عباس الطرابيلى
هموم مصرية .. إنتاجنا.. يعوض ألف معونة!
لماذا كل هذه الضجة حول حرمان مصر من مساعدات أمريكية قيمتها 95٫7 مليون دولار.. وتأجيل صرف 195 مليوناً أخرى.. وبعيدًا عن سبب هذا القرار الأمريكى.. أو حتى أن أمريكا تتعامل معنا بوجهين.. أقول لكل الغاضبين، وبالذات تجار السياسة، حتى تظهر صورهم فى وسائل الإعلام، لماذا لا نرى بنفس مستوى هذا الغضب من يطالب بزيادة إنتاج المصريين، لكى نوفر للبلد أكبر وأكثر من قيمة هذه المساعدة الأمريكية.. أقول ذلك إذا عرفنا كم تصل الموازنة العامة للدولة هذا العام. ونرد: أن الأرقام الممنوعة بقرار أمريكى لا تمثل شيئًا كبيرًا، بل نستطيع أن نعوض أكثر منه وبمراحل من عرق كل المصريين، ومن إنتاجهم.. أو على الأقل بخفض استهلاكنا من كل شيء.. إذ الملاحظ تصاعد أرقام الاستهلاك ودليلنا: نظرة بسيطة إلى حجم الزبالة التى تشوه حياتنا الآن.
<< ودعوة زيادة الإنتاج لها أكثر من وجه مثلاً: إذا زاد إنتاجنا تعودنا على ذلك. وسيؤدى إلى توالى الزيادات بما يغطى الاستهلاك المحلى.. ونزيد نسب التصدير للخارج.. والأهم نقلل من حجم ما نستورده.. أى كما يقول المثل الشعبى: نضرب عصفورين بحجر واحد.. ولكنها أحجار كلها فوائد!!.
ذلك أن أخطر ما يواجه الاقتصاد القومى الآن هو هذا الخلل الرهيب فى الميزان التجارى.. ويجب أن تعرفوا أننا نستورد بما قيمته 4 أمثال مما نقوم بتصديره.. والسبب -وبعيدًا عن ضعف الحكومة- أننا تحولنا إلى شعب من المستهلكين، بعد أن كنا شعبًا فى مقدمة المنتجين.. واسألوا أنفسكم: ماذا نلبس الآن مما نصنع.. بل ماذا نأكل مما نستورد!! وأمامنا القمح والزيت وفول التدميس!!
<< ورغم أن مصر سبق أن وقفت مواقف عظيمة من هذه المساعدات الأجنبية، سواء من أمريكا أو ألمانيا أو حتى صندوق النقد الدولى ويبدو أننا نسينا ذلك.. وكيف اعتمدنا على أن نأكل مما نزرع.. ونلبس مما نصنع.. أما نحن الآن يكفى أن نعلم أننا - حتى الفول المدمس - نستورده من طوب الأرض.. وتوابع هذا المدمس من عدس وثوم وزيت طعام.. أما رغيف الخبز الذى نأكل به هذا المدمس فنحن- ولا فخر- حصلنا على المركز الأول بين مستوردى القمح فى العالم.. أليست تلك قمة المأساة؟!
<< هل ننظم حملة قومية ذات شقين، الأول الحد من الاستهلاك ومن كل شيء.. والثانى زيادة الإنتاج مهما كان الثمن.. وهل تتوقف حملات الردح البلدى التى يمارسها بعض من يطلقون على أنفسهم أنهم سياسيون.. أو خبراء سياسة وأن ننطلق جميعاً ونركز جهودنا على زيادة الإنتاج.. لنعوض هذا المبلغ الأمريكى، وأكثر منه.. وبدلاً من الهجوم والشتائم والأصوات المرتفعة التى تهاجم الكونجرس الأمريكى تعالوا نقود حملة شعبية تدعو الفلاح والعامل.. كل فى موقعه ليزيد إنتاجه. وبدلاً من الإضراب عن العمل طلباً لمزيد من الأجور نجعلها دعوات «عملية» لإنقاذ الاقتصاد الوطنى.. مهما كان الثمن..
<< والنبى «بطلوا ردح» على هذه المعونة حتى ولو كانت حقاً لنا تم الاتفاق عليها فى اتفاقيات دولية.. ولم نتعود على دعوة صادقة لزيادة الإنتاج لنستفيد كأفراد.. وننقذ البلد كله من الضياع.. فهذا أفضل من كل عمليات الردح البلدى الحالية.