الأهرام
علاء ثابت
من يحمى الشعب القطرى؟!
لم يكن ممكنا تجنب الكتابة مجددا عن النظام/ التنظيم الحاكم فى قطر الذى وصفته فى مقال سابق بأنه مصاب بحالة من الهذيان هى التى تفسر كل ما يتخذه من قرارات فى إدارته أزمة مقاطعة الدول العربية الأربع له بسبب إصراره على البقاء فى خندق الإرهاب. فلا يمكن لمؤمن بحق الإنسان فى ممارسة شعائره الدينية أن يمر مرور الكرام على قرار أمير قطر منع الحجاج القطريين من السفر للمملكة العربية السعودية لأداء فريضة الحج، بكل ما يحمله من انتهاك لحق أصيل من حقوق الإنسان، ومن تسييس للحج بعد فشل محاولاته السابقة أولا فى الدعوة لتدويل الحج وثانيا فى تمرير الادعاء بأن الدول العربية الأربع «تحاصر» الشعب القطرى وأن السعودية تستخدم الحج سياسيا فى إطار الضغط عليه.

وحيث إن الدول الأربع قد قررت منع قطر من استخدام المجال الجوى لتلك الدول، ونظرا لحساسية موسم الحج فقد وضعت السعودية بعض القواعد المنظمة لاستقبال الحجاج القطريين رأى الشعب القطرى أنها تلقى بعض الصعوبات عليه لأداء الفريضة، فبادر الشيخ عبد الله بن على آل ثانى حفيد مؤسس دولة قطر بزيارة خادم الحرمين طالبا منه مزيدا من التسهيل للحجاج، فرد خادم الحرمين بقرار استقبال الحجاج القطريين على نفقته الخاصة وعبر أسطول خطوط الطيران السعودية وإعفاء الحجاج القطريين من التصاريح الإلكترونية. وبالفعل طلب الطيران السعودى من نظيره القطرى السماح بهبوط الطائرات السعودية فى الدوحة لنقل الحجاج إلى المملكة، إلا أن النظام القطرى رفض الطلب.

الرد القطرى على المطلب السعودى لخدمة حجاج قطر أكد بما لا يدع مجالا للشك أن النظام القطرى غير معنى بتسهيل حج مواطنيه بقدر ما هو معنى بممارسة نوع من الغطرسة الزائفة تجاه المملكة. والأهم أن فضح الادعاءات القطرية لم يأت من جانب المملكة فقط، بل جاء من جانب الشيخ عبد الله بن على آل ثانى الذى صرح مخاطبا الشعب القطرى «يؤسفنى منع نقلكم عبر الطائرات السعودية من الدوحة لأداء الحج. علاوة على ذلك فإنه لابد من تأكيد أن قرار خادم الحرمين نقل الحجاج القطريين على نفقته وإن كان تأكيدا جديدا على السياسة السعودية الثابتة بعدم تسييس الحج وأنها لم تمنع يوما حجاج دولة لخلاف سياسى مع حكام تلك الدولة، فإنه فى الحقيقة جاء لإنهاء الأكذوبة القطرية بأن السعودية تقف ضد أداء القطريين فريضة الحج، ولتعرية أمير قطر أمام شعبه وأمام الأمة الإسلامية خاصة المجتمع الدولى عامة.

إضافة إلى ذلك، فإن قرار النظام ومنع الحجاج يشير بوضوح إلى حالة الضعف والخوف التى يمر بها النظام على المستوى الداخلى بتأثير من المقاطعة العربية. فأمير قطر لم يتخذ ذلك القرار نتيجة الخلاف مع السعودية فقط ولكن بسبب وساطة الشيخ عبد الله آل ثانى لدى خادم الحرمين. فحل مشكلة الحجاج التى كان يتذرع بها الأمير تميم عن طريق الشيخ آل ثانى يعنى بكل تأكيد إحراجا للأمير ويدعم مكانة آل ثانى ويرفع شعبيته بين القطريين. ودون أدنى شك فإن تلك النقطة تمثل التهديد الحقيقى الذى يسعى تميم للتعامل معه. فخروج المواطنين القطريين فى مظاهرات بصرف النظر عن حجمها وبدء ظهور شعارات معارضة للنظام بينما يصعد نجم الشيخ عبد الله آل ثانى، ثم فتح المجال للإدانة الدولية للنظام الحاكم من خلال قيام المنظمة العربية لحقوق الإنسان فى بريطانيا بتقديم شكوى عاجلة إلى المقرر الخاص للحريات الدينية للأمم المتحدة والمفوض السامى لحقوق الإنسان ضد دولة قطر، على اعتبار أن منع المواطنين من الحج يعد انتهاكا فادحا للحق فى ممارسة الشعائر الدينية. كل ذلك ينذر بأن الأمور فى قطر تتطور فى غير مصلحة النظام الحاكم، وبأن وضع الأمير ونظامه بات على المحك. وهو الأمر الذى يدفعنا لتأكيد أن منع الحجاج لن يكون الإجراء الأخير من النظام لإرهاب الشعب القطري، خاصة إذا مر قرار أو بالأحرى جريمة منع الحجاج دون موقف حاسم من الدول العربية ومن المجتمع الدولى حماية للشعب القطرى الذى سيدفع وحده فاتورة خطايا نظامه داخليا وخارجيا.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف