مازال بعضنا يقيس الأشياء بناء علي تصورات مفترضة لا علي أساس حقائق، ومازال يزن الأمور بمكاييل الأوهام والأمنيات، لا بموازين الأرقام والمعلومات، ومازال ينظر للعلاقات الدولية بمنظور الأبيض والأسود، بلا درجات بينهما، ولا ألوان طيف. فإما تطابق الرؤي وإما القطيعة، وليس بينهما مسافات تقترب أو تبتعد.
هذا ما أظهرته الزوبعة التي ثارت خلال الأسبوع الماضي في وسائل إعلام ومعها شبكات التواصل الاجتماعي، بعد قرار الكونجرس بإلغاء مبلغ من المساعدات الأمريكية مجموعه 95.7 مليون دولار، وقرار وزير الخارجية بتعليق صرف مبلغ آخر قوامه 195 مليون دولار بدعوي انتظار حدوث تقدم في ملف حقوق الإنسان والجمعيات الأهلية!
وليست مصادفة أن يكون غياب المنطق وغيبة المعلومات المدققة ولي الحقائق، قاسماً مشتركاً بين ما طالعناه في صحف ووسائل إعلام أمريكية، وما تابعناه في صحف مصرية وفضائيات ناطقة بالعربية تطل علينا عبر القمر الصناعي المصري!
• • •
في قلب تلك الزوبعة، رأينا أكثر من فريق:
• فريق ينتمي لجماعة الإخوان يقبع عند حافة الطريق، يتحين أي فرصة للطعن في ثورة 30 يونيو وفي نظامها وفي الرئيس السيسي. ووجد في القرار الأخير ضالته لنشر أكاذيب بأن المساعدات قد ألغيت والعلاقات بلغت مفترق طرق، ووجد فيه فرصة للكيد للنظام وإطلاق الرهانات علي أنه صار في النزع الأخير!
ولفرط اندفاع أتباع هذا الفريق وأبواقه وراء أوهامهم، صاروا مثار سخرية من يقرأونهم أو يشاهدونهم، حينما تحدثوا عن نظام 30 يونيو، مرة كتابع مطيع للإدارة الأمريكية، ومرة كنظام مارق ينتهج كل ما يخالف أهداف السياسة الخارجية الأمريكية!
• • •
• فريق ثان.. اقتاده حماسه الوطني إلي إطلاق الصيحات للمطالبة بوقفة مع الصديق الأمريكي، ورفض المساعدات الأمريكية برمتها، وتحويل الاتجاه نحو الاتحاد السوفيتي (أقصد روسيا) لطلب السلاح نكاية في الكونجرس والإدارة الأمريكية، وكأننا مازلنا نعيش في أيام الحرب الباردة، وكأن مصر تدير سياستها الخارجية بأسلوب محال »المانيفاتورة»، وكأننا لا ننوع فعلاً مصادر السلاح، فنحصل علي ما نحتاج من حيث نريد، وكأن المساعدات العسكرية الأمريكية تقدم إلي مصر كإحسان وصدقة، فغضبنا لكرامتنا من انقاص مبلغ منها، وأنها ليست جزءاً من اتفاق يقترب عمره من 40 عاماً، وركيزة أساسية من ركائز تعاون استراتيجي ثنائي الاتجاه، يستهدف تحقيق مصلحة مشتركة هي تحقيق الأمن والسلام في المنطقة ومحاربة الإرهاب.
• • •
• فريق ثالث.. أحس بخيبة أمل من القرار، وشعر بالخذلان من الرئيس الأمريكي ترامب.
وأخذ يتساءل: أين ذهبت وعوده للسيسي، وهل لحس تعهداته بمساندة مصر؟
مازال أصحاب هذا القرار يتذكرون عبارات ترامب للرئيس المصري خلال زيارته في القمة التي جمعت بينهما في واشنطن يوم 4 إبريل الماضي.
يومها قال ترامب للسيسي: »إن لديكم صديقاً عظيماً وحليفاً وثيقاً هو الولايات المتحدة وأنا شخصياً».
وقال: »إننا ندعم مصر سياسياً بكل قوة للقيام بدورها الإقليمي في الشرق الأوسط وأفريقيا، ونحن نعرف دورها الإيجابي في حل القضايا».
وقال: »إننا نريد مصر آمنة ومزدهرة من أجل أمن واستقرار المنطقة، بل الولايات المتحدة والعالم».
وقال: »نحن ندعم مصر بنسبة 100٪ في مكافحة الإرهاب، وابقوا علي صرامتكم في مجابهة هذا الخطر».
وحينما نوه الرئيس السيسي إلي أن حقوق الإنسان لا تقتصر علي الجناة، وإنما هناك أيضا حقوق للضحايا وأسرهم لابد أن تصان..
رد ترامب قائلاً: لا يمكن إهدار حقوق الذين تفجرهم قنابل الإرهاب، والتحدث فقط عن حقوق الإرهابيين.
كان لأتباع هذا الفريق بعض المنطق في حيرتهم من بواعث القرار، الذي جاء علي عكس اتجاه التيار الجديد في العلاقات المصرية الأمريكية. لكن كانت تنقصهم معلومات وتفاصيل وحقائق، لاسيما عن عملية صنع القرار في إدارة ترامب. فلم يجد بعضهم إلا الأزمة العربية - القطرية سبباً لتفسير القرار، وتحدثوا عن تأثير النفوذ القطري »علي بعض وسائل الإعلام ومراكز صنع القرار، وكأن قطر الصغري تهيمن علي السياسة الخارجية الأمريكية، وهو أمر في رأيي أشبه بمن ينظر إلي ميكروب عبر الميكروسكوب فيتخيله من فرط التضخيم وحشاً»!
وربما لا يدري هؤلاء أن الرئيس السيسي حينما تحدث في مباحثات القمة المصرية الأمريكية عن الدول الداعمة للإرهاب وضرورة مجابهتها، طلب منه الرئيس ترامب أن يسمي هذه الدول، فرد عليه الرئيس قائلاً: اسأل أجهزتك، لا شك أنها تعرف كل التفاصيل!
وعندما علم ترامب بأسماء الدول وعلي رأسها قطر، طلب إدراج أسمائها في البيان الذي سيصدر عن المباحثات، غير أن بعض معاونيه ألح عليه في التريث، واللجوء إلي وسائل أخري غير البيان!
• • •
• الفريق الرابع، يتركز أساساً في صحف أمريكية وبعض محللين في مراكز دراسات وبحوث.
يجمع هذا الفريق أمران..
أولهما.. النقمة علي ما حدث في 30 يونيو، وأدي إلي تعطيل مخطط أنفقوا سنوات في دراسته والترويج له لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط وتقسيم دول المنطقة، علي الأقل تعطل المخطط بالنسبة لمصر.
وثانيهما.. الرفض الكامل لترامب وما يمثله في توجهاته الداخلية وسياسته الخارجية التي أعلن عنها، خاصة فيما يتعلق بالتقارب مع روسيا.
أتباع هذا الفريق يستندون في تقاريرهم الصحفية وأوراقهم البحثية عن مصر، إلي ما يتحصلون عليه من معلومات مكذوبة وبيانات مفبركة من جماعة الإخوان، وما كانت تقدمه لهم بعض منظمات المجتمع المدني في مصر الممولة أمريكياً، والتي صارت سبل التخابر والارتزاق والتلفيق تضيق عليها، في أعقاب صدور قانون الجمعيات الأهلية الجديد، برغم كل ما يمكن أن يقال عنه من ملاحظات وآثار جانبية.
ولجأ هذا الفريق إلي محاولة نقل العلاقات المصرية الأمريكية من قضية اختلاف رأي إلي مرحلة أزمة مستعصية، عن طريق ترديد أكاذيب حول العلاقات بين مصر وكوريا الشمالية والادعاء بأن الحكومة المصرية تخالف التيار الدولي العريض المعارض لسياسات النظام الكوري الشمالي.
حقيقة الأمر أنه لا توجد علاقات اقتصادية أو تجارية أو غيرها بين الحكومة المصرية وحكومة كوريا الشمالية أو أي من شركاتها. وموقف مصر واضح للجميع من الالتزام بكل قرارات مجلس الأمن المعنية بكوريا الشمالية سواء قبل عضويتها في المجلس، أو بعد انضمامها إليه. كما أنها طالبت بيونج يانج أكثر من مرة بضبط النفس عقب التجارب الصاروخية وعدم تصعيد التوتر في شبه الجزيرة الكورية وتجنب القيام بأي استفزاز في بحر اليابان.
لكن الغرض هو استثمار قرار المساعدات لتأزيم العلاقات المصرية الأمريكية وإثارة الرأي العام الأمريكي تجاه مصر.
• • •
ما الذي حدث إذن.. ولماذا حدث.. وهل تفارق العلاقات المصرية الأمريكية ربيع ترامب وتعود إلي خريف أوباما؟!
علي مدي 38 عاماً مضت، منذ توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، حصلت مصر علي ما يزيد علي 70 مليار دولار مساعدات أمريكية، معظمها خصص للجانب العسكري.
ظل مبلغ المساعدات العسكرية ثابتاً في حدود 1.3 مليار دولار سنوياً، بينما تناقصت المساعدات الاقتصادية من حوالي ٨٠٠ مليون دولار سنويا حتي عام ١٩٩٩ لتنخفض ١٠٪ سنويا، حتي وصلت في العام الماضي إلي ١٥٠ مليون دولار سنويا.
إجمالي المساعدات الأمريكية إذن يبلغ مليارا و٤٥٠ مليون دولار سنويا، وبرغم أنها لا تمثل شيئا ذا بال بالقياس للناتج المحلي المصري البالغ ١٫١ تريليون دولار، إلا أنها في شقها العسكري ساهمت في خطط تحديث القوات المسلحة علي مدي العقود الماضية.
منذ ٣ سنوات، وأثناء فترة رئاسة أوباما جري تعليق مبلغ ٦٥٫٧ مليون دولار من قيمة المساعدات العسكرية لعام ٢٠١٤ بمقتضي قانون قدمه السيناتور باتريك ليهي في أعقاب ثورة يونيو، كما جري تعليق مبلغ ٣٠ مليون دولار من المساعدات الاقتصادية.
وهذان المبلغان بإجمالي ٩٥٫٧ مليون دولار هما الجزء الذي قرر الكونجرس الأسبوع الماضي سحبه وإعادة توجيهه لدول أخري.
وبموجب قرار سابق للكونجرس في عهد أوباما، يلزم علي الإدارة الأمريكية تجميد نسبة ١٥٪ من المساعدات العسكرية لمصر أي مبلغ ١٩٥ مليون دولار، إلا إذا أثبت وزير الخارجية الأمريكي أن مصر تحرز تقدما في ملفي حقوق الإنسان والديمقراطية، أو إذا طلب صرف المبلغ كاستثناء لاعتبارات تتعلق بالأمن القومي قبيل حلول نهاية شهر سبتمبر.
وبالفعل طلب وزير الخارجية ريكس تيلرسون الاستثناء، لكنه علق صرف المبلغ لحين تحقيق تقدم في ملفي الجمعيات الأهلية وحقوق الإنسان!
قرار الكونجرس بشطب مبلغ ٩٥٫7 مليون دولار كان متوقعا لدي الحكومة المصرية.
وقرار تيلرسون بتعليق صرف مبلغ ١٩٥ مليون دولار من المساعدات العسكرية المخصصة عن العام الماضي، لم يكن مفاجئاً للحكومة المصرية، فقد أبلغه تيلرسون إلي وزير الخارجية سامح شكري قبل إعلانه بيوم واحد. لكنه مع ذلك بدا غير مواكب لمسار العلاقات، لذا كان بيان الخارجية المصرية قويا في وصفه للقرار بأنه »سوء تقدير لطبيعة العلاقات الاستراتيجية بين البلدين».
أثار انتباه المتابعين صدور قرار تيلرسون قبل ٢٤ ساعة فقط من زيارة الوفد الأمريكي المعني بعملية السلام إلي مصر برئاسة جاريد كوشنير صهر ترامب وكبير مستشاريه، ولقائه مع الرئيس السيسي.
البعض رأي في التوقيت جزءا من حالة الارتباك داخل الإدارة الأمريكية، ورغبة من بعض الأجنحة في إحباط زيارة كوشنير. والبعض رأي أن القرار لو صدر بعد الزيارة كان من شأنه أن يلحق أذي أكثر بالعلاقات المصرية الأمريكية.
• • •
غير أن هناك حقائق ينبغي النظر إليها عند تقييم القرار وأصدائه وتأثيراته علي العلاقات المصرية الأمريكية.
فالرئيس ترامب ليس وحده صانع القرار، فهناك الكونجرس الذي يضغط بعض أقطابه من الجمهوريين لخفض وتيرة تقدم العلاقات مع مصر بدعوي وجود مواطنين أمريكيين محبوسين علي ذمة قضايا تظاهر ينبغي الإفراج عنهم، وتقييد حرية الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني، ومن أبرز هؤلاء الأقطاب السيناتور جون ماكين المرشح الرئاسي الأسبق والسيناتور ليندسي جراهام رئيس اللجنة الفرعية للاعتمادات بمجلس الشيوخ، والنائب ماركو روبيو المرشح السابق في انتخابات الرئاسة التمهيدية.
أما داخل الإدارة الأمريكية، فما زال المسئولون عن ملف مصر في الخارجية الأمريكية وفي مجلس الأمن القومي هم أنفسهم الذين كانوا موجودين في عهد أوباما. ومن ثم لا تخفي بصماتهم قرار تيلرسون!
بينما داخل البيت الأبيض، لم يبلغ الفريق المعاون للرئيس ترامب مرحلة الاستقرار والتناغم، في ظل تغييرات متتالية جرت علي الفريق، وأعمال تصيد وملاحقة إعلامية لأعضائه، بغرض إفشال ساكن البيت الأبيض غير المرغوب فيه إعلاميا.
• • •
زيارة كوشنير لمصر في إطار جولته بالمنطقة التي اختتمها مساء الخميس بزيارة رام الله، كانت مخصصة لطرح أفكار تتعلق بتحريك عملية السلام، لكن بطبيعة الحال استحوذت العلاقات المصرية الأمريكية وقرار شطب وتجميد جزء من المساعدات، علي جانب من لقاء الرئيس السيسي مع كوشنير، وكذلك علي اللقاء المغلق الذي جمع كبير مستشاري ترامب مع وزير الخارجية سامح شكري.
ويبدو أن الرسالة المصرية التي نقلت لكوشنير لم تنتظر عودته إلي واشنطن لنقلها إلي الرئيس ترامب.
ويبدو أنه نقلها أثناء رحلة عودته إلي العاصمة الأمريكية، بعد انتهاء لقائه مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ليل الخميس في ختام جولته.
بالتالي جاءت مكالمة الرئيس ترامب للرئيس السيسي في الساعة الأولي من صباح الجمعة ليشرح فيها أبعاد القرار ويؤكد مجددا علي موقفه من العلاقات المصرية الأمريكية.
المعلومات المتوافرة عن المكالمة طبقا لمصدر رفيع المستوي، تؤكد أن أجواءها كانت ودية للغاية، وتعكس العلاقة الشخصية الوثيقة التي تربط الرئيسين حتي من قبل انتخاب ترامب.
كانت المكالمة مطولة، وحرص ترامب علي أن يجدد التزامه وحرصه علي تقوية علاقات الصداقة المصرية الأمريكية، ومواصلة تطورها. وفي إشارة لها مغزاها قال ترامب للرئيس: إنني حريص علي تجاوز أي عقبات قد تؤثر عليها.
• • •
ربما يكون لهذه المكالمة توابعها، وربما تسنح الفرصة خلال حضور الرئيس السيسي اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد ٣ أسابيع من الآن للقاء بينه وبين ترامب.
لكن لابد من إدراك مسائل مهمة في مسار العلاقات المصرية الأمريكية.
- أولها: أن طي الصفحة القديمة في العلاقات وفتح صفحة جديدة مسألة ليست يسيرة في ظل تشابكات الرؤي والحسابات بين مراكز صنع القرار. ومع ذلك يبقي الاهتمام الشديد من جانب الرئيس الأمريكي ببناء علاقة أكثر وثوقاً مع مصر، وحرص البنتاجون علي تعزيز التعاون مع القوات المسلحة، وهو ما تترجمه مناورات »النجم الساطع» المشتركة التي تعود من جديد الشهر المقبل بعد انقطاع دام ثماني سنوات، وقناعة دوائر عديدة في مراكز صنع القرار بأهمية العلاقات الاستراتيجية بين البلدين.
- ثانيها: أن مصر في تعاملها مع ملف العلاقات المصرية الأمريكية تكثف من اتصالاتها ومشاوراتها خلال الفترة القادمة بالذات مع أعضاء الكونجرس لشرح حقائق الموقف، لاسيما أن الصورة في أحيان كثيرة لا تكون واضحة وأن المعلومات في أحيان أخري تكون مستقاة من جهات غير محايدة أو ذات هوي.
- ثالثها: أن أدبيات السياسة الخارجية المصرية بعد ثورة 30 يونيو اختلفت -علي حد تعبير الرئيس السيسي نفسه- عما كان سائداً من قبل. فنحن لا نقبل التدخل في شئوننا بأي حال، مثلما لا نتدخل في شأن أي دولة، ومن ثم فلن نغير قانوناً يحقق مصلحة وطنية إرضاءً لأحد.
وفي ملف حقوق الإنسان بالذات، هناك رد حاسم للرئيس السيسي علي من يثيره معه في لقاءاته برجال الكونجرس.. فيقول: لماذا تعتبرون أنفسكم أحرص منا علي حقوق الإنسان المصري؟!
• • •
برغم كل ما أثير، وما يمكن أن يقال عن قرار شطب وتعليق جانب من المساعدات، تبدو العلاقات المصرية الأمريكية أكثر قدرة في عهد ترامب علي تجاوز أي عراقيل تصطنع، ويبدو أنها ودعت خريف أوباما، حتي لو اعتراها بين حين وآخر بعض سحب سرعان ما تزول.
سن القلم
العام المقبل يشهد مناسبتين تاريخيتين، في ١٥ يناير مئوية ميلاد الزعيم جمال عبدالناصر، وفي ٢٥ ديسمبر مئوية ميلاد الرئيس أنور السادات صاحب قرار العبور.
أتوقع تشكيل لجنة وزارية متخصصة للترتيب للمناسبتين وتنظيم برامج احتفالية تليق بهما، خاصة أن أمامنا خمسة أشهر فقط قبل حلول مئوية عبدالناصر.
أتابع الجهود التي تبذلها هيئة الرقابة الإدارية في ضبط الأسواق، وكبح المخالفات في حملاتها المستمرة بالعاصمة والمحافظات. غير أن الدور الجديد الذي أسند إليها في تذليل العقبات البيروقراطية أمام الاستثمار، هو - في رأيي - واحد من أهم المهام التي تضطلع بها لخدمة الاقتصاد القومي.. أسعد كثيراً كلما التقيت رئيسها الوزير المحترم محمد عرفان، وكلما استمعت إليه يقدم تقريراً شفافاً عن الإيجابيات والسلبيات في كل مشروع كبير أمام الرئيس السيسي قبل أن يفتتحه. ولفت انتباهي في أحد الاحتفالات عبارة قالها عنه الرئيس: »الوزير محمد عرفان يحظي بثقتي واحترامي».
أقدر في المهندس خالد عبدالعزيز وزير الشباب، هدوءه، ودأبه، ووعيه السياسي، وأيضا حُسن اختياره لمعاونيه.. من أهم نجاحات المهندس خالد مسابقة »إبداع» التي ينظمها سنوياً وتشرف عليها باقتدار الدكتورة أمل جمال سليمان وكيل أول الوزارة. هذا العام سيزول الظلم الإعلامي الذي أحاط بهذه المسابقة الرائعة والتي تستهدف اكتشاف الموهوبين في مجالات الآداب والفنون من طلبة الجامعات والمعاهد العليا العامة والخاصة. سوف يتسع نطاق هذه المسابقة لتضم مجال الإبداع العلمي في الابتكارات والمخترعات، بتنسيق نموذجي بين وزير الشباب والدكتور خالد عبدالغفار وزير التعليم العالي. خلال الشهور المقبلة ستنطلق هذه المسابقة الكبري برعاية إعلامية من دار أخبار اليوم وشقيقاتها المؤسسات الصحفية القومية ودعم من الهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام.. وستنتهي الفعاليات بمهرجان ضخم يجمع الموهوبين في احتفاليات كبري. ونأمل أن يضع الرئيس السيسي المسابقة تحت رعايته لتحقق الغرض الكبير المأمول منها في دعم القوة الناعمة المصرية.. الدور الحقيقي للمؤسسات الصحفية لن ينتهي بانتهاء المسابقة وإنما سيستمر في رعاية الموهوبين واطلاقهم لسماء النجومية.
الأول من أكتوبر المقبل يوافق اليوم العالمي للمسنين. هذا اليوم فرصة للتعبير عن الوفاء لكبار السن من الأقارب والمعارف والأساتذة وأصحاب الفضل في الحياة والعمل.
قلت للوزيرة النشطة غادة والي وزيرة التضامن: لماذا لا نسميه بـ»يوم الوفاء» ونحتفل بما يليق به في مصر كل عام؟
رحبت الوزيرة واتفقنا علي التواصل للتعاون بين الوزارة ودار أخبار اليوم من أجل هذه المناسبة.. أتمني أن تنظم في هذا اليوم زيارات لدور المسنين من جانب تلاميذ المدارس وطلاب الجامعات محملين بالهدايا، وأن يعلن عن فتح المتاحف ودور السينما والمسرح مجاناً لمن تزيد سنه علي ٧٠ عاماً، وأن تنظم الجهات والمؤسسات احتفاليات في هذا اليوم لتكريم المسئولين السابقين الذين أفنوا عمرهم في خدمتها.. والأفكار كثيرة.