مصطفى هدهود
مصر والسيسي ومقاومة مخططات تقسيم الدول العربية
تلقيت كما تلقت شعوب الدول العربية بقلق بالغ أنباء تخطيط المسئولين الأكراد في شمال العراق لإجراء استفتاء شعبي خلال الشهر القادم بشأن الانفصال عن العراق وإنشاء دولة كردستان المستقلة في مرحلة تالية. وتتمشي للأسف هذه الإجراءات مع مخططات الصهيونية العالمية وبعض الدول الغربية لإجهاض الوحدة العربية وتفتيت وتقسيم الدول الإسلامية عامة والدول العربية خاصة إلي دويلات صغري تحقيقاً لرغباتهم الشيطانية.
وسبق أن نوهت في عدة مقالات سابقة خلال عام 2015 بأن الصهيونية العالمية تعمل منذ وعد بلفور عام 1917 بالتعاون مع الدول الغربية لتنفيذ عدة أهداف شاملاً محاصرة العالم الإسلامي والعربي من جميع الجهات وإضعاف العنصر البشري العربي والإسلامي وإنهاك اقتصاديات هذه الدول واستهلاك المصادر الطبيعية المتواجدة بأراضينا.
ولقد عملت الصهيونية العالمية علي تنفيذ مخططاتها الشيطانية علي مراحل. ونري ان المرحلة الواحدة يستغرق تنفيذها 31 عاماً ويرجع ذلك إلي ان المرحلة الأولي تضمنت الاستيلاء علي أراضي الفلسطينيين وزيادة معدلات الهجرة اليهودية من أراضي الشتات إلي فلسطين اعتباراً من وعد بلفور عام 1917 حتي إنشاء الدولة الإسرائيلية والاعتراف بها عام 1948 أي بعد مرور 31 عاماً.
ثم بدأت الصهيونية العالمية في تنفيذ المرحلة الثانية التي تضمنت استيعاب إسرائيل لأعداد أكثر من اليهود ومحاربة الدول العربية المجاورة لها من خلال حروب 1955 لإنشاء ميناء إيلات علي أم الرشراش وحرب 1956 وحصولها علي موافقة مصر لعبور سفنها من خلال مضيق تيران. ثم حرب 1967 للقضاء علي الجيش المصري وإجهاض الصناعات العسكرية المصرية والقضاء علي مشروعات مصر العملاقة في مجال الصواريخ بعيدة المدي والطائرات القتالية المتطورة والاستيلاء علي سيناء والجولان والضفة الغربية وبالرغم من مقاومة شعب مصر وسوريا وقيام الجيش المصري والسوري بدعم من السعودية بحرب 1973 وما تلاها من مباحثات سياسية انتهت الفترة الثانية عام 1979 بعد مرور 31 عاماً من إنشاء دولة إسرائيل بحدوث عدة أحداث أهمها توقيع معاهدة كامب ديفيد والتي من خلالها حصلت مصر علي سيناء والتي كان يصعب استردادها في حالة عدم توقيع هذه الاتفاقية ولكن علي الجانب الآخر نجحت إسرائيل في كسر طوق الحصار الاقتصادي والسياسي الذي كان يخنقها من خلال حصولها علي اعتراف مصر أكبر دولة عربية وإسلامية بدولة إسرائيل مما ساعد علي اعتراف العديد من الدول الأفريقية والآسيوية بدولة إسرائيل.
ونجحت الصهيونية العالمية في بث روح العداء بين الشعب السوداني شماله وجنوبه والأخطر هو موافقة فرنسا علي سفر الخوميني إلي طهران وقيام الثورة الخومينية عام 1979 كوسيلة لتقوية الجناح الشيعي مضاد للجناح السني الإسلامي وتم البدء في المرحلة الثالثة من المخطط الصهيوني اعتباراً من 1979 ولمدة 31 عاماً انتهاء بعام 2010 حيث خططت ونفذت هدفها الثالث وهو تأجيج النزاع بين الشيعة والسنة وإبرازه علي المستوي الإعلامي وصولاً لإقناع المواطن العربي والإسلامي بأنه يوجد فرق بين السنة والشيعة. وشجعت علي قيام الحرب العراقية ــ الإيرانية لاستنزاف السلاح المتواجد لدي الدولتين وتحقيق عائد اقتصادي للدول الغربية من خلال زيادة معدلات عمل مصانعهم الحربية وقتل ملايين المسلمين لدي الدولتين.
ونجحت الصهيونية العالمية بالتعاون مع الدول الغربية خاصة انجلترا والولايات المتحدة الأمريكية في تفتيت وإضعاف أكبر ثلاث دول من الكتلة الشرقية المعتمد عليها معظم الدول العربية لإقامة البنية الصناعية والحربية وتعليم وتدريب العنصر البشري العربي في مجالات العلوم العسكرية والصناعة الحربية حيث للأسف نجحت بأساليب مختلفة في تفتيت الاتحاد السوفيتي السند الرئيسي لدول مصر وسوريا والعراق والجزائر وليبيا وذلك من خلال زرع رئيس خائن وعميل للجانب الغربي ومن خلال مهاجمة يوغوسلافيا عسكرياً وتفتيتها إلي دويلات صغيرة وبعد ذلك تقسيم تشيكوسلوفاكيا إلي دولتي التشيك وسلوفاكيا.
وبعد تأكد الصهيونية العالمية من تحقيق أهدافها وعدم إنشاء كيان إسلامي مستقل داخل أوروبا بدأت في استكمال مخططات المرحلة الثالثة والتي استمرت 31 عاماً من عام 1979 وحتي عام 2010 حيث تم خلالها تشجيع الشباب الإسلامي والعربي للتوجه إلي أفغانستان والشيشان بزعم الجهاد ضد المد الشيوعي ولكن الغرض كان تدريب وتشكيل مجموعات شبابية قادرة علي حمل السلاح وتم التخطيط في نهاية المرحلة لتنفيذ ما يسمي بالربيع العربي المتضمن بداية الفوضي الخلاقة ونجحت الصهيونية العالمية خلال المرحلة الثالثة في تقوية الجناح الشيعي والسماح بامتداده داخل الدول العربية وفي نفس الوقت قامت بمساعدة وتقوية الإخوان المسلمين كتنظيم دولي حتي تجعل المواطن العربي والإسلامي مشتتاً ما بين الجناح الشيعي والجناح السني الإسلامي وتقليل الانتماء للوطن والحكومات المركزية وتوجيه انتمائه للجماعات الإسلامية المتعددة.
وللأسف وبالتعاون ما بين الصهيونية العالمية وإنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية ودول غرب أوروبا وسكوت الدول الشرقية تم بدء المرحلة الرابعة عام 1991 علي التوازي مع تنفيذ مراحل المرحلة الثالثة بحرب العراق الأولي تحت غطاء دولي مزعوم ثم حرب العراق الثانية واحتلالها حتي الآن ثم إنشاء تنظيم داعش ومساعدته عسكرياً ومالياً وتخطيطياً للاستيلاء علي ثلث العراق وسوريا وإيجاد خلاف بين الدول العربية في اتجاه سوريا والعراق واليمن وليبيا.
وتخطط الصهيونية العالمية لإنهاء المرحلة الرابعة بعد مرور 31 عاماً من بدايتها عام 1991 بتقسيم العراق ولذلك نري مؤازرة الكيان الصهيوني والصهيونية العالمية والولايات المتحدة الأمريكية لتنفيذ الاستفتاء الذي ينادي به قادة الأكراد في شمال العراق الذي يهدف إلي حصولهم علي موافقة المواطنين بشمال العراق للانفصال عن العراق وإعطاء خمس سنوات مهملة لتنفيذ حق المصير وإعلان دولة كردستان رسمياً وحصولها علي موافقة دول العام عام 2022 أي بعد مرور 31 عاماً من حرب العراق الأولي التي تمت عام 1991 وكان من المخطط تحقيق هذا العمل الشيطاني في ليبيا واليمن وسوريا قبل عام 2022. ولكن لولا قيام ثورة يونيو 2013 وتولي السيد الرئيس السيسي مقاليد الحكم عام 2014 ومجهوداته السياسية للحفاظ علي هوية الدول العراقية والسورية واليمنية والليبية الموحدة لنجحت الصهيونية العالمية في تنفيذ باقي مخططاتها الشيطانية.
ولذلك نري أهمية تكاتف قادة وشعوب الدول العربية مع الرئيس السيسي ومصر لمقاومة أهداف الصهيونية العالمية وعدم الموافقة علي إنشاء دولة كردستان بشمال العراق والحفاظ علي العراق كدولة عربية موحدة.
وأناشد كل مواطن عربي وكل قائد عربي وجامعة الدول العربية للعمل علي إجهاض هذا المخطط الصهيوني بكل الوسائل والتحرك إقليمياً ودولياً لأن نجاحهم في ذلك سيشجعهم علي تنفيذ باقي مخططاتهم خلال المرحلة الخامسة والتي بدأت عام 2010 وتنتهي عام 2041