الـ.95.7 مليون دولار التى علقتها الولايات المتحدة الأمريكية من مساعداتها الاقتصادية لمصر مبلغ لا يذكر، ومبلغ الـ195 مليوناً التى أجلت دفعها ضمن حزمة المساعدات العسكرية لا يذكر أيضاً، العلة ليست فى المبلغ ولا قيمته، العلة فى الرسالة التى يحملها القرار الأمريكى أكثر من أى شىء آخر، إدارة أوباما سبق واتخذت إجراء شبيهاً، وهو ما يعنى أن إدارة «ترامب» تحذو حذوها، ما يؤشر إلى أن شيئاً لم يتغير فى سياسة الولايات المتحدة إزاء ما تشهده مصر بعد ثورة 30 يونيو 2013، إدارة «أوباما» حجبت جزءاً من المعونة تعبيراً عن عدم رضاها عن الممارسات السياسية التى تشهدها مصر عقب إسقاط حكم الإخوان، وإدارة «ترامب» تحدثت وهى تمارس نفس الإجراء عن الممارسات الحقوقية والديمقراطية فى مصر، تقديرى أن قفز كلمة «الديمقراطية» يحمل الدلالة الأهم فى الرسالة.
الحديث عن الديمقراطية أمر يرتبط بتداول السلطة عبر الانتخابات التى تجرى فى أى بلد، فالديمقراطية موضوع انتخابى بامتياز، نحن على أعتاب انتخابات رئاسية مقبلة منتصف 2018، اللهم إلا إذا كان لمجلس النواب رأى آخر، وأمضى ما صرح به بعض أعضائه من تعديل لعدد من مواد الدستور، بما فى ذلك المادة المتعلقة بمدة حكم الرئيس، لتمتد إلى 6 بدلاً من 4 سنوات، ولا أحد يعلم حتى الآن إذا صحت النوايا لدى مجلس النواب وأجرى التعديل، هل ستطبق المواد المعدلة بأثر رجعى، أم سيبدأ تطبيقها بعد انتخابات 2018، على الأقل فيما يتعلق بالمادة المتعلقة بمدة الرئيس، فى كل الأحوال تتزامن أحاديث الديمقراطية مع مواسم الانتخابات، الأمر الذى يفرض علينا ضرورة التفكر فى كلام الأمريكان عن الديمقراطية وهم يبررون قرار حجب جزء من المساعدات الاقتصادية والعسكرية عن مصر.
معلومة أخرى من المهم أن نأخذها فى الاعتبار ونحن بصدد فهم الرسالة المتعلقة بحجب المساعدات الأمريكية، نشرت جريدة الدستور قبل بضعة أيام خبراً يقول إن الفريق أحمد شفيق تواصل مع الجاليات المصرية فى عدد من الدول، من بينها الجالية المصرية بالولايات المتحدة الأمريكية لمناقشة أمر ترشحه فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، وبعيداً عن إجابات المصريين هناك عليه واختلافهم بين مؤيد للخطوة ومعارض لها، إلا أن المسألة فى كل الأحوال تؤشر إلى تحرك قام به «الفريق» فى الولايات المتحدة الأمريكية، وفى التوقيت نفسه كتب الفريق أحمد شفيق تدوينة على حسابه على موقع تويتر يسخر فيها من دعاة تعديل الدستور ويصف أفعالهم بـ«الصبيانية»، هذه الحقائق لا بد من وضعها إلى جوار بعضها البعض ونحن بصدد تحليل الخطوة غير المتوقعة من الإدارة الأمريكية، خصوصاً فى ظل وجود «ترامب» على رأسها.
ربما كان للرسالة الأمريكية مغزى آخر غير الذى ذكرت، لكن العقل يقول إن الهدف من ورائها لا يرتبط بحماية حقوق الإنسان فى مصر، فلو كان ذلك كذلك لما احتاجت الولايات المتحدة إلى اتخاذ مثل هذا القرار، وكان من الممكن التفاهم بخصوصه بين الإدارتين المصرية والأمريكية، حجب جزء من المساعدات الأمريكية يحمل رسالة غامضة، ربما تكشفت المزيد من أبعادها خلال الأيام المقبلة، لكن ظنى أنها تحمل دلالة تستحق التوقف أمامها والتفكير فيها بعمق.