قلنا مراراً وتكراراً اننا لا يمكن أن نعيش علي مساعدات الغير.. أياً كان هذا الغير.. وإننا يجب أن نعتمد علي أنفسنا.. لأن اليد التي تعمل يحبها الله.. وهي خير عنده من تلك التي تعودت علي أن تأخذ.. حتي ولو كان ذلك تحت شعار التفرغ لعبادته سبحانه وتعالي.
كل الأنبياء كانوا يعملون بأيديهم ويكسبون قوت يومهم.. وقيل في الأثر إن أحد الصحابة رأي شخصاً يواظب علي الصلاة وشبه مقيم في المسجد وعندما سأله: ومن يعولك؟! قال: شقيقي يعمل لكي نأكل أنا ووالدتي.. فقال:ـ لا فض فوه ـ شقيقك أعبد منك.
والمثل الصيني القديم يقول: يا صديقي لا تعطيني سمكة أأكلها.. ولكن اعطني سنارة اصطاد بها وأأكل منها كل يوم.
وقال الرئيس السيسي يوماً محذراً: إننا لا يمكن أن نظل معتمدين علي مساعدات الآخرين لنا.. وأنه آن الأوان لكي نعمل ونجد ونجتهد لبناء دولتنا التي نحلم بها جميعاً.
كل هذا تذكرته وأنا أتابع اللعبة الأمريكية المعتادة للضغط علي مصر.. وأقصد هنا قرار حجب 290 مليون دولار مساعدات بدعوي عدم إحراز القاهرة تقدماً في ملف حقوق الإنسان والمعايير الديمقراطية.. وأن ذلك تم بناء علي شكاوي نشطاء وحقوقيين مصريين!!
هذا ما تفعله الآن أمريكا التي حاولت قدر استطاعتها أن تفرض علينا من قبل نظاماً وحكماً يرفضه الشعب ومع ذلك مازالت مصرة علي السير عكس الاتجاه متجاهلة أن مصر التي ذكرها الله في كتابه الكريم أكثر من مرة وأكد رسولنا أن جندنا خير أجناد الأرض وأن أهلها في رباط إلي يوم الدين.. لن تنحني إلا للخالق سبحانه وتعالي.
الأمريكان لم ينسوا أن مصر استعصت علي تنفيذ مشروعهم بمنطقة الشرق الأوسط وأن شعبها أحبط مخططاتهم التي نفذوها في الخفاء تحت شعار ثورات الربيع العربي.. لأنهم يريدون تقسيم دول المنطقة ونشر النزاعات العرقية والفتن بها.. وإنشاء ما يسمي بالشرق الأوسط الكبير لتكون لإسرائيل فيه اليد العليا والطولي في كل شيء بدعوي أنها الدولة الديمقراطية الوحيدة.. في المنطقة كما يتصورون ويروِّجون!!
إنهم يرون إن حدود الدول العربية الحالية طبقاً لاتفاقية "سايكس بيكو" أكبر من اللازم وأنه يجب إعادة رسم حدود الدول وتقسيمها.. وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا بما تري الآن شواهده في دول شقيقة.. فالسودان تم تقسيمه.. إلي شمال وجنوب وهناك صراعات تحت السطح لمزيد من التقسيم.. والعراق تم غزوها وتحطيمها بدعوي تحقيق الديمقراطية ومازالت حتي الآن تعاني والانقسامات مستمرة والدماء تنزف فيها بغزارة.
وها هي حروب التدمير في البشر والحجر دائرة ولا تتوقف بكل من سوريا وليبيا واليمن.. أما المصانع في أمريكا فهي تدور لكي تبيع السلاح للمتناحرين من كل طرف.. وهي أي أمريكا تحصل علي البترول بأرخص الأسعار وتستنزف الموارد المادية للمنطقة لكي ينتعش اقتصادها وتظل القطب الأوحد علي حساب دمائنا ودولنا فهل نسمح لهم بذلك أو نتيح لهم الفرصة؟!
عندنا في مصر واقع الحال يؤكد أن بلدنا آمن واستعصي علي قوي الشر.. والشعب يخوض حرباً ضروساً علي الإرهاب والإرهابيين والدولة تكشف مخططاتهم أولاً بأول.. ورغم ذلك لا تتوقف حملات التحريض علي مصر.. لماذا؟!
لأنها ترفع السلاح بيد لقتال الإرهاب ودحره.. وتقوم بالبناء والتعمير باليد الثانية.. نشق الطرق لإقامة بنية أساسية لجذب الاستثمار ونعلن عن إنشاء مناطق اقتصادية عملاقة في قناة السويس التي حاول الاستعمار يوماً أن يسرقها منا أو يعلن تدويلها وفشل!
الشعب يقيم المصانع والمزارع لتوفير الاحتياجات والخروج من عنق الزجاجة التي تحاول قوي الشر أن تحشرنا فيه لتظل يدنا السفلي ويدهم هي العليا.. فماذا يفعلون؟!
استمروا في حملات التحريض ضد مصر من خلال شخصيات بالكونجرس الأمريكي لتحقيق أغراضهم التي فشلوا فيها سابقاً.. ولذلك كان القرار العجيب بحجب جزء من المساعدات الأمريكية الذي تصوروه ضربة "موجعة" ولكن خاب ظنهم هذه المرة أيضاً.
حيث جاء الرد من مصر الرسمية حاسماً لهؤلاء وغيرهم ومن خلال بيان كاشف في كلماته ومفرداته للخارجية يؤكد أن: قرار أمريكا بخفض المساعدات يعكس سوء تقدير لطبيعة العلاقة الاستراتيجية التي تربط بين البلدين.. واتباع نهج يفتقر للفهم الدقيق لأهمية دعم استقرار مصر ونجاح تجربتها وحجم وطبيعة التحديات الاقتصادية والأمنية التي تواجه الشعب المصري.. وهو خلط للأوراق بشكل قد يكون له تداعياته السلبية علي تحقيق المصالح المشتركة المصرية ـ الأمريكية.
فهل يفهمون هذه المرة مجدداً أن مصر عصية علي الركوع لرغباتهم ومخططاتهم التدميرية؟!.. وهل يتوقفون عما يفعلون؟!
بصراحة.. لا أظن.. ولذلك بلاها مساعدات مشروطة أو "مفضوحة" بمعني أدق.