الدستور
اللواء- طلعت-أحمد- مسلم
تناقضات فى السياسة وفى أسلوب الحياة
مع انتهاء الأسبوع الحالى وعطلة عيد الأضحى، تنتهى تقريبًا الإجازة الصيفية، ويبدأ عمليًا العام الدراسى، كما يبدأ عام سياسى جديد يتميز بنشاط جديد من مجلس النواب، ويمكن اعتبار أن علاقاتنا الدولية تدخل عامًا جديدًا يحدونا الأمل أن تكون علاقات تعاون وصداقة، وأن تنقشع سحابات الخلافات بين مصر وبعض الدول الأخرى، والتى تبدو بها تناقضات يصعب على المراقب المتخصص أن يفسرها، فما بالنا بالمواطن غير المتخصص، ودون التحدث عن البعض الذى يتمنى سوء العلاقات مع الدول الأخرى، وعلى أمل أن نفشل فى تحقيق أهدافنا فى التغلب على ما ترتب على سياسات سابقة أدت إلى وضع مصر الحرج، والذى ميز الأوضاع منذ عام ٢٠١١.

حيث توقفت عجلات الإنتاج، واتسمت أغلب القرارات بارتعاش الأيدى، كما ساد مناخ من الانفلات الأمنى جعل المناخ غير آمن، ومن المعروف أن هناك نوعًا من التناقض بين الانفلات الأمنى والتنمية. وأخيرًا فلقد بدأ موسم الحج فى ظروف اقتصادية صعبة وبالرغم من ذلك فقد سافر آلاف المصريين لأداء الحج وأنفقوا الكثير، رغم أن أكثرهم سبق له أداء الفريضة، كما أن البعض دخل المستشفى بمجرد وصوله إلى الأراضى الحجازية، وبدأ بعضهم إجراء الغسيل الكلوي أى أنه كان يعلم بحاجته إلى الغسيل الكلوى قبل السفر، ورغم ذلك فإنه سافر، والنتيجة أنه بعد أقل من أسبوع فقد عرض على عيادات البعثة المصرية نحو عشرين ألف مريض، ويبقى السؤال هل سافروا للحج أم للعلاج.. وهل ينطبق عليهم وصف من استطاع إليه سبيلًا؟

قبل أن أتناول بعض تناقضات السياسة أبادر بأنى أقدر الظروف الصعبة التى تمر بها مصر والمنطقة، ولكننى أقول إنها ليست هذه أول مرة تمر مصر فيها بظروف صعبة، لكنها كانت قادرة على أن تتخذ مواقف قوية، ورغم اختلاف الظروف فقد كنا وما زلنا واثقين فى اتخاذ الموقف القوى وتحمل ثمنه ونتائجه.

من مظاهر التناقض السياسى العلاقات المصرية مع الولايات المتحدة الأمريكية خاصة بعد القرار بخفض المعونة الأمريكية، ففى الوقت الذى تقرر فيه الولايات المتحدة خفض المعونة الأمريكية لمصر وربط القرار بـ«تحسن أوضاع حقوق الإنسان فى مصر»، وأن يكون رد فعلنا هو التأكيد على أهمية العلاقات بين مصر وأمريكا، وفى حين يتصل الرئيس الأمريكى بالرئيس المصري فإننا لا نسمع من الرئيس الأمريكى ما يمكن أن يطيب خاطر المواطن المصرى.

فى اعتقادى أن القرار الأمريكى لن يؤثر كثيرًا على قدرة القوات المسلحة المصرية على النمو وتحقيقها مهامها، فالمبالغ التى تناولها القرار ليست على النحو الذى يؤثر على قدرة قواتنا المسلحة، كما أن القيادة المصرية قادرة على اختيار البدائل، التى تغطى أية آثار سلبية للقرار. وهذا لا يبرر القرار.

من جهة أخرى فإن دور الولايات المتحدة، تحت رئاسة ترامب، فى إيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية والصراع العربى الإسرائيلى عمومًا غامض أو أنه لا شئ، ولا أدرى ما الفرصة التى تراها الإدارة المصرية لإيجاد حل عادل للقضية، كما أننا نلاحظ أن ما يجرى تداوله بعيد عن العدل، ونتمنى أن يكون أقرب إليه.

وما زلت أرى أن معبر رفح قد طال أمد إغلاقه، وما زلت أعتقد أن الشعب الفلسطينى يستحق اهتمامًا أكبر بقضايا حياته اليومية، وأنه لا يجوز أن يدفع ثمن أخطاء بعض أو كل قيادات حماس، وآمل أن نشهد قريبًا قرارًا مصريًا بفتح المعبر على نحو باقى منافذ الدخول والخروج المصرية.

ضمن تناقضات السياسة المصرية ما يجرى فى العلاقات مع السودان، وقد تابعنا تصريحات الرئيس السودانى مؤخرًا حول طلبه عرض قضية مثلث حلايب، وقبلها جرت مناورات سودانية على الحدود المصرية، وهو ما لا بد أن يعتبر عملًا غير ودى على الأقل، لذا فقد شعرت بنوع من التناقض بين تصريحات الرئيس السودانى وزيارة وزير الدفاع السودانى وما صاحبها من تصريحات، ولست من الذين ينفخون فى النار، ولكنى أرى ضرورة شرح الأمر حتى لا يتصور أحد أن القاهرة قد ارتعدت لتصريح الرئيس السودانى فهدأت من نبرتها، وإذا كان السودان مستعدًا لتفعيل اتفاقية الدفاع المشترك بين مصر والسودان فلنعلن ذلك.

فى ظروف مصر الاقتصادية الصعبة والتى قفز فيها سعر الدولار إلى أكثر من ضعفه كان من المتوقع أن تكون هناك إجراءات تقشفية على المستوى الحكومى مما كان يؤدى إلى خفض الطلب على العملة الصعبة، وإذا كان هذا مطلوبًا من الحكومة فهى مطلوبة أكثر من أبناء الشعب أو يسميهم الرئيس المصريين، هل لا حياة لمن تنادى؟
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف