«إن (عز) قدم طلب لجوء لبريطانيا، وعليه فقد جاء طلب الافراج عنه من لندن، وتم امهال السفارة المصرية ساعتين لتقديم الدليل». كان ذلك تصريح لمحامى الإرهابى عبدالرحمن عز، حيث استوقفنى مند أيام خبر عن اطلاق السلطات الألمانية سراحه ، وذلك بعد توقيفه بمطار برلين واحتجازه لمدة ثلاث ساعات فقط!!! على الرغم من مذكرة الإنتربول المصرى بتسليمه إلى القاهرة لادانته بالسجن30 عامًا فى قضية تعذيب المتظاهرين حول قصر الاتحادية وحصار محكمة مدينة نصر.
وقد جاء تصريح محامى هذا الإرهابى ليؤكد على ما قد ذهبت وأذهب إليه دائمًا حول مدى ضرورة وضع تعريف عالمى موحد واضح ومحدد للإرهاب، وربما الأهم هنا أيضًا هو الاتفاق على تعريف واحد بين الدول كافة حول الشخص الذى يرتكب الفعل الإرهابى هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإننى على قناعة تامة بأن أهداف مصر مع العديد من الدول الأوروبية ليست واحدة، ولا تتفق، ولن تتوافق على الأقل فى الأمد القريب، بل إنها قد لا تتوافق أبدًا، ولكن للعبة السياسية أبعادا مختلفة ومتعددة، وللعلاقات الدولية قواعد وشروطا، وأعلم علم اليقين بأن أعلى دوائر صنع القرار فى بلادنا تعى كل ذلك جيدًا وأكثر، لذا تتم إدارة الأمور بطريقة تستند إلى الكثير من الدهاء والحكمة.
وأعود معكم للخبر الذى جعلنى أتذكر عندما قامت السلطات الألمانية بنفس المطار أيضًا فى 2015م بتوقيف مذيع قناة الجزيرة أحمد منصور، واحتجازه يومين، على خلفية إدانته بالسجن 15 عاما لاتهامه فى قضية تعذيب محامى بميدان التحرير، وقد خاطب الصحافة والصحفيين حينها قائلاً: أنا أوروبى مثلكم، ولست مصريًا ، مشيرًا إلى جنسيته البريطانية!!!.
فبريطانيا تبدو وكأنها ان لم تكن بالفعل دولة الملاذ الآمن لإرهابى الإخوان، وليست بريطانيا وحدها، ففى مقال سابق لى كنت قد تحدثت بشىء من التفصيل عن تاريخ بعض من أعضاء جماعة الإخوان الإرهابية فى ألمانيا، والتى اتسم موقفها فيما بعد 30 يونية بالضبابية غير المفهومة فى الدوائر السياسية، غير أن الإعلام الألمانى كان أكثر وضوحًا، حيث أخذ على ترديد لفظ الانقلاب والهجوم المستمر على الدولة المصرية، خاصة بعد فض اعتصامى النهضة ورابعة، ومما هو معلوم أن ألمانيا تحتضن رجلا اسمه إبراهيم الزيات، وهو أحد أخطر قيادات التنظيم العالمى للإخوان، ومتزوج من ابنة أخت (نجم الدين أربكان) رئيس وزراء تركيا السابق والأب الروحى لحزب (العدالة والتنمية)، ويعتبر (الزيات) هو حلقة الوصل ما بين أموال الإخوان فى أوروبا ومسئول الأوقاف فى مؤسسة (رؤيا الملة)، كما يعد أيضًا أحد أهم القيادت الطلابية بـ(الحزب الديمقراطى المسيحى) الذى تنتنمى إليه المستشارة أنجيلا ميركل ورئيس البرلمان الألمانى نوربرت لامرت.
أيضًا هناك سعيد رمضان زوج ابنة حسن البنا، والذى كان له دور أساسى فى بناء (مركز ميونخ الإسلامى) بمساعدة «يوسف ندا» وبتمويل مباشر من المخابرات المركزية الأمريكية وقد كان لـه أيضًا دور مهم فى تجنيد العناصر وجمع المعلومات فى الشطر الشرقى من ألمانيا، مما مكن الإخوان من اتخاذ (ميونيخ) فيما بعد مقرا للتنظيم الدولى عام 1983 على يد مهدى عاكف.
وعمومًا فإن هذا الملف يحتاج إلى اهتمام أكبر وتنسيق أشمل بين الأجهزة المعنية، وتكون الملفات جاهزة بأكثر من لغة، وموثقة من وزارتى العدل والخارجية، لارسالها فور عملية توقيف العناصر الإرهابية.