الأهرام
أحمد عبد التواب
سر العداء للمقاهى!
هناك من يعترضون على وجود المقاهى من ناحية المبدأ! ويمكنك أن تُميِّز صوتهم وأن تتعرف عليهم من حُججهم ومن انفعالهم المُصطَنع وسط الحملة على المقاهى لأسباب أخرى مختلفة تتعلق بالعمل بلا تراخيص، أو بانتهاك شروط الترخيص بالضوضاء واحتلال الرصيف ونهر الطريق، وبالتهرب من الضرائب ومن التأمين على العاملين..إلخ. كما لا يطرح أعداء المقاهى بدائل كملتقى اجتماعى عندما يتعذر لقاء الأصدقاء بسبب ضيق الشقق، إضافة إلى تكريسها لمذاكرة الأبناء، كما أن المقاهى أضافت خدمات جديدة خلال السنوات الماضية صارت تلبى احتياجات مهمة لدى قطاعات عريضه تُقدَّر بالملايين، بعرضها للمباريات الرياضية المشفرة التى لم تعد الأغلبية تستطيع الوفاء بقيمة الاشتراك فيها.

يدارى أعداء المقاهى غرضهم من سعيهم للقضاء عليها قضاءً تاماً وتجريم نشاطها، لأنها، من ناحية، خلاعة وإثم وشر، وفق رؤيتهم الغريبة عن الأخلاق والسلوك القويم والتى يتساهلون فيها بتوسيع دائرة المحرمات وفرض الجهامة. ومن ناحية أخرى، فهى تنافسهم فى السعى لاجتذاب هؤلاء الروّاد للزاويا والمساجد التى يسيطر عليها الفكر المتطرف، حيث تجرى عمليات غسيل المخ وتجنيد من يمكن تجنيده، أو الاكتفاء بإعداده ليتلقفه تنظيم داعش وشركاه. ولم تكن صدفة أن يكون إغلاق المقاهى وتحريم عملها من أول مهام هؤلاء الإرهابيين فى سوريا والعراق.

المقهى مرشحة لأن تقوم بدور فعال فى خطة كبرى لمحاربة الإرهاب والحد من انتشار سمومه، ولكن بشروط الالتزام بالقانون، لتحدث مصالحة مع البيئة والجيران والمحليات والحكومة، ولاتاحة فرص عمل، ولتنشيط صناعة وتجارة المنتجات التى تقدمها لروادها، ولدفع مزيد من الضرائب مع كل نجاح وتوسع، ولتوفير خدمة يحتاجها السائح خلال جولاته.

ومن المطلوب، وبإلحاح، تشديد الرقابة، مع اعتماد التفتيش على المراقبين ومحاسبة كل فاسد صغير منهم يرتشى مقابل أن يغض الطرف عن كوارث الانتهاكات التى صارت تشكل معاناة شديدة لا يمكن السكوت عليها، ولكنها ينبغى أن تُعالَج فى إطار إدراك الدور الاجتماعى والسياسى والاقتصادى الذى يمكن للمقهى أن تقوم به، وليس الانجراف أو الاستسلام لدعوة إغلاق كل المقاهى وتجريم نشاطها.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف