان نقدره وان يتعاطف معه كل ذي قلب رحيم وفكر مستنير،، ان من حقهم كمواطنين مصريين ان يجدوا كنيسة لاقامة شعائرهم الدينية التي كفلها لهم دستور 2014 بشكل واضح وصريح، ولابد ان تضع الدولة وبشكل سريع ودون تباطؤ خطة شاملة تنفذها لنشر الاستنارة الدينية وبث ثقافة التسامح والقيام بحملة ثقافية ودينية لمواجهة الطائفية وتهدئة نزعات التطرف لدي البعض من المتشددين وفض التوتر بين جميع الأطراف، وعدم تغليب فكر التطرف والعنف علي فكر التسامح وقبول عقيدة الآخر، لقد وجد المسيحيون الذين كانوا ذاهبين للصلاة طوَّقا أمنيا منذ السادسة صباحا حول المبني الذي كانوا يريدون ان يمارسوا فيه صلاتهم ،، مما ادي الي تجمهر المسيحيين والصلاة بالشارع ،ثم تطور الامر بشكل سيئ حيث تدخلت قوات الامن وتم تحرير محضر ضدهم بتهمة اقامة شعائر دينية دون تصريح، حيث قال الامن ان بعض المواطنين الأقباط قاموا بالصلاة في منزل احد المواطنين بحضور احد القساوسة مما أسفر عن اعتراض بعض الأهالي المسلمين ومنعهم من الصلاة لعدم الحصول علي ترخيص رسمي بذلك مما ادي الي تدخل الأجهزة الامنية لمنع الأهالي من الاشتباك.

ان الوضع بشكل عام يتطلب نظرة أعمق لانها قضية تمس السلام الاجتماعي في القلب، حيث يتطلب الامر توفير أماكن عبادة للاخوة المسيحيين وحملة تقوم بها الدولة ثقافية ودينية واجتماعية تواجه كل أشكال التشدد المقيت والتطرف البغيض. إن المنيا علي سبيل المثال بها 70 قرية ونجعاً وعزبة بلا اي كنيسة وبها 15 كنيسة مغلقة، ان دور الدولة ان تتدخل من اجل إيجاد حل جذري لسطوة التطرف والتشدد في أنحاء البلاد وان دور الازهر هو نشر ثقافة التسامح والعيش المشترك والرجوع الي قولة تعالي عز وجل.. «لكم دينكم ولي دين». وان دور الدولة هو تطبيق مواد الدستور وتنفيذها، حيث جاء في المادة 53 من دستور 2014: المواطنون لدي القانون سواء وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم بسبب الدين او العقيدة او الجنس.

ان خطاب الكراهية يجب ان يتوقف وان النسيج الاجتماعي المتماسك في مصر عبر العصور وتعاقب الحضارات لابد ان يظل قويا ومتماسكا وان نزع فتيل النزاعات الطائفية هو دور مهم للدولة وللازهر حتي يتحقق السلام الاجتماعي المنشود وحتي يتوقف بث دعاوي التطرف المقيتة ضد المسيحيين كمايحدث ضد المرأة المصرية والذي يستشري كسرطان خبيث من قبل دعاة التشدد والتطرف والعنف.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف