مدبولي عثمان
دائرة الوعي .. الفرائض الغائبة .. متي تعود؟
عندما نتحدث عن " الفريضة الغائبة " يتجه تفكير الغالبية إلي الجهاد وينسون أن هناك فرائض كثيرة غائبة. وغيابها قد يكون أشد خطرا علي حاضر الوطن ومستقبله من غياب الجهاد. بل إن حضورها ضروري كمقدمة تسبق الجهاد سوء كان للدفاع عن الوطن أو مجاهدة النفس وشهواتها. وأري أن پتواجدها داخل نفوس المواطنين . وظهورها في تعاملاتهم مع بعضهم البعض سيؤدي إلي قوة المجتمع ونهضته وتقدمه وعزة مواطنيه مما يجبر الأعداء علي مهابته وعدم التفكير في الاعتداء عليه.
والفرائض الغائبة عن مجتمعنا كثيرة في مقدمتها الصدق والأمانة والشهامة والكرم والاخلاص والبر والإحسان والتفاهم والمشاورة والتضحية والمودة والتواضع والوفاء... وغيرها من الفضائل .وللأمانة نقول أنها ليست غائبة كليا ولكنها تتواجد لدي القلة.
وأتوقف في مقال اليوم عن الوفاء وأري أنها أكثر الفرائض غيابا. بل في كثير من الأحيان تنقلب إلي العكس . وجاء في معجم المعاني الجامع أن الوفاء هو إخلاص واعتراف بالجميل . أمانة . ثبات ومحافظة علي العهد وضد الغدر والنكران. جاء في المعجم الوسيط عن الوفاء: وفي الشيء يفي وفاء. ووفياً : تم. يقال: فلان نذره وفاء : أداه وعمل به. وأوفي بالوعد والعهد.
ومن معاني الوفاء التي أعجبتني قول ابن منظور في معجم لسان العرب الوفاء لغة: هو "الخلق الشريف العالي الرفيع " . وقول الإمام أبو حامد الغزالي في موسوعته "إحياء علوم الدين ج 2 . ص 184" الوفاء: " الثبات علي الحب وإدامته إلي الموت معه . وبعد الموت مع أولاده وأصدقائه ".
ومعني ثالث جميل جاء في موقع "عيون العرب": الوفاء يعني الاخلاص وعدم الغدر والخيانة. ويعني العطاء والود والحفاظ علي العهد مع من تحبه. ويعني التضحية والصبر والحرص وعدم تفريط بالشخص الذي تحبه والخوف عليه من الأذي ومراعاة شعوره وأحاسيسه وتقديرجهوده وعدم افشاء سره والعمل علي اسعاده".
وتوقفت كثيرا عند تعريف الوفاء إصطلاحا لإحدي الباحثات في رسالة للماجستير حيث تري أن الوفاء هو : خلقى عظيم يبعث علي إتمام الحق والبعد عن الغدر. بشكل يؤدي إلي المحافظة علي العهد مع الله ومع رسوله ومع النفس ومع الناس قولا وفعلا " . ودللت الباحثة علي عظم فريضة الوفاء بأن لفظة الوفاء ومشتقاتها وردت في السياق القرآني في 41 آية منها 10 آيات في سورتي البقرة وآل عمران. وللتدليل علي أهميتة فأن أكثر صيغ الوفاء في القرآن الكريم جاءت بفعل الأمر "أوفوا" الذي يفيد الوجوب. فقال الله تعالي في الآية 34 من سورة الاسراء: "وَأْوفُوا باِلعَهْدِ إنِّ العَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً". وقال سبحانه وتعالي في الآية 40 من سورة البقرة: "وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ".
پوأعرف صديقا وفيا قوبل بالغدر والجهود ونكران الجميل من غالبية من عاونهم ووقف بجانبه. ورغم ذلك يمنعه الوفاء لهم من الدعاء عليهم خشية تعريضهم لأي ضرر.
فمتي تعود الفرائض الغائبة ..؟!